(صُباعُ) الكافر، ليس إصبعا حقيقيا من لحمٍ ودمٍ وعظم، وليس الكافرُ شخصا بشحمه ولحمه، ممن يظهرون في الأفلام الدينية بعين تبرُق، وجبين مُقطب، ووجه عَكر (يِقطع الخَلف) أو (الخميرة من البيت)، ولكنه وصفٌ لتمر إحدي أشجار النخيل بحقلِ صنوي وزميل دراستي فوزي .
وفوزي شخص جمعَ الأضداد في انسجام غريب، فرغم ضخامة بنيته، إلا أنه كثيرا ما يكون وديعا وداعة فرس نهر التهم وجبة دسمة، واستلقي علي الشاطئ يستشرف هضمها، وإذا ما غضب يكون أسدا هصورا يملأ الأفق زئيرا فتختبئ بسماعه الصيود في أوكارها.
وأتعجبُ .. لماذا نسبَ فوزي هذه التمرة للكافر، ولم ينسبها لشخصية أسطورية كانت مضرب المثل في الشجاعة والقوة كعنترة بن شداد، صاحبِ القوة الخارقة، والبطولاتِ المجيدة، وصولاتِ الحروب وجولاتها، التي شيَّد لعبسٍ بفضلها مجدًا خالدا بين قبائل العرب ؟
أو يُنسبها لحاتم الطائي، فخر العرب في السخاء والجود، أو لهند بنت النعمان، آية الحسن والجمال، ومطلب الخُطاب حتي الخلفاء !
والتي أنشدت يوما، وهي تدل في تيه، وتميس في عجب :
وما هندُ إلا مهرةٌ عربية .. سليلةُ أفراس تحللها بغل .
أو يُنسب هذه التمرة لغير هؤلاء ممن حفلت بهم كتبُ الأدب، وكانوا رمزا للقوة والجمال .
أيَّا كان سببُ الإضافة والنسبة، إلا أنها تعكسُ موروثا ثقافيا خاطئا، صوََّر الكافرَ (سوبر مان)، ونَظرَ إلي المسلم باعتباره شخصًا ضعيفا، خائر القوي، مُحطمَ الإرادة، وهو ما علي خلاف الحقيقة، ويشهد علي ذلك حمزةُ أسدُ الله، وعمرُ فاروق الأمة، وعليٌ رمز التضحية والفداء، وخالدُ سيفُ الله المسلول، وعمرو بن العاص داهيةُ العرب، وغيرهم .
ربما تناسي فوزي كل ذلك، وربما نُقلت إليه إضافة ونسبة هذه التمرة عن سابقين، إلا أن هذا الوصف كان أسوأ ما يُشين هذه التمرة بالرغم من كبرِ حجمها، ولَذةِ طعمها .
ولمن لا يعرف فلنا مع هذا الوصف حكاياتٌ وروايات طريفة، كنا نتندرُ بها مع من لا يعرف سره، إذ دأب من نُخطره بأننا سنُطعمُه (صباع) الكافر أن تصطك أسنانُه، وترتعد فرائصه، ويتفصد جبينُه عرقا، ويتساءل في دهشة بكلام لايكاد يبين :
أيُّ متعة في أكل صباع الكافر .. وهل مازال عندكم كفار ؟
يُردد الضيوف هذه الأسئلة، ونحن نستلقي علي ظهورنا من شدة الضحك .
لا يدوم غيابُ فوزي كثيرا، حتي يُقبل في صَرة، وبيده طبق مملوء بتمر كبير الحجم، لذيذ الطعم، نتباري في التهامه، فيسكرنا طعمه، وما إن نفرغ حتي نسأل المولي أن يكون كلُّ الكفار بهذا الجمال واللذة !
----------------------
بقلم: صبري الموجي