26 - 04 - 2024

إبراهيم عبدالفتاح لـ"المشهد" : الأغنية المقاومة لن تختفي وتتجلى في الأغاني المصاحبة للدراما

إبراهيم عبدالفتاح لـ

- كتبت "يحيا الزعيم" تحت وطأة استفزاز طاغ من مبارك وأسرته ونظامه ولا أعتبر هذا النوع من القصائد شعرا
- الفضاء الافتراضي يحتمل كل شئ  لكن التاريخ ذاكرته ضعيفة ولايحمل إلا النادر والثمين.
- شاكوش وبيكا يعبران عن الواقع الذي تربيا فيه حيث الشارع الشعبي، ضحية الإهمال في الصحة والتعليم والثقافة 
- الأغاني التي كنت أتمنى أن تغني هي تحديدا التي لم تخرج إلى النور وأحب الدراما بكافة أنواعها وأخلص لعملي فيها 

إبراهيم عبد الفتاح شاعر وكاتب مسرحي مصري ولد عام 1952، حصل على بكالوريوس الفلسفة ونال شهرته عبر كتابة شعر العامية، يعتبر من أهم شعراء جيل الثمانينيات الذين أحدثوا فارقا حقيقيا وواضحا في بناء القصيدة المحكية بالعامية. 

له العديد من المؤلفات التي تنوعت ما بين الدواوين الشعرية والنصوص المسرحية أهمها ديوان "صورة جماعية - شباك قديم"، كما كتب كلمات العديد من الأغاني لمطربين مشاهير مثل أغنية "لما الشتا يدق البيبان" للفنان علي الحجار، كما كتب كلمات أغنيات عديدة لبعض الأفلام والمسلسلات مثل فيلم "هي فوضي" و"حين ميسرة" ومسلسل "الدالي" وغيرها. 

مؤخراً كتب إبراهيم عبدالفتاح تتر مسلسل "جزيرة غمام" والتي أحدث حالة إعجاب من قبل الناس لدرجة أنه تحول إلى تريند، وعلق البعض عليه أنهم أحسوا روح الأبنودي فيه وذكرهم بزمن رحيم المنشاوي والبدر بدار، كما جمع ثنائيا انتظروه كثيرا، علي الحجار وإبراهيم عبدالفتاح.

لتسليط الضوء على مسيرة إبراهيم عبدالفتاح وحياته، أجرت المشهد معه هذا الحوار

* حدثنا عن كواليس عمل تتر جزيرة غمام ؟ فترة الأعداد والكتابة وشعورك بنجاح التتر ؟

- الحقيقة سعدت جدا عندما هاتفني صديقي عبد الرحيم كمال بخصوص كتابة أغنية المسلسل، وسر سعادتي أني أثق في إبداعه وفكره وتوجهه، ولاعتقادي أننا نتشابه في بعض التفاصيل ولأنني أثمن منجزه الروائي والدرامي، طلبت إليه أن يرسل الحلقات وشرعت في قرأءتها حتى نهايتها، وكانت لدي بعض التساؤلات وبالفعل ناقشناها وعندما بدأت الكتابة كنت أحرص أن أرسل له ماكتبت حتى لو سطرا واحدا، وكذلك الأمر مع المخرج المتميز حسين المنباوي، هذا وقد رجعت بعدما أنجزت الأغنية لقراءة الحلقات مرة أخرى لأنها ترقى إلى نص أدبي بليغ، عرفت بنجاح التتر من بعض أصدقائي بمحافظات الصعيد وكان بعضهم ينقل لي على الهواء ردود فعل الناس على المقاهي.

* كتب البعض معلقين علي تتر جزيرة غمام أنهم أحسوا بروح الأبنودي في الأغنية .. ما تعليقك علي هذا ؟

- أعتقد لأن التتر باللهجة الصعيدية والخال الأبنودي له باع كبير ومؤثر فيها، لكن على كل حال هذا حكم العامة غير المعنية بالفحص والتحليل واكتشاف خصوصية كل صوت شعري، البعض أيضا ذكروا شاعرنا الراحل سيد حجاب وغالبا أنا أقرأ التعليقات وأرحب بها جميعا ولا أشغل نفسي بالرد.

* هناك مفارقة في الساحة الغنائية.. فبينما تذوي أصوات رائعة مثل مي فاروق وأحمد إبراهيم.. ينتشر حمو بيكا وحسن شاكوش.. هل لديك تفسير لذلك ؟ وهل هي ذائقة الناس أم نوع من أنواع الكفر بالواقع ؟

- في تقديري أن كل فنان يختار طريقه بما يتناسب ومرجعيته الثقافية والاجتماعية، أو كما يقول المثل " كل إناء ينضح بما فيه" ، وأصوات مثل مي وأحمد إبراهيم راهنت على نوع محدد من الغناء الشرقي وقد نجحا في ذلك في حدود الرهان والطموح، أيضا شاكوش وبيكا يعبران عن الواقع الذي تربيا فيه ومن مخزون الشارع الشعبي، ضحية الإهمال في الصحة والتعليم والثقافة العامة، غير أنهما يعبران بالضرورة عن شريحة عريضة من الناس لا يمكن تجاهلها.

