على مدى العقود القليلة الماضية، كان هناك تحول بطيء في كيفية إيجاد معنى لحياتنا، وبدلاً من التعامل مع العمل كوسيلة لكسب العيش فقط، نُريد الآن أن نكون شغوفين بالعمل، نحن نبحث عن وظائف تمنحنا إحساسًا بالهدف: وجدت دراسة حديثة أن 83٪ من الموظفين يريدون معنىً في عملهم اليومي.
نحن نقضي نصف ساعات استيقاظنا - وأحيانًا أكثر - في وظائفنا، لذا فليس من المستغرب أن نرغب في الاستمتاع بها. بالإضافة إلى ذلك، أدت التغييرات الأخيرة في العالم والاقتصاد إلى قيام العديد من الأشخاص بإعادة تقييم أولوياتهم. ومع ذلك، يشعر 5٪ فقط من العاملين أن عملهم الحالي هو أكثر عمل ذو معنى يمكنهم القيام به. هل أنت من المحظوظين الذين يمكنهم القول بالفعل، "أنا متحمس لعملي"؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، فقد حان الوقت لتكتشف كيف تجد الشغف في العمل.
ما هو الشغف بالعمل؟
يعني شغفك بالعمل أن تشعر بالحماس حيال ما تفعله، أن تجد المعنى والغاية في عملك، أن تتعامل مع كل يوم بتركيز، ولا تختلق أعذارًا عن سبب عدم قدرتك على إنجاز الأمور. وكما لخصتها الأسطورة أوبرا وينفري: "الشغف هو الطاقة، اُشعر بالقدرة التي تنبع من التركيز على ما يثير حماسك".
هل أنت شغوف بالعمل؟ من السهل معرفة ذلك. ينهض الأشخاص الشغوفون من الفراش كل صباح وهم يشعرون بالنشاط والحيوية، أن تكون منخرطًا تمامًا وتفقد الشعور بالوقت في عملك، أن تُفكر دائمًا في كيفية القيام بالمزيد، والتطوير من ذاتك والمساهمة أكثر - وتعمل بجد لتحقيق هذه الأهداف. أن تظل ملتزمًا بمشروعاتك وشركتك، وأن تتعلم باستمرار وتنمو، عندها فقط يمكنك أن تقول حقًا، "أنا متحمس لعملي".
فوائد أن تكون شغوفًا بالعمل
سؤال "ما هو الشغف بالعمل؟" يقتضي أكثر من مجرد تعريف؛ فالشغف بالعمل يمكنه أيضًا أن يفيد نموك الشخصي والمهني، فضلاً عن نجاح شركتك؛ فقد وجدت الدراسات أن الموظفين "المرتبطون بغايتهم العُليا" - أولئك الذين لديهم شغف بعملهم - يحصلون على رواتب ومكانة مؤسسية أعلى، كما أنهم يشعرون بقدر أكبر من الرضا في وظائفهم ويميلون إلى البقاء مع نفس الشركة لفترة أطول.
لماذا يزخر الشغف بالفوائد؟ عندما تكون شغوفًا بالعمل، يمكنك ذوق هِبة الدافعية الداخلية واحتضانها، يزيد تركيزك، ولا تعود تخشى الفشل، وتصبح أكثر إبداعًا وابتكارًا. هذا هو نوع الطاقة التي لا يمكن للإدارة العليا للمؤسسات تفويتها، ويكافئونها بالترقيات والعلاوات والمكافآت.
كيف تجد الشغف في العمل؟
كونك شغوفًا بالعمل سيساعدك على تحقيق الإشباع في الحياة، وتكون أكثر إنتاجية وتكسب المزيد، يبدو الأمر رائعًا - ويمكن أن يبدأ الآن. إذا كنت تريد أن تكون قادرًا على أن تقول "أنا متحمس لعملي" اليوم وبقية حياتك، فاتبع هذه الاستراتيجيات الثمانية.
1- غيّر وجهة نظرك
إذا لم تكُن شغوفًا كفاية بالعمل، فأنت تعي بالفعل أن المعنى هو كل شيء، لكنك قد لا تعرف أنه يمكنك اختيار المعنى الذي تعطيه لتجاربك، حيث يمكنك تحويل وجهة نظرك للتركيز على الإيجابي، ويمكنك اختيار رؤية الخير في عملك، سواء كنت تقوم بتحسين حياة الآخرين، أو بناء منتجات يحتاجها الناس أو تساعد في الحفاظ على سير العالم بسلاسة.
2- اربط العمل بأهدافك
بينما نتطلع في كثير من الأحيان إلى العمل لتحقيق الإشباع، فإنه ليس من الضروري أن يكون هو كل شيء في حياتنا؛ نحن بحاجة إلى اكتشاف هدف أكبر، مثل رد العطاء لمجتمعاتنا، وقضاء المزيد من الوقت مع عائلاتنا أو السفر حول العالم، ثم إعادة ربط عملنا به. إذا كنت ترغب في قضاء بعض الوقت مع عائلتك ويسمح عملك بتحقيق توازن جيد بين العمل والحياة، فهذه إحدى الطرق التي تساعدك على تحقيق أهدافك الأكبر. (من الضروري أيضًا ربط عملك بقيمك العُليا، انظر ما القيم العُليا الخاصة بِك، التي تنيرك وتشعل الحماسة داخلك، -قد يكون السلام أو الحُب أو البهجة أو الوفرة أو التعاون أو العطاء أو التطوير أو الأمان أو الحرية أو أيٍ من المعاني الجميلة- إذا كان السلام من قيمك العُليا على سبيل المثال فابدأ في التفكير كيف يمكنك خلق مزيد من السلام من خلال عملك مهمًا كان).
