الأسرة نعمة أو نقمة، وكذلك نتاجها في المجتمع المصري والعربي ، ومن هنا أنطلق في الدعوة إلى تجديد الخطاب الموجه إلى المراهقين والشباب ، من أهمية تجديد الخطاب الأسري للحصول على خطاب شبابي جديد مستند إلى التجديد التوعوي والتنموي.
للأسف يحيا المراهقون والشباب في الوطن العربي ، تحت مطرقة الإرعاب من الجميع ، ما جعل الكثير منهم وفق بعض التقديرات يفضلون الحياة خلف أسوار الاكتئاب والقلق والانسحاب والاغتراب ، لأن التأسيس الأسري كان ومازال مليئا بالخلل ، ما تسبب في كثير من العلل في المجتمع ومؤسسات الدول، بشكل لا يراعي احتياجات هذه المرحلة العمرية المهمة، ويفضل السلطوية المطلقة والإرعاب على الحوار والاستيعاب.
تحتاج الأسرة المصرية والعربية إلى الوعي الإيجابي ، وتوفير مناخ صحي للمراهقين والشباب ، للمساهمة في تقوية شخصياتهم ، وبناء قدراتهم ومعالجة مخاوفهم ، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم في مواجهة ظروف الحياة القاسية ، التي يواجهونها كل يوم في المدرسة والجامعة والعمل والمجتمع ، في ظل حملات إفساد لا تتوقف.
إن العائلات تستطيع بناء جيل قوي العلم وكريم الخلق وعزيز النفس ، عبر وقف عمليات التدجين والوصاية الأبوية ، والاستباحة المطلقة والقلق الأمومي المفرط ، والسلطوية العائلية الكاملة ، حتى لا تتأثر المنطقة العربية وكل دولها ، في وقت لاحق ، جراء خلق تلك البيوت لنفسيات هشة وأرواح خائفة وعقول مترددة ، وما على ذلك تبنى الدول وترتقي المجتمعات.
هناك أربعة محاور يقوم عليها مفهومي لتجديد الخطاب الشبابي ، عبر تعزيز العلم والهوية والأخلاق والتنمية ، وهناك من يتحدث عن الحاجة إلى التركيز أكثر على محاور أخرى مجتمعة هي : "الدين والاخلاق والصحة والأمان" ، وعلى كلٍّ هناك مساحات مشتركة في الرأيين ، والمهم هو البدء في تحصيل الوعي الإيجابي لمعرفة سبل الارتقاء بالعلاقات والمعاملات مع فلذات أكباد الأوطان والمجتمعات في هذا السن العظيم .
إن المراهقين والشباب في حاجة إلى الاستيعاب الإيجابي ، وبالتالي فإن الأسر المصرية والعربية في حاجة إلى استيعاب المتغيرات، وقراءة الواقع خاصة الاقتصادي منه وتوابعه ، بنظرة حكيمة للمستقبل ، من أجل استيعاب ما استجد من العلوم الأسرية الحديثة وتطبيقها على أرض الواقع ، ولهذا دورات ومسارات تثقيفية منتشرة على الفضاء الالكتروني والواقع البشري.
إن هذا الجيل الصاعد في حاجة إلى تعزيز العلم والهوية والأخلاق والتنمية والصحة والأمان ، في جو من الحوار العائلي والحرية المسؤولة التي تراقب السماء ولا تتهاون في صيانة النفس والروح والجسد ، مع المضي في تعزيز مناخ المحبة والبهجة واحترام الخصوصية والمصارحة والصداقة والمشاركة الإيجابية.
ثقتي كبيرة ، في حال تجديد الخطاب الشبابي ، انطلاقا من البيوت وصولا إلى صناع القرار ، بأن يكون الغد الشبابي أفضل للمجتمعات والأوطان ، والله أسأل التوفيق والسداد للأجيال المقبلة.
----------------------------
بقلم : حسن القباني