قرب قرب ..هنا المزاد.. ألا أونا ألا دوى ألا تراي.. مبروك حاج زغلول، شارع المنتزه بطوله وعرضه تحت سيطرتك.. قتلنا لك الأخضر وفرشناه رملا، منحناك سلطانا علي كل سيارات السكان، "ولك علينا أي عربية متمردة ماتركنش عندك نطاردها بالأوناش والغرامات".. والنظافة علينا يا عم مادمت دفعت المئة ألف- والله أعلم-.. الإمضاء " حي مصر الجديدة "!!
الحي منح "الزغاليل" رخصة ديكتاتورية رأسمالية حُرة بتأجير ساحة ركن سيارات السكان!! قابلها السكان بحراك مجتمعي ديمقراطي راق مثلهم، " المقاطعة" ناجحة للآن!! لأسباب أهمها تجاهلهم.. ورعبهم من امتداد مساحة القبح إلى معسكر الميكروباصات بالألف ناطحة عشوائية- الألف مسكن سابقا- وانتشار عشوائيات العتبة، سَرٍيحة وبلطجية!! الحي أخذ ساتر إسمه "مقاول تأجير الساحة"، هو يقبض والمقاول يعافر!! وغالبا شارع المنتزه هو بالونة الاختبار لتعميم الساحات والزغاليل!! ليظهر ما أخفوه، تصحير الشوارع تهيئة لبيزنس مواقف، بادر نوابنا بمباركتها بقانون ترخيص السُياس الجاهلي، وغض البصر عن تصحير القاهرة!!
نطالب السيد رئيس الحي بنشر دراسة جدوى التصحير للمواطن!! اعلان مزايا تأجير الساحات ودحض المخاوف!! وخطة تقنين الركن!! هل هي مجانية لسيارة واحدة للأسرة!! هل يُحظر ركن التكاتك!؟ هل يٌعفي أصحاب المعاشات!! لو تصارحنا سنتحد!! ولو تعارفنا سنتفق!!
لنقدم لكم أنفسنا.. نحن سكان الأحياء العريقة معادي، زمالك، ومصر الجديدة.. مفاجأة التطوير المباغت، أصابتنا بأوجاع حنين وافتقاد.. استسلمنا بعد غضب، مختزنين روح أحيائنا في الوجدان، نَجتًر اعتيادنا تمييز فصول السنة من أفراح أشجار شوارعنا.. سيقانها العارية شتاءً، معارض مفتوحة لمنحوتات خشبية ببصمات السنين، عنفوان شق أخطبوط جذورها لوجه الأرض هي حكايات الجدود.. صبية تتخايل في الربيع.. وحتى اللحظة، لازلنا نسير في شارع عبد العزيز فهمي، وعزف العجلات على قضبان المترو المنزوع يشجينا، يرجف قلوبنا ارتطام السنجة بأطراف فروع أشجار تلهو.. نتباطأ لنحتفي ونرتوي من كل محل ومكان لم يندثر، ونكتشف غلاوة أصحابه وعماله وحلاوة بضاعته!! اعتدنا ومن بعدنا أولادنا، العودة من مدراسنا تحت مظلة الأشجار، اكاليل زهورها تبارك أرواحنا، تشاغب شعورنا ومريلتنا وكراريسنا.
صحونا يوما فزعين على طبول حفر، جراحات بنية تحتية تأخرت عهودا، وبعدما استوت الأرض تبدلت!! أصبحنا نتلمس طرقنا بحذر ووجل، هل لفظتنا شوارعنا!! هل تفتقد اكتمالنا، بشرا وأشجارا وملامح حي!! هل أوسدنا حَيُنا صندوق الذكريات!! نطوف شوارعنا العصية والجانبية، نطل على ألف حكاية كنا طرفا فيها، شركاء حياة، أرصفة وحرفيين وبياعين، وأسطوات تصليح كل حاجة بالمودة والأمانة والبساطة والرضا.. أصبحنا ودعامات توسيع وربط شرايين الشوارع تربكنا.. نما زرع شيطاني متوحش لمقاهي شيشة، وكافيهات كباري، غزو أكشاك هامبورجر تتنفس عادما، تنفث قبحا بصريا!! شياطين أخطر مساوئهم جذب شريحة مصرية دخلت المصيدة فضولا، كأنها دخلت حلبة اعلانات رمضان!! فرقصت على سلم الطبقات، دخلها قاصر ورغباتها مُستنفرة لا يوفيها إلا استنزافنا!! لتنزوي الطبقة الوسطي في مقاعد المتفرجين!! وتتجلى أفكار رئيس الشياطين عن بيزنس ألذ نماسة من أكشاك الشوارع، هو تصحيرها مواقف لسيارات سكانها!! الساعة 10ج، الليلة 25، والشهر 500ج!؟
الركن مقابل أجر، هام لتأمين وتسهيل الحركة أمام مواقع الخدمات العامة والتجارية والمدارس والمستشفيات.. لكنه ضد المنطق والعدل لسكان إيجارات قديمة كبيرها 20 ج، وأغلبهم معاشات!! شيطانكم وضعكم في مأزق حضاري وبيئى وأمني أمام مؤتمر المناخ!! ووضع نوابنا في مأزق تفسير الاشتراكية فى الدستور!
وهذا يقودني إلى الوجع العام.. تجاهل صراخ ملاك العقارات القديمة يؤيد الاغتصاب، يدعم الفساد والتنابز، ويدفع لجرائم المال والنفس!! تحرير العقود يحفظ ماء وجه حكومة تسترزق بالتصحير وتأجير الشوارع أكشاك ومواقف، ونواب عسل "آمين".
المواطن دافع الضرائب عن كل تفاصيل حياته، مستحق للعدالة وتأمين أملاكه، ووقف استنزافه بما يفوق إمكانياته.. انتبهوا ياسادة.. اعدلوا ما بين أملاك وموارد الدولة والفرد، لأن ميزان العدالة مال!!
------------------------------
بقلم: منى ثابت