تزايدت في الفترات الأخيرة وفق الرصد النسبي ظاهرة تعليق البعض رداءة العلاقات الأسرية وانخفاض جودتها على شماعة الحسد والسحر والقدر، ومع السعي لتجديد الخطاب الأسري وتجويد العلاقات الأسرية ، يجب أن نحرر المعاني من أغلال الأوهام وأن نعلي شأن الدين بصورته النقية وضوابطه الراشدة وأن نلجأ للعلم الحديث لمعالجة ما استجد من أزمات أسرية لا تحتمل التأخير.
لا أنفي الحسد إطلاقا ، فكلنا ضحايا له بصورة أو بأخرى في بعض الأوقات ، ولا ألغى وجود السحر لإفساد العلاقة الزوجية، فهذا أمر ذكر في القرآن ، وشائع ومتواتر سماعه ورصده ، ولا أتأله على الله – أستغفر الله – في نفي القدر، ولكن ليس كل الأزمات تقف وراءها هذه الأشياء فقط.
أقول بكل صراحة ووعي وبصيرة: ليس كل مشاحنات في البيت يقف وراءها عفريت من الجن ، وليس كل أزمات عدم الحوار الأسري الإيجابي تقف خلفها عين من الإنس ، وليس كل انفصال وراءه عمل أسود مدفون في مقابر ظلماء، وليس كل عقوق للوالدين أو عدم تناغم في العلاقات مع الأولاد قدر شر مكتوب على الجبين، فهذا وهم يجب أن نتحرر منه كي نكسب الجولات القادمة في تجويد العلاقات الأسرية والحفاظ على كيان الأسرة برقي وسعادة.
في المسار الروحاني والأخلاقي ، نقاوم الحسد والسحر وشر القدر بما استقر عند العلماء الراشدين الثقات – لا الدجالين المشعوذين - من دواء روحاني ودعاء وصدقات وما وصف من الكتاب العزيز ، و للأزهر الشريف وثائق كثيرة في هذا المجال وله ولدار الإفتاء المصرية خطوط ساخنة للسؤال والاستفسار، وكلما كان هناك وعي ديني رشيد بعلاج مثل هذه الأمور والوعي بها، دون أوهام، كان المردود أجمل وأقوى تأثيرا.
ولكن هناك أنماط جديدة ظهرت في مسار التعافي الأسري من توابع الصدمات والحياة القاسية وقلة الحيلة وكثرة المحرضين على الشقاق وكثرة الظروف المحرضة على الشقاق ، ولها مستشارون وخبراء، عبر التربية الإيجابية للأولاد ، والعلاج السلوكي المعرفي، أو حتى العلاج السلوكي الجدلي، و تحتاج لوعي وتواصل مباشر، لإعادة التعاقد الأسري من جديد على مفاهيم إيجابية تقوم على الأخلاق النبيلة والأصول المعتبرة والتنمية الأسرية المستدامة، لإصلاح ما ارتبك أو فسد أو انقطع، وهناك دورات مجانية يقوم بها الأزهر الشريف وعلماء في المجال الأسري، من أجل التأهيل للزواج والإنجاب.
إن تجديد الخطاب الأسري يحتاج من كل بيت أن يضبط وعيه، وأن يبادر لتحريره من أي أوهام ، وأن يتحصن بالحصون المعتبرة من كل شر أو سوء في ذات الوقت، ولكن ليس على حساب تأخير التعافي لمن يحتاج من الأسر، ويبقى الود ما بقى الوعي ايجابيا مبصرا بمواطن الألم والدواء.
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد
دمتم بسلام وود
---------------------------
بقلم : حسن القباني