22 - 05 - 2025

بين الطويل والقصير، ما هي حكاية الشعر عبر التاريخ

بين الطويل والقصير، ما هي حكاية الشعر عبر التاريخ

طالما اعتبر شعر المرأة الطويل عنواناً لأنوثة المرأة، وقيل هو تاجها، وشرطاً لاكتمال جمالها. ولطالما شاهدنا في رسوم الأقدمين ومنحوتاتهم كيف خصص للشعر اهتماماً خاصاً، مسدولاً كان أم مجعداً.

فما هي حكاية شعر المرأة

اعتبر الإغريق أن الشعر مصدر الحياة، فكانوا يبالغون في إطالته ولا يقصونه إلا للتضحية، وكانت النساء يزين شعورهن بأكاليل الذهب والفضة والورود، واستخدمن الرماد والحناء لصبغه، والأشرطة لتجعيده، وشمع العسل لتثبيته، أما الرجال فكانوا غالباً يتركونه يتدلى على أكتافهم.

اهتمت مصر القديمة بأكسسوارات الشعر من الأشرطة والزهور وحتى الشعر المستعار وتلوين الشعر بالحناء، وكان أغلب الرجال حليقي الرؤوس أو بجديلة واحدة.

وفي القرن الـ 16 كانت الملكة إليزابيث مشهورة بشعرها الأحمر المجعد الطويل، ويقال إنها جمعت نحو 100 باروكة مصنوعة من شعر بني وأحمر عندما بدأت تخف كثافة شعرها مع التقدم في العمر، وكذلك اشتهر الملك الفرنسي لويس الثالث عشر بباروكاته بعد أن بدأ شعره بالتساقط في سن الـ 20.

في ذلك الزمان كان الأثرياء يحظون بالباروكات بأشكال مختلفة طويلة ومجعدة، متوسطة مع جديلة للرجال، وأكسسوارات وأمشاط ذهبية وفضية ومزخرفة للسيدات.

 لقد كان للشعر عبر التاريخ رموزه، كان عبارة عن رسائل تدل على مكانة الشخص وحالته الاجتماعية والاقتصادية. من الشعر الطبيعي إلى لباروكات التي انتشرت في أوروبا في القرون الوسطى للرجال والنساء. وكانت النساء حينها يعاقبن على فعل الزنى بقص شعورهن بمعنى الفضيحة ووصمة العار.

فحظي كل زمن بشكل مختلف للشعر، فكان لكل ثقافة أو حركة طابعها الخاص، فتميزت الساحرات بالشعر الطويل المسدول أو المجدول، والسيدات الأرستقراطيات بالشعر الموضب، وحركة الهيبيين بالشعر المهمل.

وتقول الحكايات الإنجليزية غير الموثقة في القرن الـ 11 أن الليدي غوديفا زوجة اللورد ليو فريك الذي اشترط عليها لتلبية طلبها بتخفيض الضرائب على الشعب أن تجوب المدينة عارية، فخلعت ملابسها وأرخت شعرها الطويل ليغطي جسدها وجالت في المدينة وغض الناس طرفهم احتراماً.

في زمن مختلف بالقرن الـ 15 أثناء خوضها المعارك ارتدت المقاتلة الفرنسية جان دارك، والتي كرستها الكنيسة الكاثوليكية بعد إعدامها بنحو 500 عام قديسة، ثياب الذكور وقصت شعرها قصيراً لتجنب التحرش من الجنود وخوفاً من التعرض للاغتصاب، فكانت بشعرها القصير هذا رمزاً للمرأة الفرنسية القوية والمستقلة والشجاعة.

واعتبر قص الشعر في القدم بمثابة وصمة قاسية، وكرست حكاية رابونزيل  وقص شعرها، الذي وضع رسمها عام 1978 على طابع بريدي في ألمانيا الشرقية، لعنة قص الشعر، بعد أن عاقبت الساحرة "عذراء البرج" بقص شعرها الذي أسدلته ليتسلق الأمير برجها ويقعان في الحب، فضاعت لسنوات في الغابة، وهذه القصة حولت إلى أفلام كارتونية وقصص للصغار تكرس فكرة أهمية الشعر.


تقص بعض النساء شعرها حباً بموضة معينة، أو لحياة أكثر عملية، أو لتغيير ما، البعض منهن انتقاماً من مرحلة انتهت، كأنها بخلعها خصلات شعرها تخلع الأذى النفسي الذي لحق بها.

فمن الشعر الطويل إلى القصير قصص حكايا وقصص عبر الأمم والأزمان فتغزل الشعراء بالشعر الطويل طويلاً، وحركت خصلات الشعر غريزة المصابين بظاهرة "ترايكوفيليا" (الإثارة الجنسية من منظر الشعر) البالغة نسبتهم 7% من سكان العالم.

ويحتفل الأميركيون في الأول من أكتوبر باليوم الوطني للشعر، حيث يعبرون فيه عن محبتهم له، يشكرون فيه كل من وما يجعل شعرهم صحياً وجذاباً ولامعاً من حلاقين إلى أدوات ومستحضرات، كما تم تخصيص يوم 9 مارس ليكون يوم قصات وموديلات الشعر الغريبة في المدارس ويسمونه "الشعر المجنون" يتفننون فيه بأفكار وألوان وقصات فريدة.

وفي الصين دخلت قرية هوانغلو موسوعة غينيس بطول شعر نسائها الذي يصل لمترين على الأقل، وهم يقدسون الشعر، ويسمون برابونزيل الصين.

في كل الأزمنة يبدو الشعر الذي يعرف بالزوائد البروتينية التي تنمو على أجسام الثدييات، ويتكون من خلايا غير حية أنه قد يحيي أمماً ويدمر أخرى ويقمع أجيالاً ويطلق ثورات تنتفض على الموروثات.