هزت وقعة رحيل "صيدلي حلوان" ولاء زايد ضمير كل حر وحرة ، وطرحت أسئلة مشروعة عن العنف الأسري والذي يستهدف الأزواج، كما يستهدف الزوجات والأبناء في ذلك الزمن النكد، وهو ما يستدعي تكثيف الجهود للمواجهة والتوعية والتحفيز الإيجابي وإيجاد بدائل للعنف الأسري ، بغية إقرار السلام وبذر بذور تجديد الخطاب وتجويد العلاقات.
ووفق تعريفات المختصين فإن العنف الأسري، هو أي تصرف يقترفه أحد أفراد الأسرة ضد فرد من أفرادها؛ بهدف إلحاق الألم أو الأذى النفسي أو الجسدي أو الجنسي أو الاقتصادي وأي شكل آخر من أشكال الألم والإساءة ومنها : الحرمان من الميراث والنفقات بعد الانفصال ، والضرب أو الصفع أو الحرق أو التعنيف و التحقير أو الترهيب والتهديد والإكراه، وهي جرائم بحكم القوانين والشرائع السماوية.
وإن من أهم الحلول لمواجهة العنف الأسري، تجديد الخطاب الحقوقي، فللأسف يتجه بعض الحقوقيين والحقوقيات إلى التمركز حول الأنثى، ويتجاهل الاساءة إلى الزوج/الرجل، والأبناء، ما يطلق خطابات جندرية متطرفة أفسدت العلاقات الأسرية وأشعلت العديد من الحرائق، وفي ألسنة بعض الحقوقيين المتطرفين دماء.
كما يجب على الدول العربية أن تطور قوانين الأحوال الشخصية، لإيجاد رادع قضائي كاف يتوازى مع الدور التوعوي المحوري للزملاء والزميلات في وسائل الإعلام بكل أنواعها، والأئمة والمشايخ والقساوسة والحقوقيين المعتدلين والفنانين والفنانات المحبين لاستقرار الأسرة ونجاحها.
ومن أهم سبل الوقاية من العنف الأسري ، الحصول على رخص قبل الزواج والإنجاب، عبر دورات تدريبية تأهيلية ، تمكن الزوجين والوالدين من تحصيل الحد الأدنى من الوعي الحديث والأصول للتعامل مع ما يستجد من اضطرابات الحياة وتحدياتها، لمكافحة المناخ النمطي القائم على عادات ذكورية عفنة ومناكفات أنثوية متفجرة ، والإلتزام بأبواب تجديد الخطاب الأسري القائم على أصول الدين والأخلاق الحميدة والعلوم الحديثة تحت ظلال التنمية الأسرية المستدامة.
وفي رأيي هناك عدة بدائل للعنف الأسري، ويجب أن نفرق بين العلاقات المؤقتة كعلاقة الزوجين، والعلاقات الدائمة والحتمية كعلاقات الأبناء بالآباء والأمهات، فما يصلح كبدائل للزوجين الذين من حقهما الانفصال في أي وقت طالما لم يحققا شروط الاستقرار والوفاق، لا يصلح للأبناء الذين مهما فعلوا فهم في علاقة حتمية مسجلة في سجلات الأرض والسماء، ما يحتم ايجاد بدائل خاصة.
ففي العلاقة مع الأبناء، أشدد على أن الله عزوجل حرم الإيذاء وحبب في الرحمة ، وأجد أن في أساليب التربية الإيجابية، بدائل كثيرة تغني عن العنف ضد الأولاد والبنات، ومنها وضع القوانين والتوابع الرحيمة واتباع استراتيجيات الانضباط القائمة على الحوار والتفاوض والتقدير والمودة المتبادلة.
وفي اعتقادي أن الزوجين في حاجة الآن إلى إعادة التعاقد الأسري على نور وبصيرة تحت شعار العيش بالمعروف وما يترتب عليه من حسن عشرة وخلق ورحمة أو الافتراق الحضاري وما يترتب عليه من إنصاف ونبل وفضل قبل العدل، مع تجفيف منابع العنف في علاقتهما، واللجوء للمختصين لعلاج أي عوج نفسي أو سلوكي أو ضمائري أو عاطفي.
إن قتل الدكتور ولاء زايد صيدلي حلوان في حضور ابنه، هو جرس انذار جديد، لجميع العائلات والبيوت يطلق رسائل تحذير مفادها: الله أو الطوفان، الرحمة أو الهاوية، السلام أو الدمار ، الوعي أو السقوط، العيش بسمو أو الافتراق بتحضر.
دمتم في ود وسلام
------------------------------
بقلم : حسن القباني