تشهد أجيال المراهقين والشباب حيرة وأزمة ، بما يعزز ضرورة ما أسميه بـ"تجديد الخطاب الشبابي" الموجه لهذه الأجيال الصاعدة كبداية لتصحيح كثير من الأوضاع غير الايجابية، التي تؤرق الغالبية من البيوت في المنطقة العربية.
احترام المراهقين والشباب ، واعتبارهم أملا لا عبئا، مربط الفرس في تجديد الخطاب الشبابي، الذي يقوم على تعزيز العلم والهوية والأخلاق والتنمية ، عبر ارتقاء الخطابات الأسرية والسياسية والاعلامية والدينية والصحية ، إلى مستوى اللحظة من أجل بناء خطاب إيجابي اصلاحي تصالحي تنويري توعوي، موجه للمراهقين والشباب، يبسط المفاهيم ويوطن الثوابت ، ويجبر الخاطر والضرر، ويبني مساحات تحفيز في الحاضر من أجل مستقبل أفضل.
لقد تحدثت في مقالاتي الأخيرة حول تجديد الخطاب الأسري، وأرى أننا بحاجة مماثلة إلى تجديد الخطاب الشبابي، فالتعامل السلبي المحبط مع المراهقين و الشباب، من جبهات عدة، أجبرهم على العيش في جلباب المرض والقلق ، دون مراعاة أنهم "مخلوقون لزمان غير هذا الزمان".
لقد بات كثير من الشباب، يشعر بأنه أمسى عبئا على هذا الزمن، لا أملا في إحداث تغيير أو صناعة فارق أو ترك اثر طيب، خاصة بعد أن باعدت الرياح بينهم وبين سفن أحلامهم، وباتوا ينظر لهم على أنهم نقطة قلق أو منجم ذهب استهلاكي، يحركهم النزق والمزق والشبق ، في ظل غياب محاضن الوعي والتفاؤل، وفرص السكن والمودة، مع تصاعد هجمات حملات التعصب والتطرف والفساد الأخلاقي، وانشغال الوالدين بتبعات الأزمة الاقتصادية، وتوغل عالم "ويجز" السحري.
ولله در الأديب الملهم الراحل أحمد خالد توفيق، الذي قال في مقاله ذات العنوان الساخر"شباب عاوز الحرق" (2009) :"الشباب ليس مجموعة من الملائكة، لكنهم ليسوا شياطين ..سوف يصيرون كذلك لو لم نفق من غيبوبتنا، ونحن لسنا ملائكة ولا شياطين .. نحن ملاحون خائبون غرقت سفينتهم أو كادت .. وعلينا أن نترك قطعة خشب واحدة طافية ليتمسك بها من يأتون بعدنا".
لقد أظهرت استطلاعات رأي حديثة أن الشباب العربي يعاني من ارتفاع تكاليف المعيشة والبطالة، ويبحث عن الاستقرار والسلام النفسي والتدين، كما جاء في استطلاعي شبكة "البارومتر العربي" لصالح شبكة بي بي سي البريطانية (يوليو 2022) و استطلاع أصداء بي سي دبليو السنوي الرابع عشر لرأي الشباب العربي الصادر من دبي ( أكتوبر 2022).
لقد فهم مطرب الراب "ويجز" مفاتيح الشباب والمراهقين، فكسب، وعلينا أن نفيق من نوم طال أمده، وأن نبادر بدفع تجديد الخطاب الشبابي، إلى طاولة المناقشات العائلية والعامة، لإنجاز ما يمكن انجازه في أوطاننا العربية ومجتمعاتنا الشرقية قبل فوات الآوان، والله المستعان.
-------------------------------------
بقلم : حسن القباني