01 - 11 - 2024

القاهرة المفترى عليها .. عراك البلدوزورات مع عظام عظماء مصر (ملف خاص)

القاهرة المفترى عليها .. عراك البلدوزورات مع عظام عظماء مصر (ملف خاص)

قبل أن نبكي علي تراث فقدناه ؟ مدافن مصر وتراثها .. من يحفظه ؟ 

بقلم: خالد عزب 

هناك للاسف غياب تام عن تراث مصر في منطقة القرافة التاريخية الممتده من مصر القديمة الي العباسية ، وبالرغم من ان قانون الاثار يلزم الدولة بتسجيل كل مبني او قطعة ذات قيمة فنية مر عليها قرن في عداد الاثار ، الا ان وزارة الاثار لم تسجل العديد من الاضرحة الاثرية التي ينطبق عليها هذا الوصف في عداد الاثار ، ويمكن ان نذكر منها : 

ضريح امير الشعراء احمد شوقي في السيدة نفيسة 

ضريح الشاعر حافظ ابراهيم 

ضريح الامير يوسف كمال 

ضريح الشاعر محمود سامي البارودي

وغيرهم من الشخصيات العامة مثل محمد محمود باشا ، يأتي هذا أيضا في ظل وجود إدارة للقاهرة التراثية في المحافظة التي تتبعها ادارة الجبانات، ويبدو أن الطرفين لا يتحدثان سويا ، وعلي جانب آخر في وزارة الاسكان والتعمير جهاز القاهرة التاريخية الذي أسس من أجل الحفاظ علي المدينة التاريخية . 

إن الذي نفقده يوما بعد يوم في جبانات مصر تراث سنبكي عليه ، ولولا فرق من المتطوعين قاموا بتسجيل وتوثيق هذا التراث لما تبقي منه أثر يذكر. 

الحقيقة المرة أيضا أنه أسفل هذه الجبانات تراث يحتاج إلي حفر أثري منظم، فهي منطقة بدأ الدفن بها منذ القرن السابع الميلادي ، وهناك طبقات أثرية قد تقود إلي كشف كنوز . 

ولنا أن نعرف أن ترث مصر هو تراث الموت، فما الأهرامات إلا مقابر الملوك وسقارة ما هي إلا جبانة الموتي نكتشف بمقابرها الكنوز يوما بعد يوم، ولذا فقرافة القاهرة ما هي إلا الامتداد الطبيعي لتراث الموت عند المصريين ، وعلماء الآثار يملكون حلولا عملية تجعل تنفيذ المحاور المرورية ممكنا دون أن نفقد تراثا وطنيا لا يقدر من حيث القيمة التاريخية، كوثيقة تسجل احداثا او تواريخ تشهد علي الماضي ، وهناك اقتراحات .. فمتحف الموت سيجذب آلاف الزوار من كل أنحاء العالم إلي مصر، والقباب الضريحية ستكون مزارات ولنا في ذلك نموذج مقابر بريطانيا خاصة في لندن التي تحولت لمزارات ، بل إن ضريح الشاعر الايراني حافظ شيرازي المستمد تصميمه من ضريح شاعرنا العظيم حافظ ابراهيم حولته إيران لمزار سياحي يجلب آلاف الزوار . 

من منا لا يفكر كذلك أن القباب الضريحية حلقة هامة في تاريخ العمارة المصرية، مثل قبة المعماري المصري مصطفي باشا فهمي ، بل إن العديد من التراكيب الرخامية في هذه القباب هي تحف فنية تزدان أيضا بخطوط خطاطين أعمالهم الباقية من النوادر. 

إن الحفاظ علي تراث مصر واجب وطني.

***

الوعي المفقود

بقلم: د. طارق فرج
(أستاذ علم المصريات)

لم أعد ادري هل نحن نعود بارادتنا بقوة الى الوراء عقودا فنصاب بالتخلف الحضاري ام ان هذه الحقبة من تاريخنا ابتلينا فيها بفئة من المسؤولين غير مؤهلين لمواجهة التحديات فكانوا وصمة عار في مسيرة حياة هذا الوطن؟ رجال هذه المرحلة ليسوا ككل الرجال وإنما هم أشباه رجال أو دمي متحركة أو خيالات مآتة او ما أشبه..

في خمسينات وستينات القرن العشرين أي اكثر من ٦٠عاما، كنا بصدد إنشاء السد العالي مما ترتب عليه ان تتكون وراءه بحيرة ناصر الهائلة (٥٠٠كم مربع) التي هددت تهديدا مباشرا بابتلاع آثار النوبة والسودان جميعها في جوفها وفقدانها للأبد وأهمها معابد أبي سمبل. 

في ذلك الوقت كان هناك رجال بحق أدركوا خطورة الموقف وشرعوا في إنقاذ تلك الآثار بمعاونة اليونسكو ، لأن الامر كان أكبر من أن تتحمله مصر وحدها.. ولذلك كان هناك تفكير علمي ورجال على قدر المسؤولية .. فكان هناك سباق مع الزمن .. إرسال عشرات البعثات الأثرية تقوم بالحفر والتنقيب عن الآثار في الأراضي النوبية ، قبل أن يدهمها طوفان الماء ، فيغرقها إلى الأبد .. أي أنه لابد من التأكد من خلو الأرض من الآثار قبل ضياعها ، وهذا هو منطق العقل والضرورة.

أما وأن حكومة المحروسة اليوم ، والتي قضى الله علينا ببلائها ، تقوم على مشروع أو مشاريع عملاقة مما استلزم هدم مبان بالآلاف في جبانات مصر ، منها ماهو أثري الطابع يعود إلى أوائل الفتح الإسلامي لمصر ، وخاصة تلك المنطقة التي تقع تحت سفح المقطم.. أقول أما وأنها بصدد هذا المشروع ، أما كان أولى بها مخاطبة وزارة السياحة والآثار بإرسال لجان أثرية تتفقد تلك المناطق المهددة برسم الهدم ، فيتم التنقيب فيها والتأكد من إخلائها من الآثار ، قبل أن تتقدم بجرافاتها فتهدم وتحطم ؟ ألم يكن من الممكن تفكيك كل ماهو أثري وإعادة بنائه في مكان آخر ، والاحتفاظ بتراثنا بين أيدينا للأجيال القادمة ؟

أليس هذا من المفترض منطقا وعقلا أن يحدث؟ أم أنه كتب علينا أن يظّاهَر علينا الجهلاء وأنصاف المتعلمين ، فتعلو أصواتهم حتى تصم آذان العقلاء والمستنيرين منا؟

وإلا مافائدة وزارة الآثار الآن؟ أقترح ، بعد أن تخلت عن كل وظائفها إلا الجباية ، أن تلحق بشركة عثمان أحمد عثمان للمقاولات كمعول هدم أو جرافة من الجرافات ، فهذا أليق بها في هذه المرحلة البائسة.
--------------------------

من المشهد الأسبوعية