23 - 05 - 2025

المواطن والأسعار ..

المواطن والأسعار ..

لاشك أنه هناك مشكلة اقتصادية حاكمة تجتاح العالم الآن بلا استثناء بين دول غنية أو دول فقيرة ، وذاك لتراكم المشكلات الاقتصادية العالمية منذ تسعينات القرن الماضى مرورا بأزمة ٢٠٠٨ وصولا لجائحة كورونا ثم آخرا نتائج الحرب الروسية الأوكرانية التى يعانى منها الغرب وامريكا مثل الطرف الآخر ، هذا على المستوى العالمى. 

أما على المستوى الداخلي ، فحتى ٢٠١٠ كان الإعلام يعلن عن نسب نمو كبيرة ولكن لم تكن هناك أى علاقة بين هذه النسب الورقية وبين مستوى معيشة المواطن المصرى على  أرض الواقع ، ليس على مستوى المواطن الفقير فقط ولكن للطبقة المتوسطة أيضا . 

والأهم تلك النتائج الكارثية التى أعقبت ثورة ٢٥ يناير وسيطرة جماعة الإخوان على الحكم ، والتى تمثلت فى انخفاض احتياطى النقد الأجنبى وزيادة نسبة التضخم وتضاعف الديون الداخلية والخارجية . الشئ الذى جعلنا نمد اليد لصندوق النقد الدولى ، حيث قبلنا شروطه وتم تعويم الجنيه المصرى عام ٢٠١٦ وما تبع ذلك من تخفيض قيمة الدخل فى مقابل الاسعار ، وما تحمله المواطن المصرى ولازال يتحمله ، خاصة بعد التخفيض الاخير لقيمة الجنيه والتى اتخذت تكئه للمستغلين فى رفع الأسعار بلا ضابط أو رابط قانونى أو منطقى على الاطلاق ، تحت شعار الغاء مايسمى بتسعيرة السلع مع "التلكك" بشعار العرض والطلب .

كما أنه مع تخفيض قيمة الجنيه وارتفاع نسبة التضخم وظهور المشكلة الاقتصادية العالمية ، أخذت وسائل إعلامنا تبشرنا على مدار الساعة بارتفاع الأسعار عالميا تبريرا لارتفاع الأسعار داخليا . هنا نقول وبكل موضوعية : نعم من الطبيعى أن ترتفع الأسعار على ضوء ارتفاع قيمة الدولار بالنسبة للجنيه المصرى ، وهذا للسلع ومستلزمات الإنتاج المستوردة من الخارج أى التى يتم دفعها بالدولار . كما أن هذا الارتفاع يكون موازيا لنسبة تخفيض الجنيه بالنسبة للدولار ، أى لو حسبنا نسبة التخفيض منذ ٢٠١٦ حتى الآن بعد التخفيض مرتين وكان الدولار بحوالى ١٦ جنيها والان بحوالى ٢١ جنيها (في السوق السوداء) أى بنسبة ٢٥ فى المائة . أى يمكن أن تزيد الاسعار بهذه النسبة ولمرة واحدة. 

ولكن مانراه الان هو زيادة يومية ، نعم يومية ، بل لا نكون  مبالغين لو قلنا أنها زيادة على مدار الساعة ! فهل يمكن أن نسمع مسئولا يفسر لنا هذا الوضع؟ مثلا الأدوية وهى ضرورية للحياة ، بل هى أهم من الاكل الذى يمكن أن نجد البدائل فيه ، نجد الزيادة غير المنطقية فيها شبه يومية وبدون اعلان ، بعد أن كانت أى زيادة فى الأدوية يتم الإعلان عنها مسبقا وبموافقة وزارة الصحة ، فهل لم يعد دور الآن لهذه الوزارة أم ماذا؟

أما أسعار كشف الأطباء (في عياداتهم الخاصة) فحدث ولا حرج ، فالأمور قد أصبحت سداح مداح ، كل طبيب يحدد كيفما شاء وحيثما اراد (واللى مش عاجبه انشالله معجبو ) والأدهى أطباء الأسنان ، فقد أصبحت الاسعار معهم تشبه ممارسة الاحتكار بلا حدود ، وذاك لأن أغلبهم خريجو جامعات خاصة وقد حصلوا على المؤهل بالاموال المكدسة التى يحصلونها الآن من الزبائن .أى أن الزبون لايدفع قيمة العلاج ولكن يدفع مصاريف تعليمهم بأثر رجعى ، والتساؤل ألا توجد مرجعية طبية وقانونية تحكم هذه الممارسات الاحتكارية؟ وهل هناك دور لوزارة الصحة والنقابات الطبية فى هذا الوضع الاحتكاري؟

أضف إلى ذلك ارتفاع قيمة الدروس الخصوصية التى أصبحت هى العبء الأكبر على رب الأسرة وعلى كل المستويات الطبقية ، فى الوقت الذى لانسمع فيه من وزارة التعليم غير الكلام والتصريحات التى لا أثر لها على أرض الواقع. 

ولأننا نتكلم عن الأزمة الاقتصادية والعجز فى الموازنة العامة أى الفرق بين الإيرادات والمصروفات ، وحيث أن الضرائب بكل أنواعها هى من أهم مصادر الإيرادات فى الموازنة ، فهل يتم تحصيل الضرائب من تلك الفئات المستغلة والمحتكرة؟ فهناك من هؤلاء الأطباء والمدرسين من يتحصل على الآلاف المؤلفة يوميا وليس شهريا أو سنويا!!!  فهل توجد حلول أو بعض الحلول؟. 

نعم يجب أن نتحمل ، ولكن هل الأدوية مثلا مجال تحمل؟ يمكن أن نربط الأحزمة .. نعم وكم ربط المصريون بعد النكسة وبعد حرب اكتوبر الأحزمة؟ كم دفع المصرى الثمن ومستعد أن يدفع دائما لهذا الوطن الغالى ، ولكن لابد أن نشارك المواطن هذا التحمل بضبط الأسواق بكل السبل ، لابد من الضرب بيد من حديد على يد المحتكرين ، لابد من مصارحة الشعب بحقائق الأمور بعيدا عن التهويل أو التهوين. وعلى الأحزاب ومؤسسات العمل الأهلى أن تلعب دورا مهما واستثنائيا فى مثل هذه الظروف حتى يمر الوطن بسلام من هذه الأزمة كما مر قبل ذلك. 

حفظ الله مصر وشعبها العظيم .
--------------------------------
بقلم : جمال اسعد

مقالات اخرى للكاتب

حفل تتويج ابن سلمان