سؤال يطرح نفسه و تصبح الإجابة عنه هي المحدد لميثاق العمل الوطني.
من يملك الوطن ؟ هل الدول ملك للحكومات تقرر فيها ما تشاء وعلى الشعب الطاعة ، أم إن الدول ملك للشعوب والشعوب هي من تختار الحكومات من خلال نواب الشعب الذين يختارهم بالإنتخاب لإدارة أصول الدولة؟
إذا سلمنا وفقا للمنطق والقوانين الدولية أن الإفتراض الثاني هو الأصح والذي يقول إن الدول ملك للشعوب والحكومات ليست إلا نوابا عن هذه الشعوب لإدارة أصول وموارد تلك الدول بما يعود على الشعب بالفائدة ، فلابد أن تكون هناك علاقة بين المالك ومن عيَّنه المالك لإدارة أصوله و موارده و توفير احتياجاته...
هذه العلاقة تقوم بدور الوسيط فيها فئتان لهما حق مراقبة الحكومة ومناقشتها فيما يجري على الأرض و في ذات الوقت لهم حق التواصل مع المواطن.
أولا: نواب الشعب الذين ينتخبهم الناس ويقومون بتعيين الحكومة و تقييم أدائها و الموافقة على ما تقدمه من مشروعات...
ثانيا: الصحافة و الإعلام و لهم دور هام في الرقابة على الحكومة و نقل آراء و أفكار أفراد الشعب اليها و كذلك نقل وجهة نظر الحكومة للشعب ..
فهل قام الفريقان بالدور المنوط بهما؟
اولا: ما حدث فيما يتعلق بنواب الشعب أنهم تخلوا عن مهمتهم في التعبير عمن انتخبهم، و أصبحوا المعبر عن الحكومة والموافق على قراراتها دون نقاش حقيقي يبرز السلبيات لتصحيحها و دون الرجوع لرأي الشعب الذي اختارهم للتعبير عنه فلم نسمع عن طلب إقالة وزير أخطأ ، أو أستجواب يهتز له مقعد وزير أو حتى طلب إحاطة لمناقشة قرار وزاري.
ثانيا: فيما يتعلق بالصحافة والإعلام اختفت صحافة الشعب التي تعبر عن معاناته وآلامه لتصل إلى مسؤولي الإدارة الذين ينوبون عن الشعب في إدارة شؤون الدولة، واختفت التحقيقات الميدانية التي تستبين آراء الشعب وتعرض معاناته وحتى إذا ما ظهر بعضها وهو أمر نادر جدأ فإنه لا يجد تفاعلات من المسؤولين، فالمسؤول لم تعد هناك رقابة عليه ، تملك حق عزله من منصبه أو محاسبته إن أخطأ ، بل إن الأسوا من هذا كله ظهور صحافة الشاشات التي لا تنفع إلا أصحابها، صحافة الإنجازات والتغني بالمشروعات وما يسعد الساسة ..
الغريب في الأمر أن الحكومة بعد كل هذا مازالت غير راضية عن الصحافة وتريد منها أن تجعل الشعب يفرح ويتغنى بما اتخذته من قرارات وما بنته من مشروعات رغم معاناته التي لم تأبه لها.
و الصحافة تريد من الشعب الذي لم تعبر عنه أن يرقص فرحا لما تنشره لإرضاء الساسة.
يا سادة .. الشعب هو السيد وهو من فوضكم لإدارة أصول الدولة التي هي ملكه بالأساس وهو من اختار النواب للتعبير عنه وهو من يدفع ثمن المقالات و البرامج التي تنشرونها عليه ...
عزيزي المسؤل الحكومي.. إن أردت أن يؤيدك المواطن و يفرح بما تقدمه من إنجازات، فاستبن أحوال الناس واعمل على تحسين ظروفهم المعيشية ، ليس بإعطائهم سمكة يأكلونها، لكن بتعليمهم الصيد كل حسب عمره و قدراته ...
