28 - 09 - 2023

عاصفة بوح | جاءوا وجئنا فى المونديال

عاصفة بوح | جاءوا وجئنا فى المونديال

جاءوا بكل فجور الفحش وتجرئه الجديد غير المفهوم ، ليدافعوا عن الشذوذ الجنسي وكل شذوذ تحت مزاعم الدفاع عن حقوق  الانسان وخاصة الأقلية المثلية المضطهدة  في رأيهم ، وجئنا بكل النبل والقيم الإنسانية الأصيلة ندافع عن القضية الفلسطينية ، نأخذها من ظل التجاهل المقصود لنضعها فى بؤرة الاهتمام وتحت فلاشات مئات من وسائل الإعلام لنقول لهم أننا لا ننسى الأشقاء ولا الحقوق العربية وأن ما تقتضيه السياسة أحيانا  أو المصالح وغالبا الكثير من المؤامرات ، لا ينزل إلى قلب الشعوب ليغير من نظرتها للتاريخ والحقوق ولا يعبث بمفهوم العدل ليوائم مصالحهم ، إنما يظل ضميرهم يقظا ، ينبض بالحق مدافعا عنه مؤازرا له ، و تلك كانت  مفاجأة المونديال.

ظن الكثيرون أن القضية قد بهتت فى ذاكرة الأمة ، خاصة فى ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة الناجمة عن الحرب الأوكرانية ، أو هكذا يدعون ، وما فاجأنا فى السنوات السابقة من تطبيع فج وغير مبرر مع النظام الصهيوني  من قبل بعض الأنظمة ، خاصة أننا لم نر أي تنازلات أو مواءمات من جانب العدو طمعا فى السلام المزعوم وحلا للقضية ومع ذلك فعلوها ، ولكن جاء المونديال ليصفع وجوههم بالرفض الشعبي لهم وينبئهم بأن للشعوب ذاكرة لاتنسى الظلم ، ولا الجرائم المصنفة ضد الإنسانية ، وأنها حاضرة وحية وتعلن عن نفسها بكل زهو في المونديال

تم رفع الأعلام وأنشدت الأناشيد فى حب فلسطين ، معلنة بكل زهو أنها لم ولن  تنسى القضية وأنها باقية فى القلوب ، وتعجبوا من مفارقة أن الغرب الذى بذل المستحيل للدفاع عن حقوق الشواذ تحت شعار حقوق الإنسان ، لم يروا ذرة من تلك الحقوق من دولة تسلب وشعب يباد وأرض تحرق وأطفال تقتل وبيوت تفجر وعائلات تهجر قسرا ونساء وأطفال تنتهك آدميتهم بشكل بشع فى السجون الإسرائيلية ، ومع ذلك لم يروا أي ظل لحقوق الإنسان هناك .. عميت عقولهم وضمائرهم على حد سواء !

الأمر لم يقتصر على ذلك ، بل فؤجئوا بمقاطعة العرب وكثير من الأجانب لوسائل الإعلام الإسرائيلية ، صفعوا بمدى رفض المجتمعات لهم بعيدا عن مواقف حكوماتها الرسمية .. وتساءلوا  بكل أريحية : لماذا يكرهوننا؟ حتى أجابهم شاهد من أهلهم .. أحد الكتاب في صحيفة إسرائيلية مشهورة قال بكل صراحة: لقد رأينا أنفسنا على حقيقتنا في المونديال كدولة استعمارية عنصرية فاشية مرفوضة من الناس .. تلك كانت إجابتك أيها المتسائل

كانت مفارقة كبيرة ، كيف حاول العرب أن يعيدوا للقضية الفلسطينية وهجها وإعلانها للعالم ، وبين المحاولات الدنيئة لفرض واقع المثليين على مجتمعاتنا.. أصبحت قضيتان على رأس المونديال، كل يحاول الدفاع عن قضيته وشتان بينهما.

هذا واقع حياة ألفناها منذ بدء الخليقة ، مجتمع الأسرة الطبيعية رجل وامرأة وأطفال ، لاخلط بين هوية هذا وهوية ذاك .. بين قيم دينية إنسانية وأخرى تحاول فرض فكر مريض وشذوذ جنسى بالقوة على الاحتفالية، يسخرون من المنع وينشرون صورهم وهم يضعون أيديهم على أفواههم معلنين منعهم من الكلام عن حقوق هؤلاء المرضى النفسيين .. لكن عيونهم عميت عشرات السنين وشلت ألسنتهم عن ممارسات إسرائيل الشاذة في حق أصحاب الأرض ...يا للنفاق المذري.

جيش الغرب فى المونديال كل وسائل الإعلام لنصرة الشذوذ وإعلان رفضهم لتعليمات قطر احترام تقاليد ودين الدولة المضيفة وسط تجاهل تام من إعلامهم لمؤيدي فلسطين وحقوقها ، بل تم التركيز على معاناة إعلامييهم من رفض التعامل معهم، بل ووجهوا فى كل شارع بأن العرب لايعترفون إلا بفلسطين ، أما إسرائيل المحتلة فلا وجود لها عندهم.

تلك كانت رسائل الشعوب العربية والإسلامية للعالم ومعها كثير من الجنسيات بأنه لن يضيع حق ووراؤه  مطالب ، وذكروا الإعلام بقضية كفاح المجاهد والرئيس الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا ضد نظام الفصل العنصري والذي تم تفكيكه بعد ثمانين سنة من الاستعمار ، فلم تتصورون أننا كعرب ومسلمين أقل منهم صلابة ومثابرة فى الدفاع عن أوطاننا!

 مازلت لا أستطيع نسيان مدى احتفاء الناس العاديين عندما يقابلون أي فلسطينى في أي مكان ، بالمونديال أو فى الكعبة عندما تعارف العجوز والشاب وعرف أنه فلسطيني بكى وأخذه بالأحضان وقال له: سامحنا ، ليس بأيدينا شيء فعله سوى الدعم أو الدعاء .. أما من بأيديهم القوة اللازمة للتحرير فلهم حسابات أخرى.

 تحية هنا مني للألتراس العربى وخاصة المغربي والتونسي ، فما ينفكون يذكرون العالم بالقضية سواء محليا أو عالميا ويصرخون بكل حب وحماس فلسطين عربية ، ويرفعون الأعلام الفلسطينية كآخر دولة محتلة فى القرن الواحد والعشرين.

الجمعية العامة للأمم المتحدة جارت الحدث واعتمدت رسميا قرارا بأغلبية ساحقة عن حق الشعب الفلسطيني فى تقرير مصيره ، طبعا سننتظر ربما طويلا أن يطبق على أرض الواقع ، لكنها خطوة فى الاتجاه الصحيح!
--------------------------------
بقلم: وفاء الشيشيني


مقالات اخرى للكاتب

عاصفة بوح| عودة المؤامرة


اعلان