10 - 05 - 2025

مؤشرات | نهاية خطأ مقاطعة سوريا

مؤشرات | نهاية خطأ مقاطعة سوريا

كلما أسمع خبرا عن التقارب العربي مع سوريا أشعر بحالة من الطمأنينة، خصوصا أن دمشق قلب من قلوب العروبة النابضة، وأنها خط من خطوط المواجهة مع العدو الصهيوني، والذي سيظل عدوا مهما كان حجم التقارب بين عواصم عربية وتل أبيب.

وعودة سوريا إلى الحضن العربي، أمر تفرضه الضرورة والمصالح العربية، فاتساع حالة الفراق والمقاطعة مع دمشق يصب في صالح إسرائيل أولا واخيرا، وربما تُغذيه الصهيونية، لدعم مصالحها، وتوسيع الهوّة بين الأشقاء العرب، ويقيني أننا ننجر إلى ما تريده إسرائيل ومن ورائها واشنطن، لدعم أي خلاف عربي عربي.

المؤكد اننا ندرك ذلك جيدا ولا يغيب عنا، ولكن إما أننا نغمض العيون عنه، أو نرفع شعار "لا أري لا أسمع لا أتكلم"، ربما بعضه عن عمد، أو عدم حساب مخاطر ذلك، وربما لأسباب أخرى، أن البعض منا يرضي الجالسين في البيت الأبيض، ويتناسي مخاطر عزل سوريا، أو اي بلد عربي، عن محيطها القومي.

ولاشك أن 10 سنوات من الإنقطاع أعتبره خطأ في حسابات السياسة، خصوصا أن دمشق ظلت خلال هذه السنوات تواجه الإرهاب، ومؤامرات دولية استهدفت تفكيك دولة عربية، باتفاق غير معلن بين أعداء الوطن، وربما مشاركة البعض بحالة من الصمت، والدخول في دائرة المقاطعة، فيما ظلت سوريا تواجه وحدها خطر التآمر.

إلا أن مصر "30 يونيو" درست الموقف جيدا، وخرجت من دائرة التأمر على حليف عربي، إنطلاقا من ارتباط بين القاهرة ودمشق على مدى التاريخ، محوره حماية عالمنا العربي من محاولات التمزيق الذي أرجعت وطننا للخلف سