22 - 05 - 2025

خطورة العيش في الإنكار

خطورة العيش في الإنكار

تحتاج مؤسسة الأسرة ككل مؤسسات الحياة، إلى مواجهة عدو خطير يقف أمام التنمية الأسرية المستدامة وهو "الإنكار"، ما يستوجب عليّ تسليط الضوء على خطورته ومكاسب علاجه.

علم النفس يصف من جانبه أزمة "الإنكار" بأنها "رفض الإقرار بأن حدثاً ما قد حصل بالفعل"، وتتضمن إنكار الشخص لمشكلة خطيرة لديه، أو أنه مصاب بمرض خطير أو أنه يسير في سلوكيات خاطئة أو أنه تعرض لخسائر كبيرة ومعاناة شديدة ، إلخ.

إن في كل أسرة أوعلاقة إنسانية أو معاملات بشرية تتعرض لأزمة ممتدة ، مصاب بحالة انكار، يقاوم كل محاولة لدفعه إلى التعافي أو التصحيح أو الاعتذار أو تجديد الخطاب الأسري، أو تجويد العلاقات والمعاملات، ويسير في حالة قد تصل إلى جنون العظمة وما يترتب عليها من السير في محاربة طواحين الهواء، رغم أن الأزمة قد تكون واضحة ، ومسار الدواء قد يكون موصوفا.

وينضم إلى هؤلاء "الجناة"، بعض الضحايا، الذين يعانون أشد المعاناة من هؤلاء، ولكنهم ينكرون المعاناة منهم ، تحت شعارات خاطئة منها : ( الصبر المغشوش)، و(انتظار الفرج الخاطيء)، فإن إنكار المعاناة وعدم اتخاذ خطوات حكيمة للتصحيح ومساعدة الجاني ، يصب في صالح تعزيز الخطر.

وإن في صفوف أعداء مؤسسة الأسرة، مصابون كذلك بحالة الإنكار، فهم يسيرون في مسارات تحريضية لاسقاط مؤسسة الأسرة وللترويج للعلاقات خارجها، ولا يريدون الإقرار بأن هذا استنزاف للبشرية ومناهضة للنواميس الكونية التي وضعها الله عزوجل، وهو ما يزيد من الخسائر والأعباء.

إن العيش في الإنكار خطر كبير، يمنع من الاعتراف بالواقع أو مواجهة الحقيقة، والارتقاء بمؤسسة الأسرة وعيا وسلوكا وعاطفة، وفرد الأسرة  الذي يمارس عملية الانكار، يدفع بالأمور إلى نهايات درامية، قد يكون أقلها الافتراق غير الحضاري، إن لم يبادر بالتعافي، وفي هذا يقول مدرب التنمية البشرية الكبير ستيفن كوفي :" يمكنك تعلم أشياء عظيمة من أخطائك عندما لا تكون مشغولاً بإنكارها".

إن مثل هذه الحالات، وفق ما تذهب إليه نصائح المختصين ، تتطلب من المصاب التحرك الإيجابي نحو التصحيح والتغيير والعلاج ، بمساعدة واعية من المتضررين والمحبين، أو بتجربة ذاتية ناضجة ، وذلك تحت اشراف ومساعدة خارجية راشدة من المختصين النفسيين والأسريين، وفق خطوات العلاج المفترضة لكل حالة، بجانب كل أنواع الدعم خاصة الروحاني منه.

إن أزمة الإنكار أطاحت بشركات ومؤسسات في مجالات عدة، وإن استمرار توغلها في مؤسسة الأسرة إنما هو نذير خطر، يتطلب اليقظة واستنفار كافة الجهود من كافة المختصين للتوعية وإنقاذ ما يجب انقاذه فورا ودون إبطاء.

دمتم بوعي وسعادة
------------------------
بقلم : حسن القباني

مقالات اخرى للكاتب

لن نعيش في جلباب الماضي