3- تواصل مع الآخرين
هناك طريقة أخرى يمكنك من خلالها أن تصبح أكثر شغفًا بالعمل وهي أن تصبح شغوفًا بمن تعمل معهم، ابنِ علاقة مع زملائك في العمل، تعرف على عائلاتهم، اكتشف ما يحبون القيام به، اسأل عن أهدافهم في الحياة، إن الشعور بأنك جزء من فريق ومساعدة الآخرين على عيش شغفهم الخاص يمكن أن يجعلك تشعر بالشغف أيضًا، بالإضافة إلى ذلك، الشغف مُعدٍ - يمكن لحماسهم أن تلقي بظلالها عليك.
4- افعل المزيد مما تحب
كثير منا لديه جوانب من وظائفنا تملأنا بالشغف، وأخرى لا نحبها كثيرًا. ربما تحب ترأس اجتماعات الفريق الأسبوعية، لكنك تكره الأعمال الورقية. تحب تقديم العروض التقديمية، لكنك لا تحب التوظيف. أو تحب الكتابة ولكن لا تحب التقديم. قد لا تتمكن من تجنب القيام بأشياء لا تحبها، ولكن يمكنك البحث عن طرق للقيام بالمزيد من الأشياء التي تحبها في العمل.
5- اعتنق النمو
أحيانًا تتحول عبارة "أنا متحمس لعملي" إلى "أنا أكره وظيفتي" - وغالبًا ما يكون الملل هو الجاني؛ فكما يقول توني روبينز كثيرًا، "إذا كنت لا تنمو، فأنت تموت". لكي تشعر بالشغف تجاه العمل، يجب أن تنمو على الصعيدين الشخصي والمهني، حان الوقت للخروج من منطقة راحتك، انضم إلى مجموعة أو نشاط جديد في العمل، تطوع لمشروع أو مهمة جديدة لا تقوم بها عادة، ابحث عن مُعلم، ودائمًا غذِ عقلك بمعلومات جديدة.
6- خذ قسطا من الراحة
يبدو الأمر غير منطقي، لكن الابتعاد هو أحد أفضل الطرق لتصبح أكثر شغفًا بالعمل: بيل جيتس يفصل لمدة أسبوعين كل عام، وشيريل ساندبرج تغادر مكتبها الساعة 5:30 مساءً بالثانية. إن إعادة الاتصال مع نفسك أمرٌ أساسي، ولكن ليس عليك قضاء إجازة لا نهاية لها لتعيش وفقًا لهذا المبدأ. اذهب للتمشية وقت الغداء، ابتعد عن جهاز الكمبيوتر الخاص بك لمدة 10 دقائق كل بضع ساعات، ولا تتحقق من البريد الإلكتروني بعد ساعات العمل.
7- ضع في اعتبارك تغيير في الوظيفة
يمكن أن تساعدك هذه الإستراتيجيات في البدء في الشعور بالشغف تجاه العمل في الوقت الحالي، ولكن إذا لم تزل تتساءل: "ما هو الشغف بالعمل؟" ، فقد حان الوقت لإعادة التقييم؛ مخططك للحياة - الطريقة التي تعتقد أن حياتك يجب أن تكون عليها - لا تتوافق مع غايتك الحقيقية: قد تعتقد أنك بحاجة إلى المال والمكانة ومنزل جميل وسيارة، في حين أن ما تحتاجه حقًا هو مهنة تمنحك معنى. عندما تعيد فحص مخططك وغايتك، قد تجد أن الوقت قد حان لتغيير مهنتك.
8- اسحق معتقداتك المقيِدة
ما الذي يمنعك حقًا من أن تكون شغوفًا بالعمل؟ في النهاية، إنه الخوف؛ خوفك من الفشل يمنعك من المخاطرة. أو أن خوفك من عدم اليقين يبقيك محاصرًا في وظيفة تكرهها، فقط مقابل أجر. هذه المخاوف ليست حقيقية، إنها معتقداتك المُقيِدة التي تمنعك من الوصول إلى إمكاناتك الكاملة. حدد معتقداتك المقيدة وتغلب عليها، وستصبح حقًا لا يمكن إيقافك.
"أذا كُنت تريد الحياة التي يعيشها 1% من الناس، فعليك أن تكون على استعداد لفعل ما يفلعه 1% من الناس"، الغالبية العظمى من الناس ليسوا سعداء، وغالبًا ما تجدهم يشكون حالهم ولكنهم لا يفعلون شيئًا لتغييره، وتلك الشكوى المستمرة تغذي المشكلة أكثر فأكثر فـ"الطاقة حيثُ التركيز". إذا كُنت لا تجد الشغف في عملك، فبين يديك الآن خطوات وحلول لتجد الحافز والحماسة بشكل يومي في العمل، مما يحسن من وجودك وأدائك ويساعدك في الوصول لأهدافك. أدعوك لأخذ ما يناسبك من خطوات الآن، ليس غدًا، الآن، واستمر على الخطوات ولاحظ التغيير الذي سيحدث في نوعية وجودك ومستوى إنجازك وتفاعل الآخرين معك.
-------------------------
ترجمة: فدوى مجدي
(بتصرف عن الموقع الرسمي لتوني روبينزhttps://www.tonyrobbins.com/productivity-performance/passionate-about-work)/