19 - 04 - 2024

تعزيز الرجولة والأنوثة

تعزيز الرجولة والأنوثة

وبينما نمضي على درب تقوية الأواصر والعلاقات وبينان العائلات، نجد الحاجة ملحة إلى تعزيز مفاهيم الرجولة والأنوثة، عن فقه وعلم ، في وجود مناخ داعم، حتى نتصدى للسلبيات والأخطار التي تواجه بينان الأسر والعلاقات في مراحل متقدمة من التواصل والبذل والعطاء.

في كتابه القيم، "ذكر شرقي منقرض"، يضع الاستشاري النفسي د.محمد طه خارطة وعي ايجابية في هذا الإطار، حيث يوضح أن الرجولة الحقيقية تشير إلى صفات مثل الشجاعة والشهامة والاصرار والتحدي واتخاذ القرار، ويؤكد أن الرجولة الحقيقية موجودة في الرجال والنساء الأسوياء نفسيا، فيما يشير إلى أن الرجولة المزيفة تحمل صفات مثل الخشونة والقسوة واستعراض العضلات والصوت العالي والافتراء والعنجهية، ويؤكد أنهاموجودة في الرجال والنساء غير الأسوياء نفسيا.

كما يوضح أن الأنوثة الحقيقية تشير إلى صفات مثل الحنان والقرب والمودة والرحمة والطيبة ورقة القلب، وتكون موجودة في الرجال والنساء الأسوياء نفسيا، أما الأنوثة المزيفة فتتضمن صفات مثل الميوعة والمياصة والاستضعاف والاستكانة والصعبانية والإغواء ، ويؤكد أنها موجودة في النساء والرجال غير الأسوياء في تركيبتهم النفسية.

الأمر ، وفق ما يذهب د.محمد طه،  في وضع الحدود لإقرار الإتزان، فالمرأة المتكاملة نفسيا لها حدود تعزز المنتج النهائي لشخصيتها، فهي حنونة ولكنها حازمة، رقيقة ولكنها صارمة عند الاحتياج، طيبة ولكنها لا تترك حقها، والأمر كذلك عند الرجل المتكامل نفسيا ، فهو شجاع ولكنه حنون ، شهم ولكنه حيي، مسؤول ولكن قلبه كبير، حازم ولكنه ودود.

ومن هنا ننطلق، فالأنوثة الحقيقية ليست عارا أو مجلبة للضعف والخذلان والاستغلال، والرجولة الحقيقية ليست تغييرا لصفات المرأة الجينية ، والمرأة التي تعد "بمئة رجل" ليست ذكرا أبدا، كما أن الحنان والود والحب والتسامح ليست صفات مناهضة للرجولة الحقيقية ولا تنتقص من الرجال، والقسوة والصلف والجبروت في البيوت ليست من الرجولة الحقيقية في شيء، ومن اعتراه نقص ما نقول له إلا ما قال العلماء: "إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم"، و"الوقت جزء من العلاج".

ومن هنا نفهم الاعجاز البياني في قوله تعالى :" وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَآيٰاتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ"، وندرك معنى قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن النبي الكريم صلوات ربنا وسلامه عليه حيث قالت عنه :" كانَ يَكونُ في مِهْنَةِ أهْلِهِ - تَعْنِي خِدْمَةَ أهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إلى الصَّلَاةِ". 

ومن هنا أيضا، نسعى لفك التأزم الذي صنعته سياسات الأرض المحروقة التي تديرها مجموعات متطرفة من هنا وهناك ، فنتائج التأزيم طالت كل مناحي الحياة وبنيان العائلات المستقرة في الفترات الأخيرة ، ودفع بـ"طاقات" شحن سلبية كثيرة لتلاحق العلاقات الإنسانية والأسرية الطبيعية، حتى بات إشعال الحرائق غاية هؤلاء المتطرفين، ولقد دفع الجميع ولا يزال الثمن بسببهم.

إن تعزيز الرجولة في زمن استعراض العضلات والإعضال واجب الوقت، وإن تعزيز الأنوثة في زمن استهداف نون النسوة ضرورة المرحلة، وهو ما قد يأخذ وقتا ولكنه ليس صعبا في وجود أهل العلم ، حتى تعلو الحقائق والحقوق ، وتسير كل العلاقات في ثقة وسلام واطمئنان ووئام.
-------------------------------
بقلم : حسن القباني

مقالات اخرى للكاتب

لن نعيش في جلباب الماضي





اعلان