* - ذكرت في لقاء سابق أن الشعر والغناء يشبه المرحلة .. ما تقييمك للمشهد الشعري والغنائي في هذه المرحلة ؟

- خلينا نتكلم عن الأغنية لأن الأمر مختلف في المشهد الشعري، الأغنية فن يومي متصل بشكل مباشر بحركة المجتمع وظرفه الاقتصادي وعلاقاته وهي جزء من كل يشبه فوضى المرور والزحام واللا مبالاة، لكن هناك بعض الأغاني المميزة التي تظهر على فترات وتحاول تغيير المشهد وهي مؤثرة رغم ندرتها.

* هل هناك أغنية كتبتها وكنت تتمني أن تُغني ولم تخرج إلى النور ؟

- أغاني عديدة .. بل أن الأغاني التي كنت أتمنى أن تغني هي تحديدا التي لم تخرج إلى النور.

* يتنوع إنتاج إبراهيم عبدالفتاح ما بين المسرح والقصيدة والأغاني وتترات المسلسلات.. في أي منها يجد الشاعر نفسه ؟

- أجد نفسي حيث أكون .. بمعنى أني أحب الدراما بكافة أنواعها وأخلص لعملي وأحرص في إنجازه دون كلل أو ملل، هذا فيما يخص العمل أما القصيدة فشأن أخر وتتأثر حياتي تماماً في غيابها.

* وسائل التواصل الاجتماعي قلبت المعايير وجعلت معدومي الموهبة الأكثر انتشاراً.. فشاعرة مثل أميرة البيلي محدودة الموهبة لديها متابعين كثيرين جدا ... هل هي أزمة جيل ام نوعاً من عدم الإدراك لمتغيرات الواقع لدي المبدعين ؟

- يحتمل الفضاء الافتراضي كل شئ ، لكنه يبقى افتراضياً في نهاية الأمر وهو مفرزة عملاقة لن تفصح عن نتائجها الٱن، فالتاريخ ذاكرته ضعيفة ولايحمل إلا النادر والثمين.

* يعتبر كثيرون أن إبراهيم عبدالفتاح مثقف عضوي بمفهوم غرامشي يعيش الأحداث ويشارك فيها .. هل تعتقد أن هذا السلوك نفعك أم ضرك؟

- كل سلوك له وجهان ، ضار بقدر ماهو نافع ولقد تعودت أن أدافع عن خياراتي مهما كانت النتائج. 

* طفت جميع محافظات مصر لكتابة القصيدة .. ما هي أهم القصائد في مسيرة إبراهيم عبدالفتاح ؟

- صدقيني لا أعرف ويفاجئني الناس أحيانا بحماسهم تجاه قصائد بعينها لأكتشفها من خلالهم وأبدل تقديري لها.

* اختفت الأغاني المقاومة والناقدة للواقع مثل ما كان يقدمه الشيخ إمام أو عدلي فخري رغم حاجة الواقع الشديدة إليها .. هل هو الخوف من المؤسالة أم الزمن تغير أم وظائف الغناء تغيرت ولم يعد من بينها تغيير الواقع ؟

- لن تختفي أبدا الأغنية المقاومة، وتنتج أكيدا في الظل وهناك فرق ومطربون مستقلون، ومن الطبيعي أن يتجاهلهم الإعلام في الوقت الذي يفرد مساحات لكل ماهو مهادن، لكني أود أن أطمئنك لن تختفي الأغنية البديلة، هي فقط تتخذ أشكالا مختلفة عما قدمه إمام وفخري، أحيانا تتجلى في الأغاني المصاحبة للدراما في المسرح والفيلم والمسلسل.

* أطلقت ثورة يناير الخيال لكن الأحداث التي تلتها ردتنا إلى أوضاع أكثر تضييقا مما قبل الثورة.. ما أثر ذلك علي الشعر والشعراء ؟

- الشعر في مفهومه الخالص لايتأثر بالمتغير السياسي إلا إذا كنت تقصدين الشعر التحريضي. 

* كتبت قصيدة يحيا الزعيم في عز سطوة مبارك .. حدثنا عن شعورك وقتها ؟ وهل تعتقد أن الجميع يصمت الآن ام لا توجد أي تجاوزات ؟

- هذا النوع من القصائد لا أعده شعرا، ولا أضمه لديوان وغالبا هو نتاج الغضب الذي لا يمكن احتماله ، وكنت حينها تحت وطأة استفزاز طاغ من مبارك وأسرته ونظامه.
--------------------------
حوار – رانيا عبدالوهاب
من المشهد الأسبوعي






اعلان