26 - 04 - 2024

قبل أن تدفع أموالك .. لمن تذهب أموال تبرعات رمضان؟

قبل أن تدفع أموالك .. لمن تذهب أموال تبرعات رمضان؟

- 7 جمعيات تستحوذ على 80 %  ونصف أموال التبرعات في بعض الجمعيات رواتب للعاملين .. ومديرون تصل رواتبهم إلى 70 ألف جنيه
- الجمعيات: لا يوجد إلزام قانوني بالإفصاح عن حصيلة التبرعات، وبنك الطعام المصري: من يعمل عملا خيريا «نظيفا» فلن يخشى من الرقابة.
- مسؤول بإحدى الجمعيات: خصومات الفضائيات في رمضان السبب وراء زيادة الحملات الاعلانية! واقتراح برلماني بإنشاء صندوق موحد لمواجهة بيزنس التبرعات

يبقى موضوع التبرعات - خاصة في رمضان - قضية جدلية شائكة، في هذا التحقيق تحاول "المشهد" فك لغز أين تذهب التبرعات ومن يدفع الملايين التي تصرف على الإعلانات بالقنوات التليفزيونية، ومن المستفيد من تلك الاعلانات وكم تبلغ، وهل أصبحت الجمعيات وسيلة احتيالية لجمع الأموال؟.

 مع كل رمضان؛ حيث موسم تكثيف إعلانات «التبرعات»، تتجدد الحيرة، وتعود لتلح على الأذهان أسئلة بلا إجابات شافية حتى الآن، يتصدرها سؤال رئيسي: لماذا لا تقدم تلك الجمعيات والمستشفيات كشف حساب للجمهور يتضمن حصيلة تبرعاتها وخطة إنفاقها، على الأقل ما وصلها خلال الشهر الكريم، نوعاً من العرفان بالجميل للمتبرعين الذين لبوا النداء من ناحية، وحرصا على مبدأ النزاهة والشفافية من ناحية أخرى؟!.

متى يطمئن المتبرع أن جنيهاته التي استقطعها من دخله المتواضع أملا في إنقاذ حياة مريض، أو سد جوع طفل فقير، لم تضل طريقها لتصب في أرباح وكالات الإعلان؟!، وما الذى يضير تلك المؤسسات «الخيرية» في أن تعلن عن أوجه صرف ما يصلها من تبرعات، ليتبين حجم ما ينفق على نشاطها الخيرى مقارنة بما تنفقه على الأجور والمرتبات والإعلانات، ليقرر بعدها المتبرع الجهة التي سيوجه لها تبرعاته؟.

 وخلال السنوات الماضية، حذر خبراء الأمن، المواطنين من الوقوع في فخ النصب باسم التبرعات الخيرية خلال شهر رمضان المبارك، وحددت العديد من الطرق الاحتيالية التي يستخدمها النصابون للاستيلاء على المواطنين بزعم التبرع والأعمال الخيرية الوهمية.

 وجاءت علي رأس الطرق الاحتيالية  انتحال أشخاص لصفة موظفين بجمعيات خيرية أو شخصيات مجتمعية بارزة والطلب من الجمهور التبرع لأشخاص معينين، توزيع قسائم تبرعات ممهورة باسم مؤسسات حكومية على أنها تنظم حملات خيرية لمواجهة دعم تفشي كورونا، جمع مبالغ مالية على أنها أموال تذهب لمساعدة مستحقيها كأصحاب الهمم والعائلات المتعففة التي ترفض ذكر اسمها وتأثرت اقتصادياً من ارتفاع أسعار السلع وكورونا، و طلب التبرعات لتأسيس مشروع خيري سواء داخل أو خارج الدولة، واستخدام تقارير طبية مزورة أو صور وفيديوهات لأشخاص من أصحاب الهمم أو مرضى ونشرها على وسائل التواصل لجمع أموال الخير.

