عرفت ساهر لاول مرة منذ سنوات عديدة، دائم التواجد والنشاط في كل فعالية وطنية؛ أو نقابية تخص الصحفيين. توقعت في البداية انه يخطط للترشح في انتخابات مجلس النقابة؛ وانه يسعى لتكوين شعبية بين صفوف الجمعية العمومية.
ويوما اثر يوم، وفعالية اثر أخرى؛ تأكدت انه "إنسان" حقيقي، بلا تكلف! يؤمن ان لديه واجبا يستحق ان يبذل أقصى ما يستطيع من جهد لأدائه! فيؤديه بهدوء وبلا ضجيج!
بعدما تتعرف اكثر على ساهر تكتشف انه شخص "صاحب واجب".. كل ما يشغله أن يؤدي ما يعتقد انه واحبه النقابي أو الوطني بإخلاص، وتفان! وهو ما لا يجعلك تشعر بأي غرابة؛ ان يظل "ساهر" طوال الوقت ساهرا على الاعداد لفعالية نقابية، أو جمع توقيعات الصحفيين في كل مناسبة، يكون مطلوبا فيها توحيد ارادتهم لتحقيق هدف لصالح الوطن أو لمصلحة المهنة وأهلها.. وهو ما ظل يؤديه بدأب واخلاص حتى آخر لحظات حياته على هذه الارض!!
ولا غرابة بالطبع الا ينقطع عن السؤال عن زميل في محنة، وعرض تقديم اي مساعدة. فلا اعتقد انني كنت الوحيدة من اهالي المعتقلين الذين واظب ساهر على السؤال عليهم، وكثيرا ما طلب بإلحاح الا أتردد في تكليفه بأي خدمة يستطيع تقديمها. وكثيرا ما عرض -رغم حالته الصحية -ان يأتي لمصاحبتي أيام الزيارة، ساعات الانتظار امام السجن، بهدف التهوين من مشقتها النفسية!! وفي كل مرة كنتارفض عرضه -مشفقة عليه من تعب ساعات الانتظار-شاكرة- ومؤكدة له انني لن اكون وحدي في المشوار !
كان آخر لقاء معه يوم تأبين الزميلة شيرين ابو عقلة. وكان التعب باديا عليه، وضعف حالته الصحية واضحا؛ لكنني لن انسى لمعة عينيه وابتسامته عندما ارتفع الهتاف لفلسطين والتحية لشيرين.. التفت الي متهللا وهو يقول "معقول؟ النقابة رجعت تاني؟".. هتف ساهر لآخر مرة "فلسطين عربية".. ثم، عكف على جمع توقيعات بشأن مطالب الصحفيين من الحوار الوطني، وبعدها؛ تركنا بهدوء، مثلما عاش وسطنا يؤدي بإخلاص ما يؤمن انه واجب، بلا صخب ولا ضجيج ولا استعراض!!.. طاب مرقدك يا رفيق، وإلى لقاء.
------------------------------
بقلم : إكرام يوسف
من المشهد الأسبوعي