25 - 04 - 2024

أعينوا الشباب على الزواج

أعينوا الشباب على الزواج

لازالت تشغل قضية زواج القاصرات حيزا مهما من الاهتمام في الفترات الماضية،  وسط اصطفافات متباينة ومعارك طاحنة، بينما لا تلقى أزمة تأخر سن الزواج والعزوف عنه نفس القدر من الإهتمام والحلول، رغم أن توابعها الاجتماعية عظيمة، وأبعادها ممتدة في مصر والوطن العربي.

وأطلقت وزارة التضامن بمصر حملة قبل أيام ضد زواج الأطفال بالتزامن مع موسم الإجازات الصيفية، فيما لم نرصد حملات مماثلة للتشجيع على الزواج وتيسير الارتباط للشباب ودعم فرصهم في تكوين أسر في هذا الزمن المليء بالضغوط الاقتصادية والاجتماعية، غير مبادرة شخصية مقدرة من وكيل الأزهر السابق د.عباس شومان الذي يواصل العزف منفردا باقتراحات ايجابية لمواجهة صعوبة الزواج.

في مصر ، تشير أرقام آخر مسح ديموجرافي ، للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، إلى أن هناك 117 ألف طفل في الفئة العمرية من 10 إلى 17 عاما، متزوجون أو سبق لهم الزواج، وبدون أوراق ثبوتية، أما في لبنان فتشير الأرقام إلى أن هناك فتاة من بين كل 25 تزوجت تحت سن الثامنة عشرة، بينما يمثل الزواج المبكر في العراق وفقا للعديد من التقارير السبب الأكثر ورودا من بين أسباب  حالات الطلاق، فيما تبلغ عدد الطفلات المتزوجات في المغرب بـ 37 ألفا سنويا.

ولكن أيضا ، تشير الإحصائيات إلى أن هناك أكثر من 11 مليون امرأة بمصر تجاوزن سن الـ 35 عاماً دون الزواج، وبالطبع مثلهم من الشباب والرجال ، وسط ارتفاع معدلات الطلاق إلى مستويات غير مسبوقة، بلغت قرابة 50% من الزيجات الجديدة.

مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث سلط الضوء على تلك الأزمة ، فكشف في تقرير حديث عن أن العنوسة باتت تلتهم جزءا كبيرا من العربيات لأسباب مختلفة بينها عوامل مستجدة مثل "الزواج فوبيا" وهو الخوف من الزواج بسبب زيادة معدل الطلاق وعدم اليقين بشأن الاستقرار في المستقبل ، وخلصت الدراسة إلى أن تأخر سن الزواج بين العوامل التي تؤثر على ظاهرة معدلات الخصوبة المنخفضة لفئة الشباب، وهو ما قد يزيد من تقلص نسبة الشباب في المجتمعات العربية على المدى المتوسط والبعيد.

وأوضحت الدراسة أن المصريات جئن في المرتبة التاسعة خلال الثماني سنوات الأخيرة في ترتيب أكثر العربيات تأخرا في سن الزواج بنسبة 48 في المئة، فيما تصدرت القائمة اللبنانيات، ثم التونسيات، فالعراقيات، ثم الاماراتيات والسوريات، والمغربيات والأردنيات والجزائريات.

إن تأخر سن الزواج يتفاعل كذلك مع زيادة الضغوط الاقتصادية وارتفاع تكلفة الزواج والمهر وأسعار السكن وزيادة البطالة والفقر وتحسن نسب التعليم والتوظف بين الفتيات خاصة، ما دفع بعضهن للعزوف عن الزواج بعد تحقيق الاستقلال المادي.

إن الأثرياء العرب الذين يتكالبون في موسم الصيف لاصطياد القاصرات في زواج مطعون على شرعيته عليهم أن يصححوا هذا المسار ، وأن يستثمروا أموالهم في المساعدة في تزويج الشباب والفتيات.

ولعل البدء في تنفيذ مبادرات خيرية اجتماعية على امتداد الوطن العربي لدعم مشروعات الزواج ماديا ونفسيا وتأهيليا، هو الأنسب في هذه الأوقات الحرجة، التي يستثمر المخربون فيها أموالهم وأقلامهم في جذب الشباب والفتيات إلى المساكنة والشذوذ والامتاع الذاتي وخلافه بجانب استهداف ممنهج لتدمير منظومة الأسرة وزيادة نسب الطلاق.

إن بناء الأسر وصون العائلات هو صمام الأمان لأي وطن وأمة ، وأمانة عظمى تتطلب من الجميع السعي الجاد لمساعدة الشباب على الزواج والمساهمة الايجابية في إقامة بنيان البيوت عن حب ووعي، بجانب مساعي إنقاذ القاصرات من دوامة الأخطار.

ويبقى نداؤنا متواصلا إلى كل القلوب: أعينوا الشباب القادر على فتح بيت ورعاية قلب وصيانة روح وبناء حلم، فالزواج نعمة وبركة والتأخر غير المبرر عنه أزمة وربكة، وعلى الشباب أن يصنعوا تجربتهم بأنفسهم بعد وعي جميل وعهد وثيق تحت ظلال الحب والرقي.
--------------------------
بقلم : حسن القباني

مقالات اخرى للكاتب

لن نعيش في جلباب الماضي





اعلان