عزيزي الكاتب الصحفي الكبير.. إن أردت أن يقرأ لك المواطن ويتابعك عبر عنه و كن صوته المدافع عن مصالحه، دفاعك عن الساسة و تطبيلك لهم غير ذي أهمية لدى المواطن الذي يعاني .
إذا أردت أن يقرأ الناس ما تكتب عبر عنهم ، انزل اليهم ، استبن آراءهم ، حاورهم...
"ملاك القصر"
دعونا نضرب مثالا: لنفترض أن أسرة تمتلك قصرا ، لكنها لا تجد ما تنفقه على احتياجاتها اليومية وأجرت بعض غرف القصر مقابل مبلغ معين، ثم تقدم لها بعض الأشخاص يعرضون إدارة القصر لصالح أصحابه وبالفعل أستطاعوا تجميل القصر وزيادة غرفه ثم تأجير غرف اكثر بالقصر، لكنهم كلما زاد ريع القصر زادوا في تزيينه بالتحف النادرة غالية الثمن التي تكلفهم مع أجور العاملين بالقصر ما يقرب من 90% من الإيراد، في حين تركوا أصحاب القصر في غرفهم مقابل ال 10% الباقية التي لا زالت لا تكفي إحتياجاتهم الأساسية ولا تقلل معاناتهم و شعورهم بالعجز ، فهل نقول إن الإدارة الجديدة نجحت؟ بالتأكيد لا. لأنها زادت دخل القصر ، لكنها أنفقت هذا الدخل الكبير وتركت أصحاب القصر في معاناتهم ...
إذا ما الحل؟
الحل يكمن في تطوير قدرات سكان القصر ليجدوا عملا مناسبا لكل منهم داخله، هذا العمل يوفر لهم دخلا اضافيا يضمن لهم حياة كريمة ...
* الحل في الإهتمام بتنمية قدرات الشعب.
* في النظر افقيا إلى مساحة مصر الكبيرة .
* بدلا من تسكين الأسر الفقيرة في شقق بعمارات رأسية لم يعتادوا عليها ، و لا يجدون عملا ينفقون منه على احتياجاتهم، يتم بناء بيوت ريفية لهم بحق الإنتفاع ، و يتم تدريبهم على إنشاء مزارع و صناعات صغيرة و تربية الطيور و الحيوانات المنزلية و الماشية التي توفر الطعام لهم و لغيرهم ...
* بدلا من أن تحدد الحكومة في تراخيص البناء بالصعيد والريف المصري بدورين فقط لكل مساحة من الأرض، عليها أن تضع في اعتبارها أن الفلاح يحتاج إلى الدور الأرضي لتربية الحيوانات المنزلية والطيور، ثم يحتاج إلى دورين للسكن هو وأبناؤه ، إذا فالترخيص بدورين يحرم الفلاح من فرصة تربية الطيور و الحيوانات المنزلية خاصة مع ارتفاع أسعار الأراضي و صعوبة الحصول على أكثر من قطعة أرض للسكن و تربية الحيوانات ..
* الاهتمام بالزراعة باعتبارها المخرج من أزمات الغذاء التي نواجهها ...
* توزيع أراض مستصلحة بحق الانتفاع لمن يريد على أن يسدد ثمنها من إنتاجها و لا يجوز بيعها.
* إنشاء أماكن تدريب على حرف تصلح للمصانع و المزارع في مراكز الشباب في أنحاء الجمهورية..
أما أذا قال أحدهم إن لدينا فقرا مائيا و لا نستطيع التوسع في الزراعة ، فسوف أحيله إلى التجربة اليابانية في التنمية حيث مساحة أرض صغيرة ، اغلبها تتعرض للزلازل وتجربة تصنيع عظيمة.
و إذا قال أحدهم إننا نعاني تهديدات مستمرة ، فسوف اقول له الدولة القوية التي تمتلك اكتفاء ذاتيا من احتياجاتها تستطيع الدفاع عن نفسها.
و ختاما أبتهل إلى الله أن يحفظ مصر و يرزق اهلها من الثمرات.
---------------------------------
بقلم: إلهام عبدالعال