وجه القاضى بهاء الميرى رسالة مؤثرة إلى المجتمع والأسرة المصرية وإلى الطالب المتهم بقتل الطالبة نيرة أشرف طالبة جامعة المنصورة قبل تحويل أوراقه إلى مفتي الجمهورية.
وقال القاضي: «قبل النطق بما انتهت إليه المداولة، تتقدم المحكمة بكلمة إلى المجتمع، تراها في هذا المقام واجبة : دنيا مقـبلة بزخارفها، وإنسان متكالب على مفاتنها، مادية سيطرت، فاستلبت العقول وصار الإنسان آلة، يقينٌ غاب، وباطل بالـزيف يحيا، وتــفاهات بالجهر تتواتر، وبيت غاب لسبب أو لآخر».
وأستكمل: «والمؤنسات الغاليات صرن في نظر الموتورين سِلعة، والقوارير فواخير، ونفس تدثرت بداء حب زائف مكذوب، تأثرت بثقافة عصر اختلطت فيه المفاهيم، الرغبةُ صارت حبًا، والقتل لأجله انتصارًا، والانتقام شجاعة، والجرأة على قيم المجتمع وفحش القول والعلاقات المحـرمة، تسمي حرية مكفولة».
وتابع : «ومن هذا الرحم ولد جنين مشوه، وَقود الأمة صار حطبها، بات النشءُ ضحية قدوة مُشوهة، وثقافات، مسموعة ومرئية ومقروءة، هذا هو حالها، ومن فرط شيوعه، واعتباره من قبلِ كثيرين كشفا لواقع، زين لهم فرأَوه حسنا، فكان جرم اليوم له نتاجا، افتذهب نفسنا عليهم حسـرات؟».
وأتم:«إن هذا الخلل، إن لم نأخذ على أيدي الموتورين ومروِجيه؛ استفحل ضررُه، وعز اتقاء شـره، واتسع الـرتق على الـراتق، ولكل ما تقدم، تطلق المحكمة صيحة: يا كل فئات المجتمع لابد من وقفة، يا كل من يقدر على فعلِ شيء هلموا، اعقدوا محكمةَ صُلح كبرى بين قوى الإنسان المتباينة، لننمي فيه أجمل ما فيه، اعيدوا النشءَ الملتوي إلى حظيرة الإنسانية، علموهُم أن الحب قرين السلام، قرين السكينة والأمان، لا يجتمع أبدًا بالقتل وسفك الدماء، أن الحب ريح من الجنة، وليس وهجأ من الجحيم، لا تشوهوا القدوة في معناها فـتَنحل الأخلاقْ، عظموها تنهض الأمة، هكذا يكون التناول، بالتربية، بالموعظة الحسنة، بالثقافة، بالفـنون، بمنهج تكون الوسطية وسيلته، والتسامح صفته، والـرشد غايته»«
وأضاف: «وإلى الآباء والأمهات نقول : لا تضيعوا من تعولون، صاحبوهم، ناقشوهم، غوصوا في تفكيرهم، لا تتركوهم لأوهامهم، اغــرسـوا فيهم القيم»
واختتم قائلا: «وإلى القاتل نقول: جـئت بفعل خسيس هز أرضًا طيبة أَسرت لويس، أهــرقتَ دمًا طاهرًا بطعنات غدرٍ جـريئة، ذبحتَ الإنسانية كلها، يوم أنْ ذبحتَ ضحية بريئة، أنَّ مَثلك كمثل نبت سامٍ في أرض طيبة، كلما عاجلهُ القطع قبل أن يمتد، كان خيرًا للناس وللأرض التي نبت فيها».