16 - 05 - 2025

الرئيس الموريتاني يؤكد ضرورة حل النزاعات العربية داخليا وتعزيز القدرة على الصمود الجماعي في مواجهة الأزمات الإقليمية والدولية

الرئيس الموريتاني يؤكد ضرورة حل النزاعات العربية داخليا وتعزيز القدرة على الصمود الجماعي في مواجهة الأزمات الإقليمية والدولية

أكد رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية، محمد ولد الشيخ الغزواني، ضرورة حل النزاعات العربية ـ العربية تعزيزا لقدرتنا الجماعية على الصمود في وجه ما يجتاح العالم من أزمات أمنية واقتصادية وبيئية تؤثر انعكاساتها السلبية، بحدة، على انسجتنا الاقتصادية والاجتماعية وعلى تحكمنا في مسارات تطورنا المستقبلي.

جاء ذلك في كلمته، خلال مجلس جامعة الدول العربية، على مستوى المندوبين الدائمين، بمقر الأمانة العامة، اليوم الإثنين، بحضور الأمين العام أحمد أبو الغيط.

وعرض الرئيس الموريتاني، بعض الملاحظات حول واقع وضرورات العمل العربي المشترك، كذلك على مقاربة الجمهورية الإسلامية الموريتانية لأبرز التحديات العربية والإقليمية والدولية، مشيرا إلى أن الأهداف التي رسمها القادة العرب للجامعة العربية جعلت منها معقد أمل كبير للمواطن العربي. 

وتابع: فقد أنيطت بها، بحكم المادة الثانية من ميثاقها، مهمة توثيق الصلات بين الدول العربية وتنسيق خططها السياسية، تحقيقا للتعاون بينها وصيانة لاستقلالها وسيادتها، وكذلك مهمة توثيق هذا التعاون على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مشيدا بكل ما حققته الجامعة العربية من إنجاز في هذا السياق على مر العقود، وكذلك بالجهود الكبيرة التي بذلتها وتبذلها الأمانة العامة في سبيل ترقية العمل العربي المشترك وتطوير آلياته. 

وقال الرئيس الموريتاني، إن عملنا العربي المشترك لا يزال، من حيث النجاعة والفعالية، دون ما يتطلع إليه المواطن العربي، وتستجوبه التحديات القائمة عربيا وإقليميا ودوليا، متابعا: لكن صحيح كذلك، أن ما يوحد دولنا وشعوبنا العربية، عقديا، وتاريخيا، وثقافيا، وما يجمعها من مصالح ومصير مشترك لكفيل بتمكينها من سد ما في عملها المشترك من نقص أو قصور.

وأضاف أن العالم اليوم بفعل سرعة وقوة تأثير وتأثر البلدان بعضها ببعض وقوة ترابط اقتصاداتها وتداخل ضرورتها الأمنية والبيئية والجيوسياسية لا يترك لآحاد الدول فرصة كبيرة للتحكم منفردة في مسارها التطوري، لذا تتكاثر عبر العالم أشكال وصيغ التكتلات الاقتصادية والسياسية لما تكسبه لأعضائها من حضور وقوة على التأثير.

كما أكد أنه لا غني لنا كدول عربية، عن ترقية الجامعة العربية وتطوير العمل المشترك فعال لاستعادة الأمن والاستقرار في الوطن العربي، والانتصار على الإرهاب والتطرف، والتأسيس لتنمية شاملة ومستديمة، وأن وأول خطوة على هذا الطريق تتمثل في إسكات صوت السلاح في عموم وطننا العربي. 

وتابع: ولذا فإننا في الجمهورية الإسلامية الموريتانية نساند بقوة كل الجهود، العربية والدولية، الهادفة إلى حل النزاعات القائمة في اليمن وسوريا والسودان وليبيا على النحو الذي يضمن لهذه الدول وحدة وسلامة أراضيها ويضمن حق شعوبها في الاستقرار والأمن والنماء.

وجدد التأكيد على موقفنا الثابت القاضي بضرورة قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية طبقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ولمبادرة السلام العربية وأن في حل النزاعات العربية ـ العربية تعزيزا لقدرتنا الجماعية على الصمود في وجه ما يجتاح العالم من أزمات أمنية واقتصادية وبيئية تؤثر انعكاساتها السلبية، بحدة، على انسجتنا الاقتصادية والاجتماعية وعلى تحكمنا في مسارات تطورها المستقبلي.

