23 - 05 - 2025

آفة حارتنا إصدار الأحكام

آفة حارتنا إصدار الأحكام

لا أحب الكتابة على شخص خاضع للتعافي ، وأدعو الله عزوجل أن يتم عافيته على كل مكلوم ومهموم ومكروب ومريض ، ولكن هناك حالات لشخصيات عامة ، تتخطى الخاص إلى العام ، بما يفرض تفاصيلها على الجميع، بما فيهم قلمي الحريص على تجديد الخطاب الأسري وتحقيق التنمية الأسرية المستدامة ، لذا وجب الحديث على ذلك الواقع الأليم المستشري.

إن من آفة حارتنا ، وفق ما أعتقد ، إصدار الأحكام وتوزيع الآلام ، فوجود إنسان في بيئة سامة تصدر في كل لحظة حكمها عليه ، وتوزع على قلبه مزيدا من الأوجاع والأحمال غير المبررة ، انطلاقا من استحقاق مفرط واستباحة مستمرة وسلبية عدوانية واحتقار له وتشكيكا فيه وفرض للوصاية عليه ، أمر بات من الخطورة بمكان الصمت عليه وعدم مواجهته بالوعي الإيجابي فورا.

يقول المثل الشعبي "كتر الدق يفك اللحام"، فكثرة الضغوط السلبية تفكك الروابط وتهدد الأواصر، ولذلك قال القدماء:"اذا كان حبيبك عسل ما تلحسه كله"، رغبة في تمرير الذوق إلى الوعي الجمعي للإنسان، وحرصا على تجويد العلاقات، وهو ما يجب أن نعليه جميعا في يومياتنا ، وهو ما أنشغل به في الفترة الأخيرة على منصاتي في السوشيال ميديا.

ينبغي علينا في العلاقات والمعاملات أن ندخل بسلام آمنين وأن نخرج برفق ، فالقلوب (فيها اللي مكفيها) ، وهنا يجب أن نحذر من أن فرط العشم باب الخذلان وأن ضبط سقف التوقعات هو طوق النجاة ، واضعين صواب قلوبنا جميعا أن (خلف الأبواب المغلقة قصص كثيرة) وأن في الأفواه ماء، فطوبى للرحماء.

إن الغريق لا يحتاج إلى التقريع ، ولذا يجب على جميع النبلاء أن يكونوا " طوق النجاة" لا أحد القضاة ، وأن نكون كأحدهم الذي قيل فيه بأمثالنا البليغة : (يتحط على الجرح يطيب) لا الذي قيل فيه (لما وزعوا الذوق كان فوق).

ومن هنا كانت النصيحة في ظل ما أرصده هي (اصرف برشد ما في الجيب والقلب) تنل خير الغيب، لأن متواليات العشم المفرط ، والإسراف في كل شيء خاصة في المشاعر ، نتيجة ضغوط الآخرين المنطلقة من مربع الاستحقاق المفرط وحصار إصدار الأحكام ، عواقبها خطيرة على القلب والروح والعقل ، ما يهدد العلاقات والمعاملات، بل وينسفها نسفا.

لا يُلدغ قلب أبيض من جُحر مرتين ، و(السمك لبن تمر هندي) في العلاقات والمعاملات فاتورته غالية وضارة ، ودروس الحياة ليست بالمجان ، وبالتالي فيجب علينا أن نجتهد جميعا في الحصول على وعي مناسب يساعدنا على عدم اللدغ مجددا من نفس القلوب السامة ، وتجويد علاقاتنا ومعاملاتنا ، وتجديد الخطاب الأسري، والتنمية الأسرية المستدامة ، بعيدا عن التطفيف الاجتماعي ، وتحت ظلال الاستغفار الأسري والمجتمعي.

لا وقت للفرهدة وإرهاق الأفئدة

دمتم بود وسعادة
-------------------------------
بقلم : حسن القباني

مقالات اخرى للكاتب

لن نعيش في جلباب الماضي