25 - 04 - 2024

الدير المحرق بأسيوط .. القدس الثانية

الدير المحرق بأسيوط .. القدس الثانية

حبا الله مصر  دائما وابدا بالحب وبالبركة وبذكرها فى كتبه المقدسة (التوراة والإنجيل والقرآن) . وقد كان من علامات ذلك الحب وهذه البركة وصول كثير من انبياء الله إلى مصر والعيش فيها والاحتماء بارضها واهلها . فقد جاءها ابراهيم ابو الأنبياء .وكان يوسف مشاركا فى حكم مصر وتربى موسى وتهذب بحكمة المصريين . وجاءت إليها العائلة المقدسة ( السيد المسيح والسيدة مريم ويوسف ) حماية من اضطهاد هيرودس الملك الذى كان يزمع قتل السيد المسيح تنفيذا لقراره بقتل الأطفال الذين سيكون ضمنهم الطفل يسوع حتى لا يحكم كما كان يفهم اليهود حينذاك.  ولذا كان قد جاء ملاك الرب إلى مريم العذراء وقال لها : خذوا الصبى واهربا إلى أرض مصر حيث أن هيرودس مزمع أن يقتل الصبى . وجاءت العائلة المقدسة إلى أرض مصر حماية من هيرودس والأهم أنها قد باركت شعب مصر حسب ماجاء فى نص التوراة ( مبارك شعب مصر ) . جاءت العائلة المقدسة ومرت بمحطات رحلتها عبر سبعة وعشرين محطة كان آخرها منطقة الدير المحرق بالقوصية اسيوط. ومنطقة المحرق كانت تسميتها تعود إلى أن تلك المنطقة يتم فيها حرق مايراد خرقه . وهناك مسمى آخر وهو منطقة جبل قسقام وهو مسمى تاريخى فرعوني حيث أن هذه المنطقة منطقة فرعونية وبها اثار مير الشهيرة . كما أن تلك المنطقة قسقام هى التى أوقفت وهزمت زحف الهكسوسى على مصر.

وعندما ظهرت الرهبانية فى مصر على يد انطونيوس فى جبال البحر الاحمر . حيث كانت مصر هى البلد الأوحد الذى نقلت عنه فكرة الرهبانية المسيحية فى العالم كله. وعندما تحولت الرهبنة من رهبنة فردية إلى رهبنة جماعية . كانت تلك الأديرة التى تجمع مجموعة من الرهبان يعيشون سويا مايسمى بحياة الشركة فى تلك الأديرة . وكان من طبيعة الأشياء أن يتجمع هؤلاء الرهبان وينشئون هذه الأديرة فى الأماكن التى جاءت إليها العائلة المقدسة . وكانت منطقة المحرق أو جبل قسقام هى تلك المنطقة التى انشئ فيها دير السيدة العذراء بالمحرق بالقوصية . والأهم أن هذه المنطقة هى المنطقة الوحيدة التى جاءت بها نبوءة فى العهد القديم ( التوراة) تقول أقيم لك مذبحا وسط أرض مصر .

ولذلك كان دير العذراء بالمحرق هو الدير الذى تم التنبؤ بمكانه انجبليا حيث أن مكانه جغرافيا هو وسط أرض مصر شمالا وجنوبا شرقا وغربا.

كما أن العائلة المقدسة أقامت بالمحرق أطول فترة فى كل الأماكن التى مرت بها حيث ظلت هناك لمدة ستة أشهر وعشرة أيام . وتم بناء مذبح فى المكان التى أقامت فيه العائلة المقدسة وهو الكنيسة القديمة بالدير . وعلى اعتبار أن القدس الذى يقوم المسيحيون بزيارتها بركة وحجا لأنها المكان الذي عاش فيه السيد المسيح طوال حياته . ولذا كان الأحباش ( اثيوبيا) عندما يقومون بالحج إلى القدس كان لابد قبل زيارتهم للقدس يزورون دير السيدة العذراء بالمحرق على اعتبار أن الدير هو القدس الثانية . كما أن دير المحرق يعتبر من أكبر الأديرة فى العالم . وكان يمتلك حوالى خمسة آلاف من الأفدنة . ومما يذكر هنا أنه عندما قامت ثورة يوليو ١٩٥٢ وتم مصادرة الأراضى التى تزيد ملكيتها عن مائتى فدان لم يطبق قانون الإصلاح الزراعى على دير المحرق وظل الدير محتفظا بالملكية. وقد فعلت الدولة خيرا على اعتبار أن رحلة العائلة المقدسة قد أصبحت رحلة سياحية عالمية خاصة بعد أن أعلن بابا الفاتيكان قداسة الأماكن التى زارتها العائلة . حفظ الله مصر وشعبها العظيم والمباركة .
-----------------------
بقلم : جمال اسعد

مقالات اخرى للكاتب

ماذا يريد الشعب؟ (٩)





اعلان