19 - 05 - 2025

ثورة ٢٥ يناير المفتري عليها

ثورة ٢٥ يناير المفتري عليها

 كان يوما عظيماً، خالداً من ايام التاريخ، حين انطلقت جموع الشعب المصري يوم ٢٥ يناير عام ٢٠١١، الي شوارع مصر وميادينها، تردد شعارا، جديداً، مختصرا وبليغاً لثورتها، لم يكن شعارا حزبيا، او نخبوياً، بل كان شعارا جماعياً، تلقائياً، كانت تعبر به الملايين عما جار عليها من ظلم، وما وقع عليها من ضيق "عيش. حرية. عدالة اجتماعية"،

ولان هذه الثورة العظيمة، لم يقدر لها، ان تحكم البلاد، فمن حركوها وقاموا بها كانوا ولا يزالون أبعد الناس عن اي مشاركة في الحكم،، مرت بانتكاسات وخيانات، وتلقت العديد من الضربات ولا تزال، فبات من الحقيق في ذكراها الحادية عشر أن نذكر الاجيال ببعض مما حدث وما جري لها وما وقع عليها من افتراء .

 فعقب نجاح الثورة في خلع مبارك بعد 11 يوم من انطلاقها، وفي الوقت الذي كان الثوار يتطلعون مع الشعب، الي تحقيق اهدافها، كان اول افتراء عليها، ان ذهب المجلس العسكري، تسانده جماعة الاخوان في ١٩ مارس من عام ٢٠١١ الي صندوق للاستفتاء علي تعديل ٩ مواد من الدستور ٧١، متجاهلين رغبة الثورة في وضع دستور جديد، خلال مرحلة انتقالية، يتولي خلالها مجلس مدني انتقالي حكم البلاد، فكان هذا الاستفتاء اول غدر وافتراء علي يناير، والمدهش ان المجلس العسكري عاد في نهاية مارس بعد ان اعلن نتيجة الاستفتاء بموافقة الشعب علي تعديل 9 مواد فقط من الدستور، واصدر بالمخالفة الصريحة لذلك إعلانا دستوريا منفردا ضمنه اكثر من ٦٠مادة؟!

وعلي مدا العام 2011، وبينما كانت الثورة مشتعلة في قلوب الشباب، كانت ثاني الصدمات، الدعوة لإجراء انتخابات برلمانية قبل وضع الدستور، وأيضا تحالفت جماعة الإخوان ومن والاهم ضد مسارها، وساروا بها عكس المسار الثوري، ليتموا اتفاقاتهم السرية مع المجلس العسكري، نحو كراسي السلطة، مرددين حينذاك شعارا خادعا "مشاركة، لا مغالبه"، واعدين بعدم الترشح علي منصب رئيس الجمهورية، مستدرجين إليهم بعضا من أفراد النخب من ذوي الأسماء المشهورة، لصناعة تحالف اعلامي ورقي لخوض الانتخابات البرلمانية، وطاوعهم في ذلك الكثيرون، مهرولين خلفهم، نحو كراسي البرلمان. لتظن جماعة الاخوان بعد ذلك حينما استولت وأتباعها علي أغلب مقاعد البرلمان، أنها أنهت الثورة، فكان أن ردوا علي احتجاجات وتظاهرات وتضحيات ثوار يناير بالميادين بمقولتهم الشهيرة "الشرعية للبرلمان، الشرعية مش للميدان" . 

وفي المقابل لم يتحد قادة الحركة الوطنية الثورية الذين برزوا حين ذاك، حول زعيم أو اثنين أو ثلاثه، من بينهم، ليمثلهم ويعبر عنهم ويحقق مطالبهم ومطالب ثورتهم، متجاهلين سنن التاريخ، مثلما حدث علي سبيل المثال في ثورة 1919، حينما التف الجميع حول سعد ورفاقه، بل ما حدث أن هؤلاء انتصروا لأنفسهم، فرادي، ولم يستحضروا دروس التاريخ، وتفرقوا، فتفرقت كلمتهم وذهب تأثيرهم، حتي أننا رأينا العديد من المحسوبين منهم علي الثورة، منافسين لبعضهم البعض في الانتخابات الرئاسية التي اجريت منتصف عام 2012.

 الحديث عما وقع علي ثورة ٢٥ يناير، التي اخطأ الجميع في حقها،، من مكائد وافتراءات يطول، ويتسع، ورغم مرور 11 عاما علي اندلاعها، الا ان حقائق أحداثها وما جري من اتفاقات سرية عليها لايزال قيد الكتمان، ويبقي علينا أن نتدارس دروسها ، في ضوء ما جد، وما كان، لنستلهم  روح هذه الثورة العظيمة، ليكون دافع يدفعنا، نحو تحقيق أحلام وأماني الناس، وفاء لأرواح شهدائها الأبرار، وتضحيات شبابها الجسيمة، لنتطلع معاً دائما إلي غد حر، عادل، كريم علي بلادنا، تحقيقا لشعارها العظيم عيش. حرية. عدالة اجتماعية.

------------------------

بقلم - أسعد هيكل المحامي


مقالات اخرى للكاتب

المتحدث العسكري: سقوط طائرة تدريب بسبب عطل فني واستشهاد طاقمها