إن الحب والخبز جناحان لاستقرار البيوت، وإن أهمية تنمية الخبز في هذه الأوقات الصعبة للسلام الأسري، كأهمية تنمية الحب، سواء بسواء، خاصة وأن بعض التحديات في العلاقات الاجتماعية تحتاج إلى البنوك والجيوب لا الفقهاء والعلماء والقلوب.
إن الفقر عدو البيوت، ومن عباءة العوز خرجت أزمات ضخمة، منعت بناء أسر، وعصفت بعائلات، وكتبت عقد افتراقها، ونُسب لسيدنا علي بن أبي طالب، رضي الله عنه ، أنه قال: "لو كان الفقر رجلا لقتلته".
وإن الرفاهية حق مشروع للجميع، وسبب من أسباب السلام الأسري، وعامل مساعد في زيادة الاستثمار الايجابي في الذرية، والتنعم بالطيبات وفي هذا قال تعالى :" قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ "، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :"إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ".
وبين الفقر والرفاهية يقف مسار الستر، الذي تسير فيه عائلات عدة، تهرب من أمواج الفقر بسفن الحكمة والصبر، وتحاول الوصول إلى بر الأمان رغم مئات الأحداث التي تشدها للوراء حيث دوامات من القلق تحاول الفرار منها بالكاد في هذه الأيام الثقال.
إن الاستسلام للفقر خطر ، وإنه من الأهمية بمكان التحرك بقوة لمفارقة درب العوز والسعي للستر وصولا للرفاهية ، أما ترك زوجة بمفردها تدور في رحى الحياة المتوحشة لتصرف على بيت دون عذر قهري مقعد ، هو من علامات قيام الساعة الأسرية في عالم لا يرحم المرأة.
لقد كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء بمصر عام 2018، عن أن عدد الأسر التي تعولها سيدات حوالي (3,3 مليون أسرة) من بينهم 16.6 من المتزوجات والباقي أرامل ومطلقات، وبحسب إحصاءات الأمم المتحدة فإن نسبة هؤلاء النساء في العالم كله 42.9% من أسر العالم، وهي نسب موجعة وفاضحة لمن لا عذر له.
وهنا يجب التذكير أن هناك فرق بين القعود عن تحصيل الخبز، وقلة الخبز بعد تمام السعي، فالأول بطالة والثاني أزمة، ورغم ذلك فإن الاثنين يجب التعامل معهما بكل الطرق التنموية والتحفيزية الممكنة اقتصاديا وبشريا عبر كل المعنيين بالأمر وأصحاب القرار، لمد يد العون للفقراء والمحتاجين.
إن مواصلة السعي للتنمية الاقتصادية للأسر، واجب الوقت، وقيام أرباب البيوت بواجبهم وفق آخر ما في الوسع والبذل، في مثل الظروف الاقتصادية القاسية التي تحياها المجتمعات، هو عمل أصيل له المجد في الأرض والسماء.
إن حضور الحب دون الخبز أو العكس خطر داهم، وإن الحاجة باتت أكثر إلحاحا ، إلى تضافر كل الجهود في تنمية الخبز والحب معا ، خاصة في ظل تقلبات المناخ والاقتصاد والتهديد المستمر للأمن الغذائي للدول.
-----------------------------
بقلم: حسن القباني