23 - 05 - 2025

إدارة الأزمات الأسرية

إدارة الأزمات الأسرية

تمتلئ الحياة بين وآخر بأزمات من كل لون وشكل، ما يفرض على البيوت والعائلات، والقلوب والجيوب، والعلاقات والمعاملات، تحديات عظيمة ، تستوجب رفع درجة الوعي واستيعاب فقه إدارة الأزمات العائلية ، من أجل تجديد الخطاب الأسري وتعزيز سبل التنمية الأسرية المستدامة وتقوية الأواصر والروابط وتجاوز الضغوط بسلام.

من المهم للغاية، استيعاب البيوت خاصة رب الأسرة إلى أساليب إدارة الأزمات ، وهي بحسب المختصين: " الاستعداد لما قد لا يحدث والتعامل مع ما حدث"، فيما يقصد بإدارة الأزمات الأسرية Family crises management  -وفق د.كمال إبراهيم موسى في كتابه "الأسرة والتوافق الأسري"-: الأساليب التي تتبعها الأسرة – لا سيما الزوجين أو الوالدين – في التوافق مع الأحداث الضاغطة، والتعامل معها، والتي قد تكون أساليب فعّالة أو غير فعّالة".

والأساليب الفعّالة في إدارة الأزمة الأسرية - بحسب د.موسى – "هي تصرفات حسنة تمكن الأسرة من مواجهة الحادث الضاغط، والتغلب على ما فيه من صعوبات، وحمل ما يرتبط به من مشكلات، أو تمكنها من التعايش مع الحادث، وتحمله والصبر عليه، أمّا الأساليب غير الفعّالة في إدارة الأزمة في الأسرة فهي تصرفات سيئة، فيها سخط واعتراض على الحادث، أو استسلام وانهزام أمامه، أو يأس وجزع وشعور بالذنب، ولوم للذات والناس والقدر".

ونحتاج هنا إلى أن  نسعى إلى التنبؤ المبكر بالإشكاليات داخل الأسرة سواء بين الزوجين بعضهما البعض ، أو بين الوالدين و الأبناء أو الإشكاليات خارج الأسرة المرتبطة بالواقع الاجتماعي والاقتصادي والحياة عامة ، وتحديد الإجراءات الممكن أو المفروض إتباعها حال حدوث أي أزمة مع وضع خطط بديلة ، بهدف تقويض أي آثار سلبية لتلك الأزمات على المناخ الأسري، وتعظيم أي ايجابيات منها في صالح مؤسسة الأسرة بما يؤدي إلى إعادة التوازن وتفريغ الإحتقان وتحقيق الوفاق والاستقرار وتجويد العلاقات والمعاملات وفق نوع الأزمة.

إن احتواء الأزمات الأسرية فن يجب تعلمه، سواء في الأبعاد التنموية الخاصة بمستويات الحب أو بالاقتصاد المنزلي وإدارة المصروفات وقت الضغوط والأزمات، أو في التربية وكيفية التعامل الإيجابي مع فترات الطفولة أو المراهقة أو الشباب، فالوعي هو بداية النجاح.

إن رب الأسرة عليه مسئولية كبيرة، في تحصيل الوعي مبكرا، والاعتراف بالخطأ في وقت غير متأخر ، وإدارة الأزمات بالتعاون مع أهل العلم بصورة جيدة، وصولا إلى احتوائها وتجاوزها بشكل صحيح، لا يؤدي إلى توسيع هوة الشقاق، وبما يعظم من رصيد العلاقات الايجابية والمعاملات الراقية داخل كيان الأسرة.

وإن تفعيل مناخ الشراكة ومسارات تحمل المسئولية داخل البيت الواحد، قبل حدوث أي أزمة، وبعد حدوثها، وهو أمر يحتاج إلى وعي وصبر، وسعة أفق وصدر، ووقت للتدرب عليه، وقديما قالوا :" اليد الواحدة لا تصفق".

إن التنبؤ المبكر بالأزمات الأسرية وحسن الاستعداد لها ، وحسن إدارتها فور حدوثها، ثالوث مهم، لتجاوز أي أزمات بسلام ويسر وسط مناخ إيجابي يصون مؤسسة الأسرة.

دمتم بوعي وحكمة

-----------------------------

بقلم : حسن القباني

مقالات اخرى للكاتب

لن نعيش في جلباب الماضي