يعتقد البعض أن مصر هي الدولة الوحيدة أو أنها والدول الصغيرة أو النامية وحدها تقترض وتكبلها الديون ، بل ويبالغون إلى حد اعتبار سفينة مصر على وشك الغرق وهو فكر شديد التشاؤم ، فالاقتصاد المصري لديه مقومات عدة للنهوض ولولا الوباء العالمي والحرب في أوكرانيا لاستطاعت مصر أن تصنع نهضة تنموية ، إلا أن الرياح أتت بما لا تشتهي سفينة التنمية في مصر.
وبالنظر إلى الاقتصاد العالمي ووفقا للمؤسسات الدولية فقد تزايدت الديون في العالم خلال العام الحالي لتصل إلى 305 تريليون دولار .. وبحسب معهد التمويل الدولي فإن نصيب الدولتين الأكبر في العالم - صاحبتي أكبر دخل قومي - هو النصيب الأكبر من الديون ، بل إن هناك توقعات بأن يتعثر تسديد أقساط القروض للولايات المتحدة.
أشار معهد التمويل الدولي في تقرير له أن ديون الصين زادت بمقدار 2.3 تريليون دولار خلال الربع الأول من العام الجاري ، إضافة إلى 2.7 تريليون دولار ديون غير مسددة. أما الولايات المتحدة فقد وصل إجمالي الدين القومي في فبراير الماضي إلى 31 تريليون دولار تقريبا بزيادة 2.4 تريليون عن العام الماضي ، و الخطير في الأمر أن 35 % من ديون الولايات المتحدة واجبة السداد خلال فترة قصيرة من عام إلى خمسة أعوام.
ولو نظرنا إلى الناتج المحلي الأمريكي الإجمالي لوجدناه 25 تريليون دولار في حين وصلت الديون الأمريكية إلى 31 تريليون دولار أي حوالي 124% من الناتج المحلي الأمريكي .. وقد زادت ديون الولايات المتحدة الأمريكية خلال العام الأخير فقط و نتيجة جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الاوكرانية بمقدار 2.39 تريليون دولار، إضافة إلى رفع الفائدة على الدولار الذي أدى إلى زيادة فوائد الديون.
ولأن الوضع العالمي صعب على كل دول العالم فقد توقع بعض الخبراء أن تواجه الولايات المتحدة تعثرا في تسديد أقساط ديونها و قد تضطر لإعلان عدم سداد الأقساط العاجلة. هذا هو وضع الأزمة في الدولة الأولى عالميا.
فإذا ما ذهبنا إلى الدولة الثانية عالميا من حيث قوة الاقتصاد و هي الصين فسوف نجد أنها أضافت إلى ديونها 2.3 تريليون دولار خلال الربع الأول من العام الحالي. وفي حين أن الصين تحتل المرتبة الثانية على العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي الذي يبلغ 19 تريليون دولار ، فقد انخفض هذا الناتج نتيجة ظروف الوباء و الحرب الروسية الاوكرانية بنسبة 2.6 % خلال الربع الثاني من العام الحالي ، و قال معهد التمويل الدولي إن ديون الصين بلغت 300% من الناتج المحلي وهي مرشحة للزيادة إذا ما استمرت الظروف الدولية المحيطة .
هذا هو وضع الدول الكبرى في العالم ، فماذا عنا في مصر ؟
قال المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي عقب اجتماعه لتقييم برنامج القرض الأخير لمصر، إن "مصر بحاجة إلى إحراز تقدم حاسم بشأن إصلاحات مالية وهيكلية أعمق لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد وجعله أكثر مرونة في مواجهة الصدمات" و يقصد هنا تحرير سعر الصرف و رفع الدعم و توحيد سعر الفائدة بحيث يلغي امتيازات المشروعات الصغيرة و المتوسطة في الحصول على قروض تنموية بفائدة قليلة لا تتخطى 5% ، وهي شروط صعبة التحقق ، لذلك لجأت مصر إلى حلول بديلة بينها طرح الشركات في البورصة وهو حل مقبول عالميا ، فلم تعد هناك حكومات تمتلك شركات في العالم الراسمالي ، و ليس هناك ما يمنع الدولة من أن تطرح الشركات لجلب الاستثمارات للمرور من عنق الزجاجة.
وقد بلغت ديون مصر الخارجية 137 مليار دولار تمثل حوالي 34% من الناتج المحلي و إذا أضفنا إليها 255 مليار جنيه ديون داخلية فإن الإجمالي يمثل 60% من الناتج المحلي و التي تعد نسبة آمنة عالميا..
وتوقع صندوق النقد الدولي انخفاض نمو اقتصاد مصر خلال العام المالي الجاري 2022، إلى 4.8% مقابل 5% والتي كان يتوقعها الصندوق في أبريل الماضي، بما يعني استمرار حدوث نمو في الاقتصاد المصري و أن لم يكن بالقدر المطلوب و أن لم يكن محققا لطموحات الشعب و القيادة، إلا أنه وفق الظروف العالمية يعد نموا ايجابيا.
اطمئنوا مصر بخير .
----------------------
بقلم : إلهام عبدالعال
من المشهد الأسبوعية