23 - 05 - 2025

أجمل ما في المونديال

أجمل ما في المونديال

يقترب المونديال العنابي العربي من محطته الأخيرة، وضمن العرب مقعدا مغربيا بين الأربعة الكبار، ليسطروا نسخة استثنائية ولا أروع ولا أجمل منها ، في الشكل والمضمون، ما يستحق التوقف والرصد .

لقد قدمت قطر تجربة عربية مبهرة في التنظيم والتشغيل بشكل عزز الانجاز العربي بامتياز ، وضرب عقدة الخواجة في مقتل ، وأرق مضاجع المنهزمين حضاريا وأقلامهم ، وأعاد للهوية العربية والحضارة الإسلامية أوج تألقهما وتوجههما.

وكشفت البطولة عن أن الوحدة العربية، دواء رئيسي لعلاج أزماتنا العربية جمعاء، وأن هذا الحلم وإن كان عزيز المنال، إلا أنه سيظل أملا يراود الأجيال القادمة حتى تحقيقه، ولقد شاهد الجميع كم كان إعلان جامعة الدول العربية دعمها قطر، ثم اتحاد جميع الدول العربية في منظومة عربية داعمة للمونديال العربي سببا رئيسيا في النجاح بعد رحمة الله عز وجل بنا، وتأليفه لقلوب وجب تصالحها.

وقدم المنتخب المغربي عروضا كروية كسرت كل التابوهات القديمة بشكل يستحق الفخر ، ويحفز كل فريق عربي في الكرة أو أي مجال، لبذل كل ما في وسعه، لاستعادة أمجاد العرب واحراز تقدم حضاري جديد في كل المجالات.

ولقد كانت لفرق العرب وأفريقيا الأخرى المشاركة في المونديال جهود ملموسة في بعض المباريات تؤكد أن كل الأحلام ممكنة وأهمية استمرار الجهد مثل المنتخب السعودي في مباراة الأرجنتين، ومنتخب تونس في مباراة فرنسا، ومنتخب السنغال في مجمل مبارياته.

وقدم الشعب العربي كذلك دروسا قاسية للكيان الصهيوني الغاصب من المدرجات وجوارها ، وجدد رفضه للتطبيع مع المحتل الغاصب ، وسجلت القضية الفلسطينية حضورا فريدا وعظيما في المونديال، ليعلم المحتلون وذيولهم جيدا أن القضية الفلسطينية لازالت في قلب كل عربي مسلما أو مسيحيا.

وعزز الرفض العربي لمحاولة التطبيع الاجتماعي مع الشذوذ، والذي قاده منتخب الألمان وقياداته السياسية في الملاعب القطرية ، قوة المناعة العربية في مواجهة التمرير المشبوه لذلك المرض، وشكل فرصة لرافضيه في الغرب لتسجيل مزيد من اعتراضاتهم على تلك الانتكاسة.

وأبرز حضور أمهات اللاعبين المغاربة في المشهد ، قيمة العائلة في المنطقة العربية ، ومكانة الأم في الأسرة العربية والسياق الاجتماعي ، رغم الضربات المتطرفة التي تتعرض لها من المنهزمين حضاريا، والمطففين اجتماعيا، و المطبعين بكافة أشكالهم لنذهب إلى ما ذهب إليه "بايدن" قبل أيام.

إننا نسجد لله شكرا على هذه النعم وغيرها التي أسبغ علينا بها طوال فترة المونديال، ونشكر كل من كان سببا ولو بسيطا في صنعها، ونأمل أن تتواصل الجهود لإنجاز نجاحات عربية أخرى تصلح القلوب والجيوب والعلاقات والمعاملات، وما ذلك على الله بعزيز ، وما ذلك عن عقول الحكماء والنبلاء في كل وطن عربي ببعيد أو غريب.
-------------------
بقلم : حسن القباني 

مقالات اخرى للكاتب

لن نعيش في جلباب الماضي