18 - 05 - 2025

أسباب حدوث الصدمة النفسية وأول خطوة لعلاجها .. هل تعرف أن الرضيع معرض للإصابة؟

أسباب حدوث الصدمة النفسية وأول خطوة لعلاجها .. هل تعرف أن الرضيع معرض للإصابة؟

- قد يصاب الطفل بصدمة في الأشهر الثمانية عشر الأولى بسبب "الإهمال" من جانب الوالدين
- الأشخاص المصابون بصدمات نفسية لا يعتقدون أنهم خائفون بشكل غير طبيعي بل يتصورون فقط أن كل شيء مرعب

تخيل أن هناك عدسة على عينك تجعلك ترى كل شيء بشكل مختلف قليلا عما هو عليه في الواقع، ولكنك لا تدرك أن هناك عدسة من الأساس وتظن أن هذا ما يراه جميع الأشخاص، كذلك هي الصدمات النفسية. في هذا الموضوع نستعرض ترجمة فيديو يتحدث بالتفصيل عن هذا الأمر:

يمكن تعريف الصدمة النفسية على أنها حدث سلبي طاغ  لدرجة أننا لا نستطيع فهمها أو معالجتها أو تجاوزها بشكل صحيح – وزيادةً على ذلك، وهذا هو الجانب الشيطاني لها، لا يمكننا حتى تذكرها جيدًا أو التفكير في طبيعتها وتأثيراتها علينا، استقرت بداخلنا لكنها تبقى مختبئةً عنا، لا يُعرف وجودها إلا من خلال الأعراض والآلام ، وهي تغير إحساسنا بالواقع دون تنبيهنا إلى عملياتها الشيطانية الباطنية.

ليس من المستغرب أن تحدث الكثير من الصدمات النفسية في مرحلة الطفولة ، فالأطفال على وجه الخصوص عرضة للإصابة بصدمات نفسية، لأنهم ولدوا غير قادرين على فهم أنفسهم أو العالم بشكل جيد، وعليهم الاعتماد بشكل استثنائي على الآباء والأمهات الذين هم على الأغلب ليسوا ناضجين أو صابرين أو متزنين بشكل كافٍ.

قد يصاب الطفل ، على سبيل المثال، بصدمة نفسية من أحد الوالدين الذين - بدون خطأ معين من جانبهم - يصبحون مكتئبين بشدة بعد الولادة بوقتٍ قصير. أو قد يُصاب الطفل بصدمة نفسية من خلال التعرض لغضب أحد الوالدين الجسيم أو عنفه.

 أو، لأن أوسع فئة من الصدمات النفسية هي أيضًا الحميدة أكثر، قد يصاب الطفل بصدمة بسبب ما يسميه علماء النفس "الإهمال"، مما قد يعني ذلك، في عمر حرج (بين 0 و 5، وخاصة في الأشهر الثمانية عشر الأولى)، لم يحصل على التقدير أو التهدئة أو الراحة  بشكل كافي، أو لنستخدم كلمة كبيرة ولكنها قيمة، الحُب.

الخوف هو العَرَض الرئيسي للتعرض لصدمة نفسية، الأشخاص المصابون بصدمات نفسية هم خائفون قبل أي شيء آخر، إنهم خائفون من الاقتراب من الآخرين، ومن الهجر، ومن الإذلال والعار، والمرض ، وربما من الجنس، أو من السفر، من أجسادهم ، من التجمعات، من بعض الأجزاء في عقولهم  و- بالمعنى الواسع – من العالم.

إن إرث التعرض للصدمة هو الرهبة، ذكرى منسية وغير مسماة ولا واعية من الرعب والخوف  يتم أسقاطها خارجيًا على المستقبل. يقول المحلل النفسي دونالد وينيكوت: "كارثة حدوث خوف ناتج عن صدمة نفسية قد حدثت بالفعل".

لهذا السبب، من أجل معرفة جوهر ما قد يكون حدث لنا منذ زمن بعيد، يجب ألا نسأل أنفسنا كثيرًا عن الماضي (لن نتمكن من تذكره بشكل مباشر، ولكن عما نخشى أن يحدث لنا في المستقبل. فمخاوفنا تحمل أفضل الدلائل على تاريخنا.

 بالتأكيد وبشكل مثير للدهشة، قد يستغرق الأمر وقتًا طويلاً جدًا قبل أن يدرك الأشخاص المصابون بصدمة نفسية أنهم كذلك. فنتيجة رئيسية للصدمة هي عدم وجود ذاكرة نشطة لما كان صادمًا - وبالتالي عدم إدراك مدى تشوه صورة المرء عن الواقع الآن. الأشخاص المصابون بصدمات نفسية لا يعيشون معتقدين أنهم خائفون بشكل غير طبيعي: إنهم يعتقدون فقط أن كل شيء مرعب.

إنهم لا يلاحظون إحساسهم المتدني بشكل مهول بقيمتهم الذاتية: إنهم يفترضون فقط أن الآخرين من المحتمل أن يسخروا منهم ويكرهونهم. إنهم لا يدركون مدى عدم الراحة في القرب مع الآخرين، هم فقط يعربون عن عدم سعادتهم في هذه العلاقة أو تلك.

 بعبارةٍ أخرى، تلون الصدمة نظرتنا للواقع ولكن في الوقت نفسه تمنعنا من ملاحظة إلى أي مدى نحدق في الحياة من خلال عدسة مشوهة للغاية. فقط مع الكثيرمن الوقت، والحظ ، والتأمل الذاتي ، وربما الانهيار الفردي، يلاحظ المصابون بصدمات نفسية أن الطريقة التي يفكرون بها في العالم ليست بالضرورة على النحو الذي هو عليه في الواقع.

إنها خطوات واسعة نحو العافية النفسية : القدرة على الشك البنَاء في دوافع المرء الأولى، والبدء في ملاحظة مقدار الشك، والخوف، وكراهية الذات التي يجلبها المرء إلى مواقف لا تستدعيها حقًا. تحدث معالجة الصدمة بشكل أفضل عندما نتمكن من تشكيل دماغنا القاصر والمشوه إلى آخر أكثر وضوحًا - ويمكننا اختبار قراءاتنا للواقع مع أصدقائنا الحكماء والمعالجين.

 عندها نقف لندرك أنه - لدهشتنا الكبرى – ربما لا نكون مثيرون للاشمئزاز بطبيعتنا، ربما لا يكرهنا الجميع؛ ربما كل شيء لا يتجه نحو كارثة كاملة. ربما لسنا في طابور لعقوبة مروعة.

وبالتأكيد، إذا عانينا من الانتكاسات، فربما يمكننا أن نجد طريقنا للخروج منها، لأننا (وهذا يمكن أن يأتي كمدعاة حقيقية للراحة) بالغون الآن، وليس الطفل ذو التسعة أشهرالذي غيّرت صدمته أذهاننا.

التغلب على الصدمات هو عمل لسنوات - لكن بداية النهاية هي خطوة صغيرة جدًا: إدراك أننا قد نكون تحت تأثير صدمة نفسية، وأن العالم قد لا يكون مظلمًا ومرعبًا وساحقًا ومليئًا بالرهبة كما افترضنا دائمًا.

لمشاهدة الفيديو:


----------------------------
ترجمة : فدوى مجدي

من صحيفة المشهد الأسبوعية