لم يكـن العنف سمـة بين المصريين الذين عرف عنهم على مر العصور الأمن والطيبة والسلام ومساعدة الآخرين.
لكن العنف أصبح ظاهرة انتشرت مع بداية الألفية الجديدة، وفي الآونة الأخيرة في الشوارع أو في أماكن التعليم أو العمل حتى وصل إلى داخل الاسرة بما نسمعـه وما ينشر كل لحظة عن اعتداءات على الأبناء أو الوالدين، فلم يعد العنف وارتكاب الجريمة قاصرًا على أماكن أو مناطق بعينها كالمناطق النائية أو المهجـورة.
وربما ساعدت الدراما في ترسيخ هذا النوع من العنف سواء باستخدام القـوة في استرداد الحقوق أو في لون كوميدي تنال من صور الأب أمام أبنائه إلى حد السخرية من أفعاله.
وفي دراسة قام بها المركز القومي للبحوث الاجتماعية على عينة من المجتمع المصري أشارت نتائجها عن أن نسبة العنف اللفظي تبلغ 41% من حجم عينة الدراسة ، والعنف الجسدي ما بين صفع وركل يشكل 29%، وتزداد الخطورة عندما نجد أن أكثر من 77% من عينـة الدراسة تبرر عنف الزوج تجاه زوجته، وفي دراسة أخرى يشكل العنف الأسري تجاه الأطفال نسبة 79.9 % من العينــة.
ولا يوجد عامل واحـد يفسّر انتشار ظاهرة العنف، فالعنف يحدث نتيجة تفاعل عدة أسباب سواء فردية أو ثقافية أو اجتماعية أو بيئية، وهذه الأسباب تعـود أصلًا لثقافة الانغلاق وفساد الثقافة العامة للمجتمع، وازدياد الفقر، واتساع الهوة بين الطبقات الاجتماعية المختلفة، وكذلك تعد وسائل الإعلام من أبرز أسباب انتشار العنف من خلال تسليط الضوء على الجرائم بصورة مكثفة وهو ما يجعل الجريمة سهلة.
نحتاج إلى تدخل سريع لمواجهة هذه الظاهرة، بالجمع بين أسلوب المقاومة الأمنية الفورية بمعاقبة الجناة وتحقيق التواجد الأمني وبالمقاومة الوقائية والعلاجية بتوجيه الخطاب المباشر إلى الأماكن التي يحتمـل تفريـخ أجيـال تتسم بالعنف بين صفوفها وبتحسين الأحوال الاقتصادية والاجتماعية لأفراد المجتمع، واشاعة قيم التسامح والعدل والرحمة، والبدء سريعًا في حوار وطني يتسع لكل الفرقاء المتحدين على هدف واحد وهو خدمة هذا البلد، وأمنه وسلامتـه.
-------------------------
بقلم: محمـد جلال عبد الرحمـن
بريد إلكتروني: [email protected]