تحتاج البيوت، في هذه الأوقات الاقتصادية الصعبة، إلى حكمة ووعي وتضافر جهود ، من أجل توفير مناخ الحماية والوقاية من أي تعثر.
إن الاعتدال المالي، من الأهمية بمكان لتجاوز هذه الأيام الثقال، وهو ما نصح به الكثير من المعنيين باقتصاديات البيوت، وبالتالي على الأسرة أن تكون أكثر حكمة في تلك المرحلة، لأن نقودها المتوفرة تعتبر درعا مهما في وجه التحديات.
ومع أهمية حلول التنفيذيين، فإن المطلوب الآن من رعاة البيوت ، وفق ما يقول خبراء، ترشيد الانفاق وتأجيل القرارات الكبرى وتقنين الاستهلاك وتغيير طرق الشراء، ومحاولة تلبية احتياجات الأسرة من المشتريات بأقل تكلفة ممكنة، عبر ترشيد المصروفات والنفقات تحت شعار "الأولى أولا" ، والاستغناء عن المواد التي لا توجد إليها حاجة فعلية، والتفكير الجدي في التوفير ولو أقل القليل، مع تعويد الأطفال على ذلك ما أمكن.
إن ضغوط الغلاء قد تؤدي إلى غليان داخلي بالبيوت، وعلى الزوجين/الوالدين، مهمة كبيرة في استيعاب كيفية إدارة العلاقات تحت هذه الضغوط، فلا شك أن تنمية الحب دون الخبز لا يكفى للاستقرار، والتركيز على تنمية الخبز دون الحب لا يصلح العلاقات، وبالتالي فالسير في مسار تنمية الحب والخبز معا بات واجب الوقت.
وهنا سألجأ إلى نموذج (فوران الحليب ) فاستمرار الغليان (الضغوط - التراكمات ) دون انتباه ( ود - رعاية - اهتمام - تقدير - وقوف ومساندة – شراكة وتشاور .. الخ ) سيؤدي إلى الفوران المفاجيء (الصدام - الشقاق -الغضب -الخصام ...الخ)، ولذلك فإن نظرية ابريق الشاي (التنفيس) مهمة جدا، عبر زيادة مساحات التنفس ( عدم فرض الوصاية - الحوار البناء - النقاش الإيجابي - الابتعاد الإيجابي - الايمان بقيمة الخصوصية واحترام الاقتراحات )، وعدم الطبق على النفس ( الالتصاق - التفتيش في الضمائر وفي المواقف) فذلك مهم للتنفيس ووأد الأزمات.
وعلى التوازي مع ذلك، أجد أهمية كبرى، في التزام كبار رجال الأعمال وصغارهم بالعدل والأمانة في البيع، والبعد عن الاحتكار والجشع والتطفيف، فالمطففين والمحتكرين وبال على المجتمع والبيوت وأنفسهم، لأنهم يشكلون استنزافا مستمرا لميزانية بيوت أرهقها التفكير والمسئوليات، وستعود الكرة عليهم في وقت ما، اذا استمر تحميل الأعباء على المستهلك وحده دون رحمة أوعدل، وهنا الرقابة التنفيذية مهمة والتوعية الدينية مهمة جدا ، والملاحقة الإعلامية الأمينة من الأهمية بمكان.
وفي تلك الأوقات الصعبة ، تبرز مكانة الفضل والإحسان والتكافل في إدارتها، فهناك بيوت مسكينة ومؤسسات خيرية ترعاها، في حاجة إلى استمرار الإحسان والدعم، وبالتالي فالقليل قد يوفر حماية للمنظومة الخيرية، مع التزام هذه المؤسسات بتقشف حكيم وعدم اللجوء للإسراف في الإعلانات والإداريات، والله المستعان على ما نواجه جميعا.
---------------------------
بقلم : حسن القباني