لا يختلف مشهد الممثل القدير الراحل محمود عبد العزيز أو "الشيخ حسني "، وهو يخوض تحدي ركوب "الموتوسيكل" في فيلم "الكيت كات" ، بما يحدث من إصرار البعض على إدارة العلاقات الأسرية والاجتماعية بنفس المنطق المتعامي عن كل الحقائق ، حتى يصطدم في نهاية المطاف بجدار الأزمات ويصرخ من الآلام.
هتف "الشيخ حسني" الكفيف: "ايه يا راجل فاكرني مابعرفش أسوق ولا ايه!"، وأصر على القيادة بدون بصر ولا أي أسباب ، فأفسد على الحارة حياتها وعلى جيرانه بضاعتهم، وصرخ من آلام الصدام في نهاية المطاف، كما يهتف أحدهم الآن قبل الزواج وبعده وعقب الرزق بالأبناء :" ايه يا راجل فاكرني مابعرفش افتح بيت ولا ايه !"، "ايه يا راجل فاكرني ما بعرفش أربي ولا ايه " ، "ايه يا راجل فاكرني ما بعرفش .. الخ "، لتكون النتيجة صادمة وقاسية في معظم الأحيان، عبارة عن محصلة طلاق غير حضاري ومعارك مؤسفة في محاكم الأسر المتصارعة.
إن الاقدام على الزواج أو الإنجاب، يتطلب الحصول على وعي أسري مستند للعلم الحديث والأصول المعتبرة، والإيمان الكامل بأهمية التنمية الأسرية المستدامة التي لا تتوقف في مساري تنمية الحب والخبز، ولكن الاصرار على المضي في طريق "ما وجدنا عليه آباؤنا" بخيره وشره، يعطل التطوير وأخذ التحصينات الضرورية للتعايش والتكامل والتغافل وغيرهم من كبسولات الوعي اللازم لتجويد العلاقات والمعاملات.
في الأسر العربية والمصرية يوجد ملايين من "الشيخ حسني" الذين تعرضوا لاضطرابات ما بعد الصدمات ، ولأزمات اجتماعية وأسرية وعلقوها على شماعة السحر والحسد فقط أو تجاهلوها واكتفوا بالبخور والدعاء فقط دون أخذ بالأسباب واللجوء للعلماء ، أو لم يبادروا للصلح والإصلاح والمراجعات والاستغفار وتصليح ما فات والبناء لما هو آت، ولم يذهبوا للمستشارين المختصين سواء في علم النفس أو علوم الأسرة أو أخذوا الموضوع على صدورهم، فأخذهم الكبر بعيدا عن الخير.
إن إدارة الأزمات الأسرية فن وعلم يعالج القلوب والضمائر، وتجاهل ما هو أمام البصر وما دونه العلم والاكتفاء بالاعتماد المطلق على الوهم والنرجسية ، سيفاقم من التحديات الأسرية، وهو ما لا نرجوه في ظل الضغوط الاقتصادية القاسية على سكان كوكب الأرض.
إن الإتجاه للتعافي الأسري وتحصيل ما يلزم من وعي، مع التمسك بالأصول والعلوم الاسرية الحديثة ، طريقنا ضمن طرائق عدة نحو إنقاذ كيان الأسرة العربية والمصرية من كل شر، ولا عزاء لـ"الشيخ حسني" وأمثاله.
دمتم بوعي وسعادة
------------------------
بقلم : حسن القباني