 وألقت الأجهزة الأمنية بكفر الشيخ القبض على (عاطل، له معلومات جنائية، مقيم بالبحيرة)، لقيامه بالنصب والاحتيال على أحد الأشخاص، واستيلائه على مبلغ مالى منه "على هيئة تبرع" نظير إيهامه بأنه يعمل ضمن فريق إحدى المبادرات الاجتماعية، وبحوزته (66 ورقة خاصة بإحدى المبادرات الاجتماعية كاملة البيانات – مبلغ مالي – كمية من الأوراق سالفة الذكر غير مدون بها بيانات)، وبمواجهته أقر بارتكاب الواقعة لاحتياجه للمال، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية.

 وفي هذا السياق، عممت وزارة الأوقاف منشورا على مديري المديريات وأئمة المساجد بالمحافظات، أكدت فيه عدم السماح بوضع أي صناديق لجمع التبرعات بالمساجد، حيث أكد رئيس القطاع الديني الدكتور هشام عبد العزيز على اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه أي مخالفة في هذا الشأن.

 وقال حسن عادل، خبير قانوني في تصريحات خاصة لـ"المشهد" إن قانون العقوبات وتحديدا في الباب العاشر منه، أوضح العقوبات المقررة لاختلاس الألقاب والوظائف والاتصاف بها بدون حق، ونصت المواد ( من 155 وحتى 159) على عقوبة كل من انتحل صفة الغير، لأى غرض بدعوى النصب أو السرقة أو لإنهاء مصالح خاصة أو الاستيلاء علي الأموال، وتصل للحبس والغرامة

  وأضاف أن المادة 155 من القانون تنص على " كل من تدخل في وظيفة من الوظائف العمومية، ملكية كانت أو عسكرية، من غير أن تكون له صفة رسمية من الحكومة أو إذن منها بذلك، أو أجرى عملا من مقتضيات إحدى هذه الوظائف، يعاقب بالحبس".

 وتنص المادة 156 على " كل من لبس علنية كسوة رسمية بغير أن يكون حائزًا للرتبة التي تخوله ذلك أو حمل علنية العلامة المميزة لعمل أو لوظيفة من غير حق يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة".

سؤال في البرلمان

وكان أحمد إدريس، عضو مجلس النواب، قد تقدم بسؤال برلماني إلى نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي، حول مصير تبرعات المواطنين خلال شهر رمضان، وأوجه مراقبة القائمين عليها ومجالات صرفها، وقال إدريس، في سؤاله، أصبح شهر رمضان المبارك، الموسم الأكثر أهمية وتنافسية للجمعيات الخيرية وصانعي الإعلانات التجارية الذين تسابقوا سعيا إلى تحقيق هدف واحد هو جذب المشاهد وجمع التبرعات، وأصبحت نداءات الجمعيات الخيرية التي تطلب من المشاهدين التبرع جزءا أساسيا من كعكة الإعلانات الرمضانية التي قامت كلها على فكرة واحدة تقول للمشاهدين تبرعوا لإنقاذ الفقراء والمرضى اعتمادا على روحانيات هذا الشهر الكريم وأموال الزكاة تخرج فيه.

وأوضح نائب البرلمان، أن هذه الظاهرة تثير حالة سخط واسعة بين المشاهدين، في ظل إمكانية توجيه هذا الإنفاق الضخم لدعم الفقراء وتمويل المشروعات الصحية، ورغم الأسعار المرتفعة للإعلانات يقبل أصحاب الجمعيات والمؤسسات الخيرية للتنافس على أفضل الأوقات التي يعلنون بها من أجل هدفهم الواحد، وهو جذب المتبرعين إليهم، وهو ما أثار شكوك الكثيرين حول مصداقية وأمانة هذه المؤسسات في جمع واستغلال هذا الكم الكبير من التبرعات.

وتابع، على الرغم من الإقبال الهائل من أهل الخير على التبرع لتلك الأنشطة الخيرية فنحن بدورنا نتساءل: أين تذهب أموال المتبرعين؟ وما مصير تبرعات رمضان؟ وهل تذهب هذه التبرعات إلى مستحقيها الفعليين أم يتم صرفها بعشوائية؟.

وتساءل: ألم يكن من الأولى أن تستفيد الجمعيات الخيرية من تكلفة تلك الحملات الإعلانية لدعم أوجه الخير وصرف تلك الأموال الهائلة في مشروعات حقيقية تسهم في حل أزمة البطالة وتدعم الجهود الاقتصادية للدولة؟، مطالبًا أن تخضع هذه الجمعيات لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات والتضامن الاجتماعي.

