20 - 04 - 2024

القدس والاقصى والنضال الشعبي

القدس والاقصى والنضال الشعبي

تَعوَّد شعبنا على من يفسد عليه نضاله في قضاياه الاستراتيجية، هذا ما حدث في الانتفاضة الأولى عندما خرجت التيارات الإسلامية وشكلت لها قيادة مستقلة وبرنامج كفاحي اخر، بعيدا عن برنامج القيادة الوطنية، مما أرهق الشعب وحمله فوق طاقاته من تكرار الإضراب وملاحقة الكثير من السكان والتنكيل بهم باسم العمالة، ومنع العمال من الوصول إلى ارزاقهم في إسرائيل، ومعاقبة التجار وتدمير بضاعتهم المستوردة من إسرائيل. أسس هذا السلوك الانشقاقي وما تلاه من ممارسات من هذه التيارات الإسلامية إلى ما نحن فيه من انقسام وتناقض في البرامج وصولا إلى سلخ غزة عن بعدها الوطني ومحاولة اقامة كيان فيها كحل نهائي للمسألة الفلسطينية. 

تكرر هذا السلوك مرة أخرى عندما خطف الادعياء النضال من أجل الرجوع والعودة إلى البلاد واستخدموا دماء الشباب واقدامهم المبتورة في الوصول الأسبوعي إلى السلك من أجل هدف ضيق وغير موضوعي تحت مسمى فك الحصار عن غزة. 

لقد تم تناسي الهدف الرئيسي وتم القفز عنه ولم تفلح كل تلك المحاولات من فك الحصار عن غزة واكتفى هؤلاء بشنط دولارات العمادي وبعض الفسح والرحلات والمكافأت الخاصة، كاهم انجاز بعد مسيرة طويلة من المعاناة تعرضت فيها غزة، بسبب بلالينهم، إلى أكثر من حرب مدمرة. 

والان جاء الدور على القدس والاقصى الذي صلى في ساحاته في الجمعة الأخيرة من رمضان ربع مليون فلسطيني وصلوا إلى قدسهم رغم كل الحواجز وجدار الفصل العنصري وقرارات منع اهل الضفة وغزة من الصلاة في القدس. هل هناك خوف على الأقصى في ظل هذا الاستعداد الجماهيري العالي للدفاع عن الأقصى ومحاولات تهويده وتقسيمه زمانيا ومكانيا. 

أن محاولة الفصائل خطف النضال عن القدس من أيدي الجماهير الفلسطينية والادعاء أن صواريخها وعملياتها العسكرية هي الطريق لحماية القدس هي محاولات مكشوفة يتم فيها استخدام القدس والاقصى من أجل أهداف دول الإقليم الممولة لهذه الفصائل ومن اجل مشاريع لايمكن أن تكون جزءا من المشروع الوطني. هذا إضافة إلى الارباك والخوف غير المبرر الذي تسببه مثل هذه المحاولات لأهل قطاع غزة وتعريضهم لحروب لا طاقة لهم بها. 

أن الطريق لحماية القدس والاقصى لا يمكن الا ان تمر من خلال تحشيد الجماهير الفلسطينية من أجل حماية مقدساتهم ودعم وصول أبناء الدول العربية والاسلامية إلى القدس في زيارات دينية أو سياحية من أجل اعادة الحياة الى أسواق القدس، واضفاء الطابع العربي على المدينة التي تتعرض للتهويد والاستيطان المبرمج ويتعرض أهلها إلى التهجير المتواصل. 

أن التهديد بالصواريخ أو بضرب الكنس اليهودية أو العمليات العسكرية ضد المدنيين داخل اسراىيل وخارجها طريق تم تجريبه سابقا، كما ان نتائجه وانعكساته على النضال الوطني معروفة وواضحة لكل راشد وصاحب عقل، دفع شعبنا بسبب ذلك اثمانا غالية من وراء وصم نضاله الوطني بالارهاب. لذلك فان المثل الشعبي كان صادقا في وصف من يعيد تجريب المجرب؟! 

يجب أن نعود إلى رشدنا ونتوقف عن تحميل شعبنا اثمانا باهضة مقابل أساليب نضالية سبق وأن مارسناها وعرفنا نتائجها. علينا مواصلة النتمسك بالنضال الشعبي والمقاومة الشعبية، الطريق الصحيح لنضال شعب في مثل ظروف شعبنا. 

القدس الأقصى العودة الاستيطان الاسرى يجب أن ننأى بها عن الاستخدام الفصائلي والمناكفة البينية من أجل أهداف رخيصة ونعيدها إلى ألقها كمحددات رئيسية ووقود ومحرك للنضال الوطني الفلسطيني.  

سيبقى النضال الشعبي، البعيد عن ادعاءات التبني من قبل الفصائل، هو الأصدق والاكثر تأثيرا من كل الصواريخ والحروب من أجل صيانة قضايانا الاستراتيجية.
-------------------------------
بقلم: د. رياض عبدالكريم عواد 

مقالات اخرى للكاتب

الحرب على غزة، التضليل المتواصل





اعلان