شاركت مؤخراً بعد دعوة كريمة في المؤتمر العلمي الرصين الذي نظمته الجمعية العلمية للشئون الأفريقية تحت عنوان "أفريقيا وقضايا المناخ"، والذي وضع منظموه خارطة طريق مساعدة لكل جهود الدولة المصرية الرسمية والمجتمعية للعناية بالمناخ بالتزامن مع مؤتمر التغير المناخي الذي تنظمه بلدنا في مدينة شرم الشيخ الأحد 6 نوفمبر الجاري.
وفي المؤتمر التقيت رموز وخبراء وباحثين في علوم السياسة والبيئة والشأن الأفريقي، وتحدثت مشاركا عن أهمية دور الإعلام والصحفيين في دعم كل جهود التوعية البيئية بمخاطر تغير المناخ في الفترة المقبلة ، وكيفية المساهمة في نقلها بصورة مبسطة للجماهير، من أجل اشراكها في المهمة الثقيلة لإنقاذ المعمورة من جرائم القطط السمان الدوليين.
والحقيقة، إنني أثمن دور المجتمع المدني في التوعية بقضية خطيرة كقضية تغير المناخ، والذي يتماهي مع دور رسمي لافت ونشيط تتصدره وزارة البيئة عبر مبادرة "اتحضر للأخضر"، والتحركات الكبيرة لتجهيز مصر لاستضافة حدث كبير مثل مؤتمرالأطراف السابع والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ ( cop 27).
كانت كل الكلمات والمداخلات والمناقشات في المؤتمر العلمي ، تقول لجميع العقلاء حول العالم مضمونا واحدا : "لابد من مراجعات سريعة للواقع والتجهز للمستقبل ، لابد من وضع خطط واستراتيجات للانتقال العاجل للحياة الخضراء ومواجهة الجهل بمخاطر استمرار الوضع على ما هو عليه ، لابد من تغيير قناعات الجميع للتحول الأخضر، لابد من جبر الضرر في مواجهة آثار التغير المناخي، لابد من اقرار العدالة المناخية فورا "، وكان التحذير واضحا :" وإلا فالمقابل فادح وباهظ".
د. على بدر الباحث في الشأن الأفريقي ، طالب أمريكا والدول الغربية بتعويض مصر والدول الأفريقية عن توابع التغير المناخي ، فيما أكد د. محمد رشوان الباحث في الشأن الإفريقي أهمية وجود مسئولية دولية قانونية عن جبر الضرر في أفريقيا جراء تغير المناخ ، خاصة أن القارة تتحمل الضريبة الأعلى من السياسات الدولية الجهنمية التي تحرق اليابس والأخضر ، بنسب تضرر تصل إلى 70 %.
وحذرت د. هالة الرشيدي مدير مركز البحوث والدراسات السياسية بكلية الاقتصاد بجامعة القاهرة بدورها من خطر الانقراض الذي تنتظره الدول التي تحوطها الجزر بسبب التغير المناخي، وتلك كارثة لوحدها.
"العدالة المناخية" كانت العبارة الأكثر تداولا في المؤتمر، وبرزت بشكل واضح في كلمة د. سوزي رشاد أستاذ العلوم السياسية بجامعة 6 أكتوبر، حيث أكدت أهمية تطبيق العدالة المناخية لتحقيق توزيع عادل في الأعباء والتكاليف بين الدول الغنية الكبرى والدول الفقيرة، فيما أشارت رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة 6 أكتوبر د. غزلان عبد العزيز إلى أهمية دراسة جهود الصين في دعم افريقيا لمواجهة التغيرات المناخية، كأحد نماذج تجسيد مسئولية الدول الغنية في دعم الدول الفقيرة المتضررة.
ودعت الباحثة في الشئون الافريقية رباب عبد العاطي إلى ضرورة تفعيل مسار التوعية البيئية عبر منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، وهي النقطة التي سلط صاحب القلم الضوء عليها أثناء جلسات المؤتمر، مؤكداً أهمية الوصول للجماهير بلغة مناسبة ومؤثرة للرفق بالمناخ.
ولفت د. روبي عبد العال الباحث في الشئون الأفريقية، نظري ونظر الحضور ، إلى وجود خطر كبير، جراء الدور الذي تلعبه التغيرات المناخية في انعدام الأمن الغذائي في القارة الأفريقية، وهو ما يجب أن ننتبه له.
وأكد د. صبحي قنصوة أستاذ العلوم السياسية بكلية الدراسات الإفريقية العليا بجامعة القاهرة أهمية تصعيد الجهود في التوعية المناخية، للحيلولة دون تصاعد الخطر في افريقيا وهو ما أكدت عليه كذلك د. نعمة الله عبد الرحمن المتخصصة في شئون البيئة ونائب رئيس تحرير صحيفة الأهرام محذرة من التهاون في التوعية.
وأوضح د.عزمي راشد رئيس مجلس إدارة الجمعية العلمية للشئون الأفريقية أهمية تعزيز المؤتمر لحقوق مصر والأفارقة لمواجهة آثار التغير المناخي، وهو ما شدد عليه كذلك الأمين العام للجمعية محمد فايد، لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة للقارة والقاهرة من المؤتمر الدولي.
كل الدعوات لمصر وكل الدول الأفريقية، بالنجاح في تحقيق المأمول في المؤتمر الأهم لحصول القارة السمراء على حقوقها المسلوبة، وإنقاذ الشعوب من تبعات استمرار الأوضاع الراهنة دون التحول الفوري للحياة الخضراء بقناعات خضراء.
ويبقى شعارنا : اتحضر للأخضر .. رفقاً بالمناخ.
--------------------------------
بقلم : حسن القباني