وتساءل محمود عبد الغني محام حقوقي خلال حديثه لـ"المشهد" هل تعلن تلك الجمعيات و المؤسسات عن أسعار الأجهزة الطبية التي تقوم بشرائها؟ فمثلًا: يعلنون عن حاجتهم لخمسة أجهزة أشعة بمواصفات كذا وبسعر كذا...ثم يعلنون أن تبرعات الأسبوع كذا بلغت الحد المطلوب ويرسلون للمتبرعين كشفا بكل هذه التفاصيل؟

وقالت مروة عبد الحكم من المشاركات في النشاط الاجتماعي بمحافظة بني سويف، ومقدمة برنامج يوم في الخير على قناة الصحة والجمال، خلال حديثها لـ"المشهد" ما هذا البيزنس الضخم الذي نشاهد إعلاناته كل دقيقتين على القنوات؟.. كم تكلفة تصوير هذه الإعلانات؟ وكم هي تكلفة بث الإعلانات كل دقيقتين؟ وكيف يقبل أهالي الأطفال المرضى أن يتم الإساءة إلى أطفالهم واستغلالهم وإساءة معاملتهم بهذه الصورة في الإعلانات؟.. ومن الذي يدير هذه المنظومة التي تجمع مئات الملايين من أموال المصريين؟ ولا أحد يخرج عليهم يوضح لهم أين ذهبت أموالهم بالتحديد....وكم تم جمعه وما هي التكلفة وأين الفائض...ميزانية مفصلة ؟

والسؤال الصحيح هو: ما هو حجم إنفاق الجمعيات الخيرية في مصر؟

 7 جمعيات فقط من بين 22 ألف مؤسسة تستحوذ على 80 % من أموال التبرعات في مقدمتها رسالة وبنك الطعام ومصر الخير والأورمان. وزارة التضامن لا تدعم سوى 1000 منظمة بـ50 ألف جنيه سنويًا.

 50 % من أموال التبرعات تنفق على رواتب العاملين بالجمعيات.. وبعض المديرين رواتبهم تصل إلى 70 ألف جنيه.. وأقل راتب لمدير بهذه الجمعيات هو 16 ألف جنيه. وحجم التبرعات لا يعلمها سوى أمين الصندوق.. ورجال أعمال وشركات خاصة يمولون حملاتها الإعلانية.

وكان النائبان شريف الورداني وإيناس عبد الحليم قد تقدما العام الماضي بطلب إحاطة واقتراح على الترتيب، تضمنا إنشاء صندوق موحد يتلقى التبرعات الخاصة بالمستشفيات تحديدا، يكون تابعا لرئيس مجلس الوزراء. عندما تواصلنا مع النائب شريف الورداني، كشف عن أنه سيجدد طلبه هذا العام عقب عيد الفطر، وأوضح أن فكرة الصندوق الموحد هي أن تصب كل التبرعات الموجهة للمستشفيات وأماكن العلاج في مكان واحد، بحيث يتم بعدها توزيع الحصيلة بما يتناسب واحتياجات كل جهة، بعكس ما يحدث الآن، وهو احتكار المستشفيات الكبرى القادرة على الإعلان عن نفسها لمعظم التبرعات.

اتفقت معه النائبة إيناس عبد الحليم التي تستنكر تجاهل ما يحدث بشأن إهدار ملايين الجنيهات على الإعلانات التليفزيونية ذات التكلفة الباهظة، وشركات الاتصالات التي تحصل على نسبة من التبرعات التي تتم من خلال أرقام تليفونية تخصصها لهذا الغرض، وتحقق أرباحا كبيرة  من وراء ذلك، بينما لا تستطيع المستشفيات الحكومية والجامعية أن تعلن عن نفسها، وتعانى بشدة من أجل تقديم خدمة طبية جيدة.

حصيلة التبرعات

عندما استطلعنا آراء عدد من القائمين على المؤسسات الخيرية الكبرى بشأن إمكانية تحقيق رغبة «الجمهور» في معرفة حصيلة التبرعات وكيفية إنفاقها، تباينت ردود أفعالهم.

