23 - 05 - 2025

الاحتقان الأسري بين التفريغ والتراكمات

الاحتقان الأسري بين التفريغ والتراكمات

يزداد الاحتقان بين أفراد الأسرة في فترات المناكفات والمشاحنات، حيث يكثر تبادل الاتهامات والعنف اللفظي أو الجسدي، وتكثر عبارات اللوم و البخس والتطفيف والتخبيب ، وتزداد خطورة التراكمات السلبية، بما يؤدي إلى الصدام والافتراق غير الحضاري في أغلب الأوقات، وهو ما يتطلب استمرار التذكير بأهمية تجديد الخطاب الأسرى قبل فوات الآوان.

نحن في حاجة ملحة إلى التدريب على الحوار الأسري الراشد الذي تديره عقلية أبوية واعية ومشاعر أمومة حنونة، تستطيع احتواء الأولاد والبنات في مختلف الأعمار ، وسط تغافل ايجابي وتسامح واعي ، وبيئة ايجابية تقدم لهم المدد والزاد والخبرة وتترك لهم المساحة ، للاختلاف والارتقاء والابتكار والتفوق والتميز دون خوف مفرط وقلق هدام وسيطرة خانقة وازدراء.

إن كل زوج وزوجة في حاجة كذلك إلى التمسك بإصرار ووعي وعزم بأدبيات الحوار الأسري البناء ، لتلافي أسباب المشاحنات وتفريغ أي احتقان ، وعلاج أي تراكمات سلبية ، وإقرارصيغة تفاهم متجددة في ظل ضغوط الحياة المستمرة بلا رحمة ولا هوادة، لتقديم نموذج ثري وقدوة حسنة أمام الأبناء تساعد على سيادة مناخ الحوار في البيت ودعم أركان استقراره.

أما السلطة المطلقة سواء ، من الأب أو الأم تجاه الأبناء ، أو من الزوج المتسلط تجاه الزوجة أو من الزوجة المتسلطة ضد الزوج ،  فهي مفسدة مطلقة، لا تأتي بخير أبدا، وتفسد كل علاقة وتؤدي إلى زيادة الاحتقان، وتكرار الصدام، بما يؤدي في نهاية المطاف إلى تفكك الأواصر وانهيار العلاقات، ولعل الأرقام الحديثة الصادرة من الجهاز المركزي للإحصاء هذا العام عن نسب الطلاق المرتفعة خير دليل على أهمية التصحيح واستمرار دق جرس الإنذار.

إن احتقار الحوار أو أي من الأفراد داخل كيان الأسرة في مقابل احتكار فرد واحد – سواء (الأب /الزوج) أو (الأم/ الزوجة) -  لكل مخرجات الرأي والقرار والحياة، دون أدنى ذرة من تدبر ومراجعة أو نقاش وإشراك ، نهايته افتراق غير حضاري، وانهيار حتمي للبيت بلا مبالغة، في ظل الإصرار عن البعد عن الأصول المعتبرة الحكيمة وما استجد من العلوم الأسرية الحديثة.

إن اعتراف المتسبب في الفشل الأسري بأخطائه ، هو بداية الطريق الصحيح للتصحيح الأسري ، عبر آليات المعرفة وسبل المعروف، ولا أعتقد أن هناك صعوبة لتحقيق ذلك ، في ظل وجود مسارات كثيرة للتوعية بعضها بالمجان، ووجود خبراء كثيرين بعضهم أيضا يقدم توعية بالمجان على منصاته.

بدون استقرار أسري واحتواء لكل القلوب والعقول من مختلف الأعمار في العائلات، فإن الجميع سيدفع الثمن، في ظل استمرار التخبيب وترويج البدائل السامة، وبالتالي فلابد من مسابقة الزمن لتفريغ التراكمات السلبية والمظالم المتراكمة في البيوت ، والدفع بآليات التنمية الأسرية المستدامة للعلاج والحل، وجميع الحكماء والعقلاء والخبراء مسئولين عن ذلك لا أستثني من ذلك أحدا، فالرماح لا تتكسر إلا اذا كانت آحادا.

دمتم بحكمة وسعادة
----------------------------
بقلم : حسن القباني

مقالات اخرى للكاتب

لن نعيش في جلباب الماضي