21 - 05 - 2025

بنات السودان يدفعن صحتهن ثمن للحصول على "بشرة فاتحة وجسم ممتلئ" لإرضاء المجتمع

بنات السودان يدفعن صحتهن ثمن للحصول على

كشف تقرير نشرته "الاندبندنت" البريطانية، عن معاناة الفتيات السودانيات  من الضغوط المجتمعية والتي تؤدي إلى تقليل ثقتهن بأنفسهن وتدفعهن إلى التعرض لأضرار كريمات تفتيح البشرة ومستحضرات زيادة الوزن.

وهذه المعايير التي يفرضها المجتمع على الفتيات بضرورة زيادة وزنهن وتفتيح لون بشرتهن ليس مستحدثا، ففي التقليد السوداني يتم وضع برنامج للفتيات قبل زواجهن بثلاثة أشهر على الأقل، لتفتيح لون بشرتهن وتسمينهن ولكن الفرق أن المستحضرات التي كانت تستخدم طبيعية، أما في العقد الأخير، فاجتاحت السوق مواد سامة وضارة تعمل على تفتيح البشرة وزيادة الوزن ولها خطورة بالغة أبرزها الفشل الكلوي وسرطان الجلد.

يأتي هذا بلد يتميز أهله بلون بشرة سمراء، ولكنه يفرض شكل معين على الفتاة يجب أن تظهر به وتحافظ عليه، وإلا ستبقى بلا زواج .

وفي هذا السياق تقول خبيرة التغذية محاسن خالد "انتشرت تلك الظاهرة بصورة كبيرة منذ أكثر من 10 أعوام وخطورة الموضوع في أن نتائج تلك المواد الضارة التي يتم استخدامها لا تظهر بصورة مباشرة، بل تستغرق وقتاً طويلاً وتتمثل أخطار تناول عقاقير طبية لزيادة الوزن في الإصابة بأمراض تؤدي إلى الوفاة مثل الفشل الكلوي والسرطان وماء تحت الجلد والماء في الرئة"، موضحة أن "الضغوط على الفتيات يدفعهن إلى البحث عن أسرع الوسائل وأرخصها، وهي منتشرة بأسعار زهيدة في الأسواق وتعطي نتائج سريعة ووجهاً ممتلئاً ولكن في الحقيقة هو ليس امتلاء، بل عبارة عن ماء متراكم تحت الجلد".

وتابعت "بدأت ثقافة أن تكون الفتاة ممتلئة تختفي وتتبدد تدريجاً لأن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تروج للرشاقة والبحث عن وسائل آمنة لزيادة الوزن أو إنقاصه".

وعن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في الفتيات قالت "في العيادة أصبحنا نستقبل الفتيات اللواتي يردن إنقاص وزنهن أكثر من اللواتي يردن زيادته وحتى اللواتي قمن بزيادة وزنهن بطرق خاطئة أصبحن يبحثن عن طرق لإنقاصه لمواكبة المجتمعات المتحضرة والموضة الرائجة".

ومن جهتها، قالت الباحثة الاجتماعية رنا يوسف إن " لجوء الفتيات إلى تغيير لون بشرتهن واستخدام عقاقير سامة ومسرطنة يتم بسبب ضغوط مجتمعية كبيرة جداً لا تستطيع الفتاة مواجهتها، لا سيما حين تتم مقارنتها بزميلاتها وصديقاتها في بيئة لا تحترم الاختلاف ولا تؤمن بأن السودان بلد متعدد الأعراق والألوان".

وأضافت أن "المجتمع الذي يتقبل الفتاة كما هي ويشجعها وينظر إليها على أنها إنسان يتم تقييمه وفقاً لعقله وإنتاجه لن يعاني مثل هذه الظواهر، لكننا نجد أسرأ كثيرة تدفع ببناتها إلى هذه الممارسات، لذلك يجب نشر جرعة أكبر من الوعي في المجتمع مع العلم أننا بدأنا نلحظ تحسناً". 

وعلى رغم انتشار حملات توعوية بين الحين والآخر، إلا أن طبيبة الجلد سلمى أحمد تؤكد أن "الحملات التي تنادي بالحفاظ على لون البشرة ليست كافية ويجب نشر ثقافة البحث عن الجمال في العيادات المتخصصة لا في أسواق الجملة، العيادات تقدم تقنيات آمنة وخيارات واسعة في كيفية تنظيف البشرة وزيادة الوزن بالصورة المعقولة، بعيداً عن هوس الحصول على ست درجات لون أفتح أو 20 كيلوغراماً، وفي النهاية تكون النتيجة كارثية تنتهي بأمراض خطرة وبالموت المفاجئ".

في استطلاع رأي أجرته "ذي اندبندنت" أكد شباب سودانيون كثر أنهم "لن يرتبطوا بفتيات يستخدمن كريمات لتفتيح البشرة أو يتناولن عقاقير مجهولة المصدر لزيادة وزنهن" ولكن في السياق ذاته تقول الطالبة الجامعية غادة النمير "إذا سألنا أي شاب سيقول الكلام نفسه ولكن في النهاية يبحثون عن الفتيات ذوات البشرة الفاتحة للارتباط بهن في بلد هويته سمراء وهذا تناقض غريب يجعل الفتيات مهووسات بالبياض لجذب انتباه الشباب، خصوصاً في المرحلة الجامعية".