 فلم تر ريهام سالم المتحدث الرسمي لجمعية رسالة أن هناك ما يلزم الجمعية قانونا بنشر أو بث إعلان عن حصيلة التبرعات الواردة إليها، وأنهم ملزمون فقط بتقديم ميزانيتهم السنوية لوزارة التضامن لمراجعتها، واعتمادها وهذا يعد دليلا كافيا على أن الجمعية ملتزمة، وتحسن إدارة الأموال الواردة إليها بلا أي مخالفات.

ومع ذلك فهي تؤكد أن المتبرعين المسجلين في قاعدة بيانات الجمعية يصلهم تقرير شهري عن طريق البريد يتضمن قائمة بمصروفات وإيرادات الجمعية. سألناها: ماذا عن باقي الجمهور الذى ربما تجذبه «شفافية المؤسسة» إن هي أعلنت عن دخلها، للتبرع لها، فأوضحت أن رئيس الجمعية أعلن من قبل في مؤتمر صحفي في يناير 2017 أن ميزانيتها السنوية  تصل لنحو 200 مليون جنيه، وهذا متاح على موقع الجمعية، لكن لا أحد يتابع أو يبحث عن المعلومة، مشيرة إلى أن الميزانية في الوقت الحالي تدور حول نفس الرقم نقصانا أو زيادة.

وترفض ريهام الفكرة السائدة بأن التبرعات تزيد في رمضان قائلة: صحيح أن الإعلانات تبث بكثافة في رمضان وهذا يعود لأسباب تتعلق بمنح المعلنين عروضا وباقات اقتصادية بأسعار أقل عن باقي شهور العام، وبالتالي تسعى المؤسسات للاستفادة منها، إلا أنه في النهاية؛ ليس شرطا أن تزيد التبرعات، فهناك من يثبت المبلغ الذى يتبرع به شهريا للجمعية.

 وأكد الدكتور رضا سكر المدير التنفيذي لبنك الطعام المصري أن مؤسسة بنك الطعام تتيح بالفعل ميزانيتها السنوية على موقعها على الانترنت (بالفعل تحققنا من ذلك وكانت آخر ميزانية منشورة  فائض الإيرادات نحو 183 مليون جنيه) موضحًا أنه بمجرد اعتماد الوزارة للميزانية كل عام يتم تحميلها على الموقع.

أما عن فكرة إعلان الجمعيات لحصيلة تبرعات «رمضان» تحديدا، فهي غير عملية وفقا له فهم يحصلون على ترخيص سنوي بجمع التبرعات وليس لشهر رمضان فقط، وعندما يتم حساب الميزانية من ايرادات ومصروفات، فإنه لا يتم استقطاع شهر رمضان. سألناه عن تفسيره لاشمئزاز المشاهدين من تلك الإعلانات المكثفة بالتبرع خلال الشهر الكريم وبالتالي تلقى رد فعل عكسيا، فكان رده أن الناس لا تستفز سوى من مضامين الاعلانات، وخاصة المتاجرة بآلام الناس وأوجاعهم ومرضهم وفقرهم، مشيرا إلى أن من يظهر في إعلانات بنك الطعام ممثلون «وكومبارس» وليسوا «حالات» حقيقية، اما عن سبب تكثيف الاعلان في رمضان، فهو بدافع اقتصادي بحت، فهو موسم معروف بكثافة المشاهدة، ولابد أن تضمن الجهة المعلنة أن ما ستدفعه في الإعلان سيجلب لها عشرة أضعاف ما أنفقته عليه، وأنها لم تهدر أموالها، وهذا ما تأكدوا منه عندما أعلنوا في أيام عادية خلال العام، مشيرا إلى أن القانون يتيح لهم إنفاق نسبة 20% من ميزانيتهم على المصروفات الإدارية، والتي يدخل ضمنها الإعلانات والأجور والمرتبات، وهذا بخلاف ما قالته متحدثة جمعية رسالة، فإن سكر يؤكد أن 70 % من التبرعات السنوية التي ترد إلى بنك الطعام تكون في رمضان.

