18 - 05 - 2025

مؤشرات | أخبار شيرين إيه .. يا بيه؟!

مؤشرات | أخبار شيرين إيه .. يا بيه؟!

قبل ايام كنت أنقل مكتبتي .. ولمحنا مشتري الروبابيكيا ورأي الكراتين.. ودخل في مفاوضات لشرائها.. وحاولت اقناعه بأنها ليست للبيع ... وظل يستمع إلى مناقشاتنا مع بعض الأصدقاء حول انخفاض سعر الجنية وارتفاع أسعار الفائدة، تلبية لبعض من شروط صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد، وحديثنا حول ما يجري في البلاد.

وفوجئت بمشتري وبائع الروبابيكيا يأخذنا لمسألة أخرى، ليقول لي "هي أخبار شيرين ايه يا بيه؟" ..وظل يلح على السؤال، مرارا.. فقلت له "ليه بتسأل؟" فرد لأن الناس كلها بتسأل والناس مهتمة بأخبارها  ..... قلت له .. فعلا الناس مهتمة.. فرد بس يا بيه حسام هو اللي خلاها أدمنت... قلت (حشاشين بقى إتلموا على بعض)... وذهب ومازال يقول تبيع يا بيه.

ما قاله مشتري الروبابيكيا، يعكس الحالة التي نحن فيها مجتمعيا وإعلاميا، فتقريبا تأتيني إشعارات بأكثر من عشرين خبرا يوميا عن حالة شيرين عبد الوهاب، وحسام حبيب، وعليهم ساره الطباخ، لتتحول قصة إدمانهم إلى قضية رأي عام، وتتفرغ مواقع لأخبار الثلاثة المدمنين لتملأ الدنيا ضجيجا، في الوقت الذي أري فيه أن كل ما جرى يمثل إساءة لشخوصهم، فيما استغل البعض الأزمة لتحقيق ما يسمى بـ"الترندات"، وهي مكاسب مادية في النهاية.

قضية شيرين وغيرها لا تمثل قيد أنملة من قضايا الناس اليومية وهمومهم، ومخاطر التغيير المناخي الذي يظل قادة العالم وخبراء من أرجاء المعمورة وعلى مدى 13 يوما يناقشونها في "كوب 27" في شرم الشيخ، ويبحثون كيفية مواجهة فناء أجزاء من الكرة الأرضية بسبب ما فعله الأغنياء في العالم.

ولا تساوي قضية الثلاثة ذرة لما يتعرض له البشر من تدمير في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، والصراع على من يحكم العالم، ومعركة الوجود والأمن القومي في دائرة صراع لا تنتهي بين أوروبا وأمريكا من جانب وروسيا والصين وآخرون في طرف الثاني.

منذ البداية تيقنت أن شيرين مجرد فنانة مريضة بالإدمان، وفشلت مرارا في الخروج من تلك الحالة المرضية، إلا أن البعض أخرجها من كونها مريضة، وصارت حالات تضامن معها وكأنها ضحية لما يمكن تسميته بـ"التنمر"، أو ما شابه ذلك من ضغوط نفسية، فيما تناسى الجميع أو تعمدوا النسيان، أن المدمن يدخل حالة الإدمان بمحض إرادته الكاملة، ليغوص في تلك الحالة، والتي تتحول إلى نوع من الإستمتاع، ويرفض أي محاولات للتشافي.

أما عن حكاية حسام حبيب وشيرين فكانت واضحة من البداية، بأنها علاقة مغازلة، وشدد وجذب وضغوط من كل طرف ليحصل من الطرف الآخر على الأفضل، لأن كل طرف منهما يعرف أسرار وخبايا الآخر لا يعرفها سواهما كزوجين، وهناك نقاط ضعف يمتكلها كل طرف على الآخر، لتنتهي "المسرحية العبثية" بما انتهت إليه بالزواج مرة أخرى، ويخسر كل من رفع راية التضامن مع شيرين رهاناته وحساباته الشخصية،.. وربما دخل كل هؤلاء حالة من الندم على موقفهم من "مدمنة" حتى النخاع، ويخشى بعضهم إعلان حالة الندم تلك، .. فالعودة للإدمان مازالت قائمة، إن لم تكن قائمة، فقد قلت لأحد الأصدقاء في دفاعه عن شيرين في البداية لاحظ "أنها مدمنة" ... فقال صحيح.. قلت له إذن هنا مربط الفرس، وأي دفاع أخر لا معنى له، بعيدا عن طربها وأغنياتها من عدمه.

وستظل قضية شيرين وحسام وسارة،- التي ضاع فيها الكثير من الوقت وساعات من البث الفضائي، ومناقشات لا طائل منها، مجرد هفوات إعلامية وإجتماعية، أمام قضايا الناس وهمومهم، التي تحتاج الكثير، لمناقشتها، وحلول لها، وأساليب لكيفية مواجهتها، .. نتمنىى أن نتعلم الدرس، ركزوا في قضايا الناس وليس في "شواشي" المجتمع.
--------------------------------
بقلم : محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | جولة ترامب والتريليونات والتطبيع .. والباقي وعود