26 - 04 - 2024

العلاقة الزوجية بين التكامل والندية

العلاقة الزوجية بين التكامل والندية

إما أسرة كصمام الأمان ، وإما أسرة لا يشق لها الغبار، لا نملك رفاهية الاختيار، ولا وقت لدينا سوى لبناء الاستقرار، ولا بناء قوي إلا على أكتاف زوج وزوجة متعاونين ومتكاملين لا متصارعين يحاول أحدهما اسقاط الآخر بالضربة القاضية، بينما في حقيقة الأمر ما يسقط هو منظومة الأسرة برمتها ، وهو أمر كارثي عظيم.

بداية ، البعض يرى أن الأصل في العلاقة بين الأزواج "تكاملية وليست ندية"، حيث أن وجود نوع من الندية في العلاقة يؤدي إلى الجفاف العاطفي بين الأزواج وعدم فهم كل منهما للآخر ، وفق هؤلاء، والذين ينصحون بدورهم ، بأن يلتزم الأزواج بالحوار والتفاهم والتعاون والتناغم والتكامل والتغافل ، أملا أن يؤدي ذلك بعد الاستعانة  بالله عز وجل إلى تجويد العلاقة الزوجية وتحسين تربية الأولاد والبنات في جو صحي.

ولكن البعض الآخر ، يذهب إلى أن الندية ليست شرا مطلقا ، حيث يزعم أن هناك نوعين من الندية :" ايجابية وسلبية" ، وأن الندية الإيجابية -بحسب ما يرى - تنتج تكاملا ولا تسمح بتسلط طرف على أخر أو وجود حب تملك وسيطرة واستنزاف مشاعر ، أما الندية السلبية فهي تقوم على الصراع والمنافسة والغيرة من الشريك والتشكيك في جهوده ومجهوده وإنكار دوره وتحميله كل المسئولية، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى تزايد السلوك السلبي العدواني القائم على العناد والسخط والنكد واللامبالاة و الإفشال والاحتقار.

اتفق الطرفان هكذا على بشاعة الندية السلبية، وفي هذا الإطار ، يرى خبير التنمية البشرية الراحل الدكتور ابراهيم الفقي في كتابه "فن التعامل مع الناس" أن " الندية" بين الأزواج بالاضافة إلى الأنانية وعدم التسامح وغياب القناعة من أهم معوقات الحياة الزوجية، ومن أهم روافد تعميق ثقافة النكد والصمت العاطفي والخرس الزوجي.

ويشير إلى أن تلك الأمراض جعلت الزوج لا يفكر الا فيما يريده هو بغض النظر عن زوجته واولاده، كما جعل الزوجة كذلك تفكر في مطالبها واحتياجاتها بصرف النظر عن ظروف زوجها ما أدى إلى غياب الحب الحقيقي غير المشروط وطغيان الحب المشروط ، وجعل الحياة الزوجية اقرب للصفقة التجارية مجردة من المشاعر العاطفية الحقيقية.

ويقدم د.الفقي رحمه الله روشتة العلاج، والتي تبدأ بتفهم وقراءة الزوجين لشخصية الطرف الآخر ، ومعرفة طبيعة عمله، إضافة إلى قبول فكرة الاختلاف والتعايش وادراك ان كلا الزوجين له عيوب والعمل على التوصل لأقرب الطرق لاحتواء تلك العيوب، مع الحرص علي عدم نقد الاخر باستمرار والتسفيه من رأيه من باب التظاهر والعنترية مع دوام حسن الظن.

ويبقى التساؤل وفق الكاتب الكبير الراحل عبد الوهاب مطاوع :" هل يستطيع الإنسان أن يعيش مرتين أو أكثر لكي يتعلم ويجيد فن الحياة، ويحسن التعامل مع ما يواجهه في حياته من اختبارات عسيرة وتناقضات كثيرة وألغاز محيرة؟".

 ويجيب الأستاذ مطاوع في كتابه "أرجوك أعطني عمرك" قائلا :" إن الإنسان لكي يحقق هذه الأمنية الصعبة، فإنه يحاول أن يطيل عمره المحدود بإضافة أعمار الآخرين إليه.. بمعنى إضافة ما تعلمه الآخرون من دروس حياتهم وتجاربهم إلى ما تعلمه هو من أخطاء وعثرات .. فهو بذلك يضيف عصارة أعمار هؤلاء الآخرين إلى عمره".

نتمنى أن نكون سببا في اضافة عمر جديد إلى كل زوج وزوجة بهذه الكلمات، والله من وراء القصد.
-------------------------
بقلم: حسن القباني

مقالات اخرى للكاتب

لن نعيش في جلباب الماضي





اعلان