25 - 04 - 2024

عن مطالب تأنيث الفقه والأسرة!

عن مطالب تأنيث الفقه والأسرة!

تبحث بعض الأقلام العربية والغربية، عما يسمونه" تأنيث" الفقه الإسلامي، في محاولة لحل أزمتهم المستمرة مع ما يسمونه "ذكورية الفقه الإسلامي"، ورغم أن "الأسرة" كلمة مؤنثة، إلا أن بعضهم يبحث كذلك ضمنا وعلنا عن إلغاء الرجل في بناء الأسرة، والتمركز المتطرف حول الأنثى لبناء رابطة شاذة "المثلية" أو سيادة أنثوية مطلقة، بلا ضوابط أو واجبات بل وبكامل الحقوق المقررة هنا وهناك ، وهنا المفارقة، ولكنها أزمة الأفكار العبثية التي نحياها، ولابد من تفكيكها لصون بنيان العائلات وحماية القلوب والبيوت.

يقول الكاتب والروائي الجزائري أمين الزاوي في مقال له ابريل 2021 على موقع "اندبندنت" عربية، والذي حمل عنوان"بحثا عن تأنيث الفقه":" اليوم الذي ستُحَرِّر فيه المرأة المتنورة الفقه من الأيديولوجيا الذكورية، يتحرر المجتمع من الدين السياسي، وتختفي الأحزاب الدينية أو يضعف رأسمالها من الغوغاء" وفق مايرى.

ويضيف الزاوي أن "اليوم الذي ستتأنث الدراسات الفقهية، وتتعدد أصوات الباحثات المتنورات .. ستتحرر النساء على الجبهات الأخرى"، مؤكدا أهمية محاربة" فقه الذكورة" والتي وصفها بأنه معركة المرأة الأخيرة والحاسمة بحسب تعبيراته.

وفي المقابل تعج المواقع ذات الأبعاد الإسلامية بالردود على اتهامات النزعة الذكورية في الفقه الإسلامي، اختار منها لعرض الرأي والرأي الآخر، دراسة تحت عنوان "النزعة الذكورية في الفقه الإسلامي دراسة تحليلية نقدية في إطار العلاقة الزوجية" للمؤلف مازن حريري، نشرها موقع مجلة الشارقة للعلوم الشرعية والدراسات الإسلامية، في المجلد 17 عدد 2 في عام 2020.

وتخلص الدراسة إلى أنها تناولت بالبحث مسائل فقهية في إطار العلاقة الزوجية كثر تداولها في الآونة الأخيرة بوصفها تكرس السلطة الذكورية على المرأة، سواء أكان ذلك في أحكام بعضها، أم في وجود عبارات تناولها الفقهاء تقلل من قيمة المرأة، و توحي بوجود نزعة ذكورية، وخلصت إلى نتائج عديدة من أبرزها: أنه ليس من العدل والإنصاف أن يتهم الفقه الإسلامي بالذكورية أو التحيز للرجل من خلال عبارات مرجوحة؛ أو نصوص شرعية مجتزأة، وبخاصة عندما تتضح طريقة تفكير الفقهاء، وتستبين منهجيتهم في النظر إلى المسائل ودراستها، وأن للعرف أثرًا في إطلاق الأحكام على بعضها، وأنه إذا وجد شيئًا من هذه النزعة الذكورية لدى بعضهم فلا تعدو أن تكون حالات فردية لا يمكن أن تعمم على الفقهاء كلهم.

وأكدت الدراسة أن النزعة الذكورية المتوهمة في بعض العبارات أو الأحكام التي يطلقها بعض الفقهاء هي في الغالب نظرة من حيث الظاهر؛ لا تصمد أمام التدقيق والتمحيص، وفهمها في سياق فهم طبيعة بحث المسائل في كل مذهب فقهي، ومعرفة المنهجية العلمية المتبعة لدى فقهائه في التمثيل والتشبيه التي لا يقصد منها الإساءة أو التحيز.

وشددت الدراسة على أنه ليس من العدل والإنصاف أن يتهم الفقه الإسلامي بالذكورية أو التحيز من خلال عبارات مرجوحة؛ أو نصوص شرعية مجتزأة، وبخاصة عندما تتضح نظرة الشرع للمرأة من خلال أدلة شرعية أخرى كثيرة مستفيضة توصي بالنساء خيرًا، و تحض الرجال على احترامهن ورعايتهن بالمعروف، وتأمرهم بأداء حقوقهن، وتزجرهم عن التهاون فيها أشد الزجر.

إن الزواج ميثاق عظيم ، وإن الأسرة شراكة مهيبة وملهمة، لبناء أجيال صالحة في مجتمعات مستقرة وأوطان عزيزة ، ونحن نميل إلى ضرورة تحرير العبارات من الأهواء ، وعدم الانجرار وراء الشعارات المسمومة، وندعو العقلاء إلى الجلوس على طاولة حوار لمعرفة الباعث الحقيقي حول التمركز المتطرف حول الأنثى، لبناء سلام عائلي ومجتمعي بعيدا عن النيل من الثوابت التي لاخلاف عليها ومن بينها حماية منظومة الأسرة.
-----------------------
بقلم : حسن القباني

مقالات اخرى للكاتب

لن نعيش في جلباب الماضي





اعلان