ويعترف سكر بأن هناك من يستغل العمل «الخيري» في التربح أو الوجاهة الاجتماعية، وهناك جمعيات تدخلها أموال من الخارج غير مثبتة في أي دفاتر، وبالتالي لاتوجد رقابة عليها، لكن هذا لا يمنع أن مثلث التنمية في أي مجتمع لن يقوم إلا بضلع المجتمع المدني إلى جانب ضلعي الحكومة والقطاع الخاص، والحل هو الرقابة الجيدة. فوزارة التضامن ترسل مفتشيها بشكل دوري إلى الجمعيات وتراجع كشوفات الإيرادات والتبرعات، ويتم فحص الأساليب المتبعة في تشكيل اللجان الفنية وجميع المسائل الإدارية، وإذا ما وجدت أي شبهات لتعيين أقارب أو أصدقاء، أو ترسية مشروعات على جهات بعينها دون معايير، لا تحصل الجمعية على تجديد لترخيص جمع التبرعات.

مع ذلك يطالب سكر بأن تكون هناك جهات أخرى للرقابة على المؤسسات الخيرية كالرقابة الإدارية، فموظفي مديريات وزارة التضامن في المحافظات عددهم غير كاف وفقا لكلامه، وبالتالي قد لا يؤدون مهمتهم على الوجه الأكمل. ويتساءل: «لماذا رفض أصحاب الجمعيات الأهلية القانون 70 لسنة 2017، وهو الذى ينص على إضافة جهات رقابية جديدة إضافة الى وزارة التضامن، ومنها الجهاز المركزي للمحاسبات والرقابة الإدارية وغيرها من الجهات؟!، أعتقد أن من يعمل عملا خيريا «نظيفا» فلن يخشى من الرقابة».

ومن جانب اخر قال محمد عبد الرحمن نائب العضو المنتدب لمؤسسة مصر الخير إن المؤسسة تحاسب نفسها داخليا قبل المحاسبة الرسمية ولديها اثنان من أكبر المراجعين لمراجعة الميزانية قبل تقديمها لوزارة التضامن، لكنه لم يرفض الفكرة: «حتى الان لم تتخذ المؤسسة قرارا بكيفية نشر ميزانيتها سواء على الموقع الإلكتروني أو بعض الصحف مستقبلا، رغم أن القانون لا يلزمنا بفعل ذلك، وإنما هو أمر يخص الجهات الرقابية على مؤسسات المجتمع المدني، وإذا كان المتبرع يثق في الجهة التي يتبرع لها فلن يطلب معرفة قيمة التبرعات وإنما ما تم بقيمة تبرعه،  ولكن لا مانع من إعلان ذلك بدافع الشفافية خاصة فيما يتعلق بأموال الزكاة التي يتم صرفها فورا خلال رمضان في المصارف التي حددها المتبرع بعكس الصدقات التي توزع على مدى العام.

من جهة أخرى؛ فإن التبرعات في العمل التنموي لا تقاس بأنها ضخمة أو ضئيلة، وإنما بكونها تفي بالأهداف المطلوب تحقيقها أم لا بغض النظر عن حجم المبالغ التي تم الحصول عليها من المتبرعين».

ولم يرفض أيمن عبد الموجود رئيس الإدارة المركزية للجمعيات والاتحادات بوزارة التضامن- فكرة إنشاء صندوق موحد للتبرعات، فالوزارة على استعداد لمناقشة أي مقترحات ودراستها من جميع الجوانب ومدى إمكانية التنفيذ بما يحقق المصلحة العامة، لكن ينبغي الاشارة إلى أن المتبرعين يقومون عادة بتوجيه تبرعاتهم الى أغراض محددة بعينها».

سألناه: كيف يطمئن المتبرع بأنه يوجه أمواله لجهة تستحق تبرعه، فكان رده، بأنه يمكنه التحقق من مدى تبعية الجهة للوزارة وحصولها على  ترخيص بجمع المال من عدمه، وذلك عن طريق الاتصال بالوزارة ومديرياتها بالمحافظات للاستفسار عن أي معلومات، من جهة أخرى فإنه يتم الإشراف على أعمال الجمعيات  والمؤسسات الأهلية المسجلة في الوزارة (50 ألفا و854 جمعية)، من خلال المراجعة الدورية، بواسطة الإدارة المركزية في الوزارة للجمعيات المقيدة مركزياً، أما الجمعيات المقيدة على مستوى المحافظات فيتم مراجعتها من خلال مديريات التضامن الاجتماعي، ومن يرغب منها في الحصول على ترخيص لجمع التبرعات، فلابد أولا من التأكد من سلامة موقفها المالي والإداري، وأن تكون نتيجة التفتيش عليها مرضية.

