28 - 03 - 2024

الأزهر والأسرة والتجديد

الأزهر والأسرة والتجديد

وقف الإمام الأكبر فضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وسط رموز الديانات وممثلي دول العالم، قبل أيام، في مؤتمر كازاخستان، يحذرهم بوضوح مما أسماه "المؤامرات الممولة والمدروسة لهدم الأسرة" ، وهو ما يحفز اصراري على أهمية تجديد الخطاب الأسري، والذي أرى الأزهر مؤهلا بشكل كبير لاقراره، لنحمي مؤسسة الأسرة في كل مكان من توابع تلك المؤامرة الآثمة.

إن هناك مؤامرة ممولة ومدروسة، أرصد وغيري تصاعد أبعادها جيدا في الفترة الأخيرة ، وعزز فرضيتها خطاب مولانا شيخ الأزهر، في كلمته الافتتاحية، بالمؤتمر الدولي عندما قال: (هناك) حملاتٍ مَدْروسةٍ ومُمَوَّلةٍ تَصرُخ في عقول الشَّباب ليل نهار وتدعوهم لأنْ يَنفُضوا أيديهم من مؤسَّسة الأُسْرَة، وتطالب بالنظر إلى "الزَّواج" على النَّحْو الذي عرفَتْه البشريَّة منذ خَلَقَ الله الأرضَ ومَن عليها وإلى وقتِ الناس هذا –على أنه خُدعةٌ كُبرى لا تَليق بثقافة الأجيال الجديدة".

وأبدى شيخ الأزهر غضبه التام من تلك الدعوات التي تنادي "الشَّباب كي يتحرَّر من الزواج ومن قيوده التي سجنته فيها الأديان والأعراف الإنسانيَّة، وتستحث المرأة ألَّا تخجل من أن تتزوَّج بامرأة مثلها، أو يكونَ لها أكثر من زوج، وتنادي الرجل كي يفعل مثل ذلك" ، وهي الجرائم التي وصفها فضيلته بأنه "بدائل جديدة تهبط إلى مستوى تعفُّ عنه الحيوانات والدَّوابُّ فضلًا عن ذوي الفِطْرة النقيَّة والعقول السَّليمة".

وهنا يطرح السؤال نفسه،:"هل يفيد الأسر في العالم بأسره، تجديد الخطاب الأسري، في مواجهة تلك الحملات الممولة والمدروسة؟"، والإجابة : نعم شرط البدء في إعلاء سياسات تنفيذية من أجل ذلك وتأسيس دراسات بحثية لذلك، فالتجديد في أجندة فكرتي يقوم على الأصول الصحيحة والأبعاد التنموية الحديثة، وبالتالي الجمع بين الأصول والتطوير الذاتي، يشكل صمام أمان ضد محاولات العبث بمؤسسة الأسرة أو هز استقرارها أو الترويج لأنماط شاذة على حسابها.

إن التجديد الأسري يستهدف التجويد، لا التبديد، ولكن التبديد التأمري الممول الذي نرصده جميعايستهدف التدمير، وما أرساه الله في سننه الكونية لن يهدمه عبده كائنا ما كان، فمؤسسة الأسرة نمط سماوي يحتاج إلى الصيانة والرعاية والتجديد من أجل التجويد، ومن يحاول هدمها والغاءها واستبدالها بنمط شهواني جديد سيفشل ، فإن لقدس العلاقات الإجتماعية رب سيحميه إذا عجز أصحاب الضمائر الحية عن صونه والذود عنه.

وبناء عليه، يستطيع كل مقبل على الزواج أو كل زوجين أو كل والدين، أن يساهم في الذود والصون عن مؤسسة الأسرة، عبر التمسك بوعي صحيح وراشد للأصول المستقرة و التزود بزاد تنموي تحفيزي متجدد يساعد على إدارة الحوار العائلي وتجديد الخطاب الأسري.

كما يستطيع الأزهر الشريف ومن يرغب في مشارق الأرض ومغاربها من المختصين أن يدعون إلى طاولة حوار حول أسس هذا الخطاب، يخرج بعدها بوثيقة رصينة تضم مرتكزات التجديد المنشود، والذي اجتهدت أن أشير إلى بعضها في مقالاتي السابقة، والله المستعان.

دمتم بوعي وبصيرة
-----------------------------
بقلم : حسن القباني

مقالات اخرى للكاتب

لن نعيش في جلباب الماضي





اعلان