10 - 06 - 2025

البيوت وإدارة الاختلاف والخلاف

البيوت وإدارة الاختلاف والخلاف

في جسد الوطن مضغة إذا صلحت صلح الوطن كله، وإذا فسدت فسدت الوطن كله، ألا وهي الأسرة، لذلك أنا مؤمن جدا بأهمية التنمية الأسرية المستدامة وتجديد الخطاب الأسري ، حتى نستطيع تصحيح ما يلزم حاليا، وتطوير ثقافة الأجيال القادمة ، ومن بين ما نحتاجه في البيوت، فقه إدارة الاختلاف والخلاف، لتجنب توابع إهمال مثل هذه المرتكزات في بنية المجتمعات وعقولها وضمائرها.

هناك فرق بين الاختلاف والخلاف، وفي هذا يقول وكيل الأزهر الشريف السابق د.عباس شومان في مقاله (بين الاختلاف والخلاف) :" الاختلاف والخلاف من مادة واحدة، ولكن جرت العادة على استخدام الاختلاف في التنوع والتعدد وتلاقح الأفكار والتدافع بين الآراء واختلاف الحجج والبراهين، ومنه ما يكون بين العلماء من اختلاف فى الرأى وبذل الوسع للانتصار له، أما الخلاف فيكون فى التنازع على الحقوق وتعارض المصالح".

والعلاقات لا تخلو من الاختلاف والتنوع، قال تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾، وقديما قالوا:" :"الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية"، ولذلك من المهم للمقبلين على الزواج أو الوالدين، تعلم فقه ادارة الاختلافات حتي نستطيع أن نبني ثقافة أسرية صحيحة تتعامل مع الاختلاف والتنوع بحكمة وحصافة حتي لا تتطور الاختلافات إلى خلافات.

إن إدارة الاختلاف، فن له أسس ، وإن الوعي به في الأسرة هو حصانة الفرد والمجتمع والوطن، من أجل حاضر إيجابي ، ومستقبل أفضل، يتأسس على عقول تؤمن بالتنوع والاختلاف والتعايش المشترك تحت سقف واحد، بدلا من التعصب والخلافات والمناكفات ، والغلو في الدنيا والدين، والاستغراق في الأحادية، والأنانية، والإقصاء، وإنكار الآخر.

ويحذر د.أمجد أحمد أبوجدي أستاذ الإرشاد والتقييم النفسي في جامعة عمان الأردنية في مقال له من أنه في الوقت الذي نخفق فيه في إدارة الاختلاف فإننا نسهم في إشعال الصراع والنزاع، لذا لابد – والكلام له - من النظر الى الاختلاف والتنوع باعتباره موردا بشريا، يؤسس لقاعدة عريضة وحيوية للنهوض بمختلف مجالات الحياة.

وإدارة الخلاف الزوجي ، علم كذلك له أسس وضوابط ، وله خبراء ومستشارين، حتى تحسن العائلات إدارة حياتها، وتطيب علاقة الزوجين، ويتعلم الأولاد بالقدوة تنظيم خلافاتهم ، فتنجح الأسرة وينجو الوطن من توابع خلق أجيال تؤمن بالصراع منهج حياة، ومن أهم ضوابطه ، وفق ما يرى خبراء، تجنب الإهانة والمناكفة والسلبية العدوانية ، وتعلم مهارة إدارة المشاعر والسيطرة على الانفعالات، والالتزام بأخلاقيات التغافل و التغافر والتسامح  والمرونة، والاعتذار والتصحيح.

إن هناك أضرارا كبيرة تتكبدها الأوطان والشعوب بسبب عدم التنشئة الصحيحة في البيوت على قيم إدارة الاختلافات والخلافات، ولابد من الوعي بها الآن قبل فوات الآوان.

اللهم قد بلغت اللهم فاشهد
-----------------------------
بقلم : حسن القباني

مقالات اخرى للكاتب

لن نعيش في جلباب الماضي