فيما يخص تراخيص جمع المال الصادرة للجمعيات الأهلية، يتابع عبد الموجود: "تتم تصفية هذه التراخيص والتأكد من حصيلة الجمع في نهاية مدة الترخيص مع متابعة صرف الأموال في الغرض المخصصة له".

وقالت ندى محسن جابر رئيس مجلس ادارة جمعية صوت الندى لذوي الاحتياجات الخاصة في تصريحاتها لـ"المشهد": إنه ليس من المعقول ان تأخذ أي جمعية اموال التبرعات وتضعها في اعلانات بمئات الألاف بالقنوات الفضائية ، لأن الذي يتبرع  لجمعية خيرية هدفه في المقام الأول خدمة الفقراء والمرضى وليس الدعاية والاعلانات للجمعية لتكون الأشهر، موضحة أن هذه الافعال تفقد المواطن الثقة في الجمعيات وتجعله يلجأ الى التبرع بنفسه لأحد يثق فيه، بعيدًا عن الجمعيات او يلجأ الى عمل  شنطة رمضان وتوزيعها  بنفسه على من يعرف وهذا بعد فقدان الثقة في الجمعيات بسبب هذه الافعال.

وكانت الرقابة الإدارية قد تلقت بلاغاً من علاء غراب، وهو قيادي بحزب "الوفد"، كشف فيه عن وجود مخالفات في مؤسسة شهيرة لجمع التبرعات، متهماً قيادات المؤسسة بالاستيلاء على 21 مليون جنيه من أموال المؤسسة التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي.

ورصدت الرقابة الإدارية عدة مخالفات مالية وإدارية، منها قيام مسؤول كبير في المؤسسة بإسناد إدارة غالبية الأنشطة والكيانات التابعة لها لزوجاته الأربع. كما تبيّن أن المؤسسة "تتبنى" مشروعات خيرية ليس لها وجود على أرض الواقع وتقوم بالدعاية لها على فضائيات مصرية.

وقال علاء غراب مقدم البلاغ إن هذه الجمعية تدعو المواطنين إلى التبرع لها عن طريق حساباتها البنكية أو بإرسال مندوبين إلى منازل المتبرعين لتحصيل التبرعات بحجة بناء المساجد. وأضاف أنه "خلال سنوات قليلة، ظهرت على أحد قياداتها علامات الثراء الفاحش دون أن يكون هناك مصدر مشروع لذلك. وتبين أن هذا القيادي يمتلك العشرات من السيارات الفارهة باسمه وأسماء زوجاته وعقارات وممتلكات وشقق وشاليهات بأشهر المناطق السياحية بل فندقاً كبيراً أيضاً".

وكشف غراب أن الجهات الرقابية رصدت في نشاط الجمعية مخالفات مالية بقيمة 21.8 مليون جنيه، تمثلت في الادعاء بشراء أجهزة ومستلزمات ومفروشات بدعوى توزيعها على ناس مستحقين وكذلك شراء كمية من النخيل بدعوى زراعته في أرض ملك الجمعية، إلا أنه ثبت بيع غالبية هذه الأشياء لصالح قيادات المؤسسة.

وأضاف أن المستندات المقدمة للجهات الرقابية رصدت الإضرار بنحو 6.266 مليون جنيه من أموال الجمعية تم إنفاقها على نشاط الزراعة وهو ليس من أنشطة وأغراض المؤسسة. كما تم إنفاق نحو 15 مليون جنيه من الأموال على شراء أجهزة ومستلزمات وأغذية، بحسب ما أظهرته المستندات.

وأشار إلى أنه صدر قرار بإحالة هذه القضية إلى النيابة العامة، وإيقاف نشاط المؤسسة لمدة عام، من جانب نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي.
-------------------------------
تحقيق: أحمد صلاح سلمان






اعلان