ولفت إلى أن هذه الازمات الأمنية والاقتصادية والبيئية، في اعتقادنا، وثيقة الترابط فيما بينها، يغذي بعضها بعضا، في حلقة مفرغة هدامة، ولذا، لا بد من مقاربتها   على نحو شمولي، تكاملي ومندمج، وأنه على مثل هذه المقاربة، بنينا، في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، استراتيجيتنا الوطنية لمكافحة الإرهاب ولضمان استتباب الأمن والاستقرار ولرفع التحديات الاقتصادية والبيئية.

وأوضح أن منطقة الساحل، التي تقع بها بلادنا، تتعرض منذ سنوات عديدة لموجة من العنف والإرهاب، لم تسلم من أذاها أي من دول المنطقة، وقد تم اعتماد في مواجهة موجة العنف والإرهاب هذه مقاربة شمولية، فلم نقصر جهودنا، على مجرد تعزيز قواتنا المسلحة، في مواجهة الجماعات الإرهابية، عسكريا، بل عززنا ذلك بجهود موازية، كبيرة، لمكافحة الغلو والتطرف، فكريا، وإشاعة ثقافة السلم والاعتدال، وانشأنا مع بعض جيراننا مجموعة دول الساحل الخمس التي نتولى اليوم رئاستها الدورية لصهر جهودنا في إطار هذه المقاربة المندمجة.

 كما عملنا على مكافحة الجذور الاقتصادية، والاجتماعية للتطرف، من خلال مكافحة الفقر، والهشاشة، وآثار التغيرات البيئية، تأسيسا لتنمية مستديمة.

وأشار إلى أن بلاده تعمل على إنشاء شبكة أمان اجتماعي واسعة تشمل التأمين الصحي المجاني لما يناهز 15 في المائة من الأسر الموريتانية والدعم المستمر للقدرة الشرائية للمواطن والتوسع في بناء الوحدات السكنية الاجتماعية، وغير ذلك من الإجراءات الكثيرة الأخرى التي تنحو نفس المنحى.

واستكمل، قائلا: بذلنا جهودا كبيرة في سبيل ترسيخ الوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية، بمكافحة الغبن والتهميش وشتى أشكال التمييز، بانتهاج الانفتاح والحوار مع كافة الأطراف، من أحزاب سياسية، ومجتمع مدني، وقادة رأي، على اختلاف مواقفهم ورؤاهم، هذا بالإضافة علي التركيز على إصلاح منظومتنا التعليمية وعلى إرساء قواعد الحكامة الرشيدة، وترسيخ الحريات الفردية والجماعية، وترقية الشباب والتمكين للمرأة.

واستطرد: ذلك أننا مقتنعون بأنه، كلما ترسخت الحريات والحكامة الرشيدة، وتحسن مستوى إشراك المواطن في الشأن العام، كلما ضاقت منافذ التطرف والإرهاب، وتهيأت شروط الأمن والاستقرار، وتأتي إمكانية بناء تنمية مستدامة شاملة، وأنه لما كان من الشروط الأساسية لاستدامة التنمية رفع التحديات البيئية، عملنا على خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 11%، ورفع نسبة الطاقات المتجددة في إجمالي استهلاكنا الطاقوي إلى 50% في أفق 2030، وتتعزز جهودنا في هذا المجال ببرنامج واسع لتطوير الهيدروجين الأخضر هو الآن قيد الإطلاق. 

وقال :ولقد أطرت جهودنا، على مختلف هذه المستويات، إصلاحات اقتصادية كبرى أملتها ضرورة مواجهة الانعكاسات الكارثية لأزمة كوفد 19 والأزمة الأوكرانية، ومدار هذه الإصلاحات على بناء اقتصاد منفتح ومتنوع، فعال في خلق فرص العمل وإنتاج القيمة المضافة، وكذلك على ترقية قطاعاتنا الإنتاجية، لتحقيق أكبر قدر ممكن من الاكتفاء الذاتي الغذائي، وتطوير القطاع الخاص، ودعم شراكته مع القطاع العام، وتحسين مناخ الأعمال، وتحفيز الاستثمار، والمحافظة على التوازنات الاقتصادية الكبرى.

وأشاد بمسيرة التنمية في بعض الدول العربية، وأكد الحرص على تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية، إيمانا بحتمية ترقية عملنا العربي المشترك، باقتضاء ذلك ضرورة لتنويع وتكثيف تعاونهما الاقتصادي البيني، قائلا: لذا، فإن بلادنا تعمل جاهدة على أن تكون الدورة الخامسة للقمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية، المزمع عقدها يومي 6 و7 نوفمبر القادم في العاصمة نواكشوط، محطة متميزة في النهوض بالتعاون الاقتصادي العمل العربي المشترك.