رحل فتى الشاشة الأسمر عنا ولكنه لم يرحل أبدا منا، الإمبراطور الحقيقي من ظلت أعماله خالدة في الأذهان وبقيت صورته أمامنا، أثبت أنه الأفضل والأكبر والأجدر، ملهم الأجيال وملفت الأنظار، من أخذ الإبداع طريقا له حتي وفاته.
عندما سُئل عنه الممثل الكبير عمر الشريف قال أحمد زكي عبقري ونابغ، هو أفضل وأحسن مني ولكن لم تتوفر له نفس ظروفي ولو كان أتقن اللغة الإنجليزية لحصل على جائزة الأوسكار. وليس هذا مستغربا فقد عاش جميع أدواره وتميز بحسن اختياره لها بالإضافة إلى خفة ظله واحتل قلوب جميع محبين السينما المصرية.
قبل سبعة عشر عاماً بالتحديد رحل صاحب الموهبة العبقرية والاستثنائية التي اتضحت جلية في عدد من أعماله ومنها أيام السادات وناصر 56 وطه حسين.
ولد أحمد زكي متولي عبد الرحمن في مدينة الزقازيق وحصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية قسم تمثيل وإخراج عام 1973 بتقدير امتياز، لقب بالإمبراطور والنمر الأسود وصائد الجوائز.
ظهر لأول مرة على المسرح في مسرحية حمادة ومها عام 1967 كان ذلك أثناء دراسته في المعهد وكان يقلد فيها الفنان محمود المليجي.
ثم كان أول ظهور له على شاشة السينما في فيلم ولدي عام 1972 أمام الفنان فريد شوقي، بالإضافة إلى أنه قام بأول دور بطولة له أمام سعاد حسني في فيلم شفيقة ومتولي عام 1978 ثم قدم بعدها العديد من الأفلام البارزة مثال"البريء، والهروب"، ومع محمد خان في "موعد على العشاء، وأيام السادات".
كما يعتبر أحمد زكي ثالث أكثر الممثلين في قائمة أفضل مئة فيلم مصري عام 1996 حيث كانت له في القائمة حوالي ستة أفلام.
وبخصوص حياته الشخصية جمعت أحمد زكي قصة حب كبيرة بينه وبين الفنانة هالة فؤاد بنت المخرج أحمد فؤاد وأنجبا ابنهما الراحل هيثم أحمد زكي، استمر زواجهما 3 أعوام فقط ثم وقع الطلاق بعدما طلب منها ذكي ترك الفن والتفرغ إلى الحياة الأسرية ما رفضته هالة بشدة حتي اعتزلته.
إلا أن أحمد زكي ظل متأثراً بها بشدة وصرح في لقاء تليفزيوني نادرا له عند سؤاله عن سبب الإنفصال بينهما فقال: "كنت أحلم ببيت وأسرة كبيرة وهالة كانت إنسانة راقية ولطيفة ومهذبة ومثلت معها ووجدتها نموذجًا هائلًا وتوسمت فيها زوجة رائعة اعتقدت أنها لا تحب الفن واكتشفت أنها تعشقه، وبعد الإنجاب قررت هالة أن تعود للفن، فرفضت عودتها للفن وفشلت فى إقناعها وأصبحت عصبيًا معها لدرجة كبيرة، قائلا من الممكن أن يترك الشخص شيئا من كثرة حبه فيه وتعلقه به، انا ابتعدت عنها لانى لم أكن أعرف كيف أعاملها بشكل يليق بها، ده غباء الحب، من الممكن أن نكون نحب بشكل مبالغ فيه، ولكن لا يوجد تفاهم، إنما الحب نفسه في حد ذاته الذي يجمع الاثنين راقي جدا، كنت يتيما ونفسي أخلف 6 أولاد كنت أريد زوجتي أن تكون امرأة جالسة في المنزل، كنت سي السيد، هي حبتني وأنا حبيتها، هي حبت الفن، وقالت هتسيب الفن علشان الارتباط، لكن من داخلها كانت عاشقة للفن، وأنا لم أدرك هذا بغبائي وقلة خبرتي وقتها، ولا هي صرحت به”.
وظل زكي يلقى عليها اللوم بسبب موافقتها على الانفصال منه دون تفكير، وقال: “هي غلطت إنها وافقت، وكان في قلق بينا، ولما حصل حمل بدأت تحس إنها عايزة ترجع الفن، والأسرة لما بتدخل من الطرفين بيدمروا العلاقة، لكن لو سابوا الاثنين يتفاهموا، هيحصل تراضي، كنت عنيفا، وهي مكانتش عايزة تعبر، وحصل خنقة، وده كان غباء الحب، وبعد ما انفصلنا قعدت 4 سنين بتحاول نرجع لبعض، وبدأت تشتغل، وأقول هو لوي دراع وأمر واقع، ندمت بعد كده، إني مرجعتلهاش، وكانت هي ارتبطت واتجوزت، لما حست إن أنا خلاص، ودخلت في علاقة جميلة تانية، مع ممثلة وزميلة رائعة، وحصل نفس القصة، وكانت العلاقة إنسانية جدًا، وحصل غباء الحب، عايز كل حاجة كويسة أوي".
وتقديراً لأعماله العظيمة حصل أحمد زكي على عدة جوائز منها جائزة عن فيلم "طائر على الطريق" في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بالإضافة لجائزة عن فيلم "عيون لا تنام" من جمعية الفيلم وأيضا جائزة عن فيلم "امرأة واحدة لا تكفي" من مهرجان الإسكندرية عام 1989، مروراً بعدة جوائز كان آخرها خلال الاحتفال بمئوية السينما العالمية عام 1996 اختار السينمائيون ستة أفلام قام ببطولتها أو شارك فيها فتي الشاشة الأسمر، وذلك ضمن قائمة أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية.
وبعد رحلة مليئة بالشغف والنجاح توفي أحمد زكي ولكن بقي هنا في الأذهان ولم يغادر أبدا، رحلت جثته في 27 مارس 2005 بعد صراع طويل مع مرض سرطان الرئة ولكن بقيت أعماله خالدة لم تغادر، ولم ينسيه محبيه وعاشقيه، رحل وكان لم ينتهي من استكمال باقي تصوير فيلم حليم الّذي كان آخر أفلامه، وتمّ عرض الفيلم بعد وفاته عام 2006 فيما تردد أنه أصيب بالعمي أواخر أيامه.