26 - 04 - 2024

لماذا لم يتم القبض على مرتضى منصور؟

لماذا لم يتم القبض على مرتضى منصور؟

جدل قانوني بشأن تنازع الاختصاص وقبول نقض الحكم قبل تسليم نفسه

أثار حكم حبس مرتضى منصور، رئيس نادي الزمالك، شهرا مع الشغل والنفاذ، جدلاً كبيرًا في الوسط الرياضي، وامتد ليصبح قضية رأي عام بعدما ظهر في احتفالية تسليم الدوري، وهو ما وجه السؤال حول مدى قانونية الحكم وكذلك حول الجهات التنفيذية، والتي صدر بسببها لاحقًا بيان استثنائي من وزارة العدل يطالب بعدم ذكر اسمها في سجالات السوشيال ميديا. 

وكانت محكمة جنح مستأنف الاقتصادية قد أصدرت حكمًا نهائيًا على مرتضى منصور في القضية المرفوعة ضده من رئيس النادي الأهلي محمود الخطيب، حيث قضت المحكمة بتعديل حكم حبس رئيس نادي الزمالك من الحبس سنه إلى الحبس شهرا مع الشغل والنفاذ في القضية رقم ٨٣ لسنه ٢٠٢٢ جنح اقتصاديه في القضية التي يتهمه فيها الخطيب بالسب والقذف والطعن في عرضه وخدش سمعه عائلته.

بعد صدور الحكم أكد خبراء قانونيون أن الحكم نهائي ويجب على الجهات التنفيذية، أي وزارة الداخلية، أن تقوم بالقبض على رئيس نادي الزمالك، وأكد بعضهم أن الحكم واجب النفاذ ولا يسقط إلا بتنازل رئيس الأهلي الصادر لصالحه الحكم، شرط أن يسلم “منصور” نفسه للسلطات قبل التنازل لتحل القضية، فيما يرى آخرون أن هناك أدوات أخرى يمكن من خلالها إيقاف تنفيذ الحكم. 

وفي أثناء هذا الجدل، انتقد العديد من الخبراء القانونيين عبر وسائل الاعلام عدم تنفيذ الحكم، وهو ما دفع وزارة العدل لإصدار بيان استثنائي للرد، ونفت فيها الوزارة صلتها بتنفيذ الأحكام الجنائية، مُحذرة البعض من الزج باسمها في مثل هذه السجالات.

وقالت في بيان صحفي: "نظراً لما يتم تناوله في وسائل التواصل الاجتماعي خلال الفترة الحالية من سجالات حول الأحكام القضائية وتنفيذها.. وزارة العدل تهيب بالجميع عدم الزج باسمها في هذه السجالات التي تنم في كثير منها عن عدم دراية كافية بأحكام القانون ذات الصلة بتنفيذ الأحكام الجنائية".

وأكدت الوزارة أن القضاء مستقل في عمله، ويصدر أحكامه بما يتوافر أمامه من أدلة وقرائن أو عدم توافرها في كل قضية على حدة، ويكون التعقيب على أحكامه من خلال طرق الطعن القانونية.

ودعت وزارة العدل أطراف القضايا ومتابعيهم إلى ضبط الألفاظ والالتزام بالتناول الموضوعي في الإطار القانوني لتلك الأمور حتى لا يتعرض المخالف إلى المساءلة الجنائية المقررة لمواجهة مثل هذه الجرائم.

البيان الاستثنائي قوبل بتفسيرات عديدة، بين من رآه مجرد توضيح من الوزارة على اقتصار دورها على إصدار الأحكام، وهو الدور المختصة به الوزارة، وبين من رآه تأكيدًا من العدل بأنهم قاموا بدورهم وأصدروا حكمًا نهائيًا وفي انتظار الجهات التنفيذية لتنفيذه. 

بعد عدة أيام من الاختفاء، وبعد شائعات حول القبض على منصور، خرج منصور في فيديو عبر فيس بوك، ونفى فيه جميع شائعات حبسه وأكد أنه حصل حكم بإيقاف حبسه شهرا في قضية سب محمود الخطيب بعد تقدمه بعريضة دعوى لمحكمة النقض، وقال إن محكمة العجوزة أصدرت حكم بغرامه 10 آلاف جنيه بتهمه سب الخطيب ثم محكمة أخرى أصدرت حكما بحبسه شهر .

وأوضح منصور إنه استند في وقف الحكم الصادر ضده إلى مواد في قانون الإجراءات الجنائية المصري، حيث قال: "أقول لمن يجهل القانون إن محكمة العجوزة المختصة في نظر القضية أصدرت حكما بتغريمي 10 آلاف جنيه، وفي نفس القضية أصدرت المحكمة الاقتصادية حكما بالحبس لمدة شهر ... بمجرد تقديمي دعوى لمحكمة النقض تفيد صدور حكمين مختلفين في نفس القضية، أدى ذلك لوقف حكم الحبس لمدة شهر".

وقد أشار مرتضى منصور في الفيديو إلى المواد 227 و228 و229 من الفصل الثالث في قانون الإجراءات الجنائية المصري والتي تتعلق بـ"تنازع الاختصاص"، وتنص كل منها على: 

- مادة (227): إذا صدر حكمان بالاختصاص، أو بعدم الاختصاص من جهتين تابعتين لمحكمتين ابتدائيتين أو من محكمتين ابتدائيتين أو من محكمتين من محاكم الجنايات أو من محكمة عادية أو محكمة استثنائية يرفع طلب تعيين المحكمة المختصة إلى محكمة النقض.

- مادة (228): لكل من الخصوم في الدعوى تقديم طلب تعيين المحكمة التي تفصل فيها بعريضة مشفوعة بالأوراق المؤبدة لهذا الطلب.

- مادة (229): تأمر المحكمة بعد اطلاعها على الطلب بإيداع الأوراق في قلم الكتاب ليطلع عليها كل من الخصوم الباقين، ويقدم مذكرة بأقواله في مدة العشرة أيام التالية لإعلانه بالإيداع، ويترتب على أمر الإيداع وقف السير في الدعوى المقدم بشأنها الطلب، ما لم تر المحكمة غير ذلك.

وشدد منصور على أنه طبقا للقوانين، فإن الحكم القضائي لن ينفذ، قائلا في تصريحات سابقة لقناة ناديه: "أراهن بكل تاريخي، إذا لم تلغَ الأحكام في محكمتي الاستئناف والنقض سأعتزل المحاماة ورئاسة الزمالك" وأتم: "سآخذ حقي بالقانون، فالحُكم الصادر لن يتم تنفيذه، لا يزال هناك نقض ولا بد وأن تذهب القضية إلى محكمة النقض أولًا".

يرى حمدي عبدالستار ، المحامي والباحث القانوني، إن مرتضى منصور من حقه قانونا أن يتقدم بطلب اشكال بوقف تنفيذ الحكم، ومن حق النائب العام قانونا أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة مؤقتا لحين الفصل في الطعن بالنقض، وهذه سلطة استثنائية للنائب العام. 

وأضاف عبدالستار في تصريحات خاصة لصحيفة "المشهد"، أنه في حالة وجود قضية واحدة تنظر أمام محكمتين مختلفتين ويصدر فيها حكم مختلف، يجوز للشخص الصادر في حقه هذه الأحكام أن يتقدم بطلب يسمى قانونًا طلب عارض لرئيس محكمة النقض، ومن حق رئيس محكمة النقض أو نائبه أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة لوجود تنازع في الاختصاص، لأنه طبقًا للقانون لا يجوز أن يعاقب المتهم على ذات القضية مرتين بحكمين مختلفين. 

وأوضح أنه من حقه أن يقوم بتقديم طعن في حكم المحكمة الاقتصادية، خلال ٦٠ يومًا من تاريخ صدور الحكم بموجب مذكرة تودع في قلم كتاب المحكمة ويتحدد لها جلسة أمام محكمة النقض، ويطلب فيها بشق مستعجل بوقف تنفيذ العقوبة لحين الفصل في الطعن بالنقض.

وحول ما أثير عن عدم قدرة المتهم بتقديم نقض إلا من بعد أن يكون محبوسًا لدى السلطات التنفيذية، أكد عبدالستار أنه طبقًا للقانون يستطيع المتهم أن يمنح محاميًا توكيلًا خاصًا بايداع مذكرات والطعن بالنقض، القانون لا يلزم المتهم بتقديم النقض إلا إذا كان محبوسًا، هذا غير صحيح. 

وأكد عبدالستار أن الحكم الذي صدر ضد رئيس نادي الزمالك قبل أن يتقدم منصور بطعن حول تنازع الاختصاص كان حكمًا واجب النفاذ ويجب على السلطات التنفيذية أن تقوم على الفور بالقبض عليه وإيداعه في السجن، مشيرًا أنه لا توجد قوة أو جهة على وجه الأرض تستطيع أن تمنعهم من تنفيذ هذا الحكم، وبعد حبسهم يجب أن تنتظر قرارًا من محكمة النقض في الطلب الذي قدمه مرتضى منصور الخاص بتنازع الاختصاص، أو من النائب العام بوقف تنفيذ العقوبة لحين الفصل في الطعن بالنقض. 

من جهته يرى محمد عيسى، المحامي والباحث الحقوقي، أن النصوص الثلاثة التي استند إليها مرتضى منصور من قانون الاجراءات لاعلاقة لهم بالأحكام وتنفيذها والاشكال فيها ووقف تنفيذها نهائيا، وأكد أن المواد 227و228 و229 اجراءات وردت في باب اختصاص المحاكم الجنائية فصل تنازع الاختصاص. 

وأوضح عيسى بشكل مبسط هذا القانون، حيث قال أنه عندما يكون هناك خلاف بين محكمتين على قضية متداولة، يقوم أطراف الدعوى أو من يرغب منهما بتقديم طلب لمحكمة النقض لتحديد المحكمة المختصة، وعلى محكمة النقض أن توقف السير في الدعوى حتى تفصل في الاختصاص. 

وأكد أن هذه القوانين الثلاثة مختلفة عما يقصده مرتضى منصور، مشيرًا أنه لتحديد الجهة المختصة، يجب على المحكوم عليه بعمل ٣ إجراءات، أولاً يودع مذكرة بأسباب الطعن بالنقض، ثانيًا يسلم نفسه للجهات التنفيذية كشرط لقبول النقض، ثالثا: يستشكل في تنفيذ الحكم وتحدد جلسة لنظر الاستشكال. 

ويجوز وقف تنفيذ الحكم القضائي في حالات محددة، حيث نصت المادة 55 من قانون العقوبات على أنه: يجوز للمحكمة عند الحكم في جناية أو جنحة بالغرامة أو بالحبس مدة لا تزيد عن سنة أن تأمر في نفس الحكم بإيقاف تنفيذ العقوبة إذا رأت من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التي ارتكب فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى مخالفة القانون

ويجب أن تبين في الحكم أسباب إيقاف التنفيذ. ويجوز أن يجعل الإيقاف شاملا لأية عقوبة تبعية ولجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم. المادة 56 يصدر الأمر بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم الذي يصبح فيه الحكم نهائياً.

ويجوز إلغاؤه في حالتين، الأولى إذا صدر ضد المحكوم عليه في خلال هذه المدة حكم بالحبس أكثر من شهر عن فعل ارتكبه قبل الأمر بالإيقاف أو بعده، أما الثانية إذا ظهر في خلال هذه المدة أن المحكوم عليه صدر ضده قبل الإيقاف حكم كالمنصوص عليه في الفقرة السابقة ولم تكن المحكمة قد علمت به.

وطبقا للقانون يصدر الحكم بالإلغاء من المحكمة التي أمرت بإيقاف التنفيذ بناء على طلب النيابة العمومية بعد تكليف المحكوم عليه بالحضور.

وإذا كانت العقوبة التي بني عليها الإلغاء قد حكم بها بعد إيقاف التنفيذ جاز أيضا أن يصدر الحكم بالإلغاء من المحكمة التي قضت بهذه العقوبة سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب النيابة العمومية، ويترتب على الإلغاء تنفيذ العقوبة المحكوم بها وجميع العقوبات التبعية والآثار الجنائية التي تكون قد أوقفت، وإذا انقضت مدة الإيقاف ولم يكن صدر في خلالها حكم بإلغائه فلا يمكن تنفيذ العقوبة المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن .
---------------------
تقرير: عبدالرحمن العربي
من المشهد الأسبوعية






اعلان