14 - 07 - 2025

مطلب الدفء في الأجواء القارسة

مطلب الدفء في الأجواء القارسة

مع قدوم فصل الشتاء، أي شتاء، ومع تغير المناخ، أي مناخ ، بات سؤال الدفء مطلبا حقيقيا ملموسا على مستويات عدة، سواء على مستوى الطقس القارس في مواجهة الصقيع والبرد، أو على مستوى العلاقات الانسانية في مواجهة الجفاء والبرود، أو على مستوى العلاقات السياسية في مواجهة الحرب الباردة الدائرة، أو على مستوى الأوضاع الاقتصادية، بحثا عن الدفء للجيوب العارية المرتعشة.

نحن في حاجة ملحة لنبصر المحتاجين للدفء بالمعنى الطقسي مع قدوم فصل الشتاء برياحه العاتية وبرقه المرعب ورعده المخيف وسيوله الجارفة وأمطاره الغزيرة ، سواء الفقراء في الأحياء المسكينة في مصرنا العزيزة أوأوطاننا العربية والافريقية ، أو النازحين في مخيمات اللاجئين المتناثرة هنا وهناك على امتداد الخارطة، ممن ينتظرون الغطاء و الطعام والدواء والكساء، بينما الأزمة الاقتصادية تفتك بالرعاة سواء مؤسسات حكومية أو مجتمع مدني.

ونحن كذلك في أمس الاحتياج إلى نشر الوعي بأهمية دفء العلاقات الإنسانية والاجتماعية ومحاربة الصقيع الاجتماعي والبرود الإنساني من أجل تجاوز مآسي كثيرة تحاصر مجتمعاتنا العربية وبخاصة بيوتها ومراهقيها وشبابها ، تمتليء تفاصيلها بالجفاء والبرود والشحناء والبغضاء، وتنتهي بعضها بشكل غير إيجابي.

وعلى الصعيد السياسي، وبينما تستمر الحرب الروسية الأوكرانية بالذخائر الحية والدماء، ترتفع أسهم الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، ولعل نداء السلام بين كل المتصارعين في المشرق أو المغرب هو واجب الوقت.

إن هذا يحتاج ضمن ما يحتاج إلى إذابة جبال الجليد وإعلاء الإنسانية والقيم العليا للبشرية، وتفعيل نتائج مونديال قطر 2022 بين العرب والأفارقة أولا ، في صورة زيادة دفء العلاقات السياسية بين الدول، ووقف الصراعات ، وجبر الضرر وفق عدالة انتقالية ومناخية ، وإجبار أثيوبيا على تصحيح مسار سدها المتكبر، والعمل على تحقيق مكسب جديد للقضية الفلسطينية وصولا إلى إنهاء احتلال الأراضي العربية فيما بعد ، وهذا النداء صرخة في واد مليء بالضوضاء والمشاغبين على فكرة السلام الحقيقي المبني على سيادة الحقوق وتصحيح الواقع الأليم ، ولكنها قد تذهب غدا بسماسرة الشر.

وفي السياق الاقتصادي، تحتاج الجيوب إلى الدفء المالي المتجدد ، وهو ما يتطلب دق جرس تضافر الجهود ، لتأمين اقتصاديات البلدان وضبط الإنفاق ووقف الاحتكار والجشع ، مع تداعي الدول العربية والإسلامية الغنية ، كالجسد الواحد مع الدول المتضررة اقتصاديا، لتجاوز هذه المرحلة بسلام وتكاتف قائم على أحلام الوحدة.

إن أحلامنا الحضارية الجميلة بعد انتعاشها في مونديال قطر في حاجة إلى كل معاني الدفء لنتجاوز تلك الأجواء القارسة ولنبدد كل المشاعر المتجمدة وننهى مرحلة الجيوب المرتعشة والحروب الباردة بسلام وأمان.
---------------------------
بقلم : حسن القباني

مقالات اخرى للكاتب

لن نعيش في جلباب الماضي