31 - 10 - 2024

بيوت بلا بطالة ولا التصاق

بيوت بلا بطالة ولا التصاق

في أحضان "البطالة" و"الالتصاق" تولد مئات الأزمات في العلاقات الأسرية، ما يساهم في زيادة فرص التوترات في الأسر العربية والمصرية أو الطلاق العنيف والافتراق غير الحضاري ، وتقويض محفزات الوفاق والوئام.

وتشكو بعض الزوجات – وكانت منهن إحدى المشاهير بعد انفصالها مؤخرا - من أن زوجها " عاطل ولا يعمل"، و"ملتصق" بها طوال اليوم، ويشكو بعض الأزواج من أن زوجاتهم "ملتصقات " بهم دون مبرر، وزادت الشكاوي بعد جائحة كورونا ، بسبب تغير نظم العمل ، ما أدى إلى وجود فراغ والتصاق طوال اليوم ، جعل الزوج أو الزوجة في متابعة لصيقة لبعضهما البعض و"مناكفات" دائمة وعلى أتفه الأسباب ، ما أدى إلى زيادة التفكك الأسري .

ووفق الدراسات المعنية، فإن من أهم الآثار السلبية للبطالة زيادة التوترات الأسرية وانهيارها بسبب "الفقر، والديون وضغوط السكن، وتآكل الثقة واحترام الذات"، بل إنها قد تدفع الأبناء في غيبة الضمير والقيم إلى الجرائم ، كما تساهم في حدوث اضطرابات نفسية قاسية لدى الوالدين أو الأبناء وخاصة الاكتئاب.  

والالتصاق من أبرز آثار حب التملك والسيطرة سواء لدى الزوج أو الزوجة، أو من الوالدين تجاه الأبناء، وبحسب المختصين ، يؤدي مرض حب السيطرة والتملك إلى تضيق الخناق سواء من الزوج على الزوجة أو العكس ، أو من الوالدين على الأبناء، بغرض معرفة كل التفاصيل عن الآخر، والالتصاق به ومصاحبته في كل مكان ووقت بصورة غير مبررة تحت دوافع سلبية منها الغيرة السلبية والشك والتعلق المرضي.

وفي هذا ، يقول الأديب الكبير الراحل إحسان عبد القدوس:" هناك شئ اسمه الحب وشئ اسمه: غريزة التملك ، وبين الحب وغريزة التملك خيط رفيع.. رفيع جداً.. إذا ما تبينته تكشف لك الفارق الكبير!".

ولعل مواجهة البطالة، على جميع المستويات الرسمية وغير الرسمية، بإجراءات اقتصادية مدروسة، هو السبيل الأول لإغلاق باب تلك الأزمة ، فالخبز والحب جناحان لاستقرار البيوت والفقر أحد أهم أعدائها.

وإن فقه المسافات الحضارية سبيل لحل أزمة الالتصاق ، فالالتصاق اختراق واختناق والابتعاد مذهبة للوداد، وبالتالي فلا ينبغي الاقتراب حد الاختناق والالتصاق، ولا الابتعاد حد الهجران و تمهيد الافتراق، وفي متون فقه المسافات الحضارية أو ما يعرف بذكاء المسافات حلول كثيرة، وللمستشارين المختصين حلول كذلك وفق الحالة لمن طلب الدعم والإعانة.

إن الوفاق يمكن أن يعم البيوت والعلاقات الإنسانية التي تأثرت من جراء الالتصاق والبطالة، بشرط الوعي وبدء التصحيح والسعي للتغيير، فلكل داء دواء ولكل سعي جزاء ولكل تغيير إيجابي مناخ ايجابي، والله لا يضيع أجر المصلحين لذواتهم وبيوتهم.
----------------------
بقلم: حسن القباني

مقالات اخرى للكاتب

لن نعيش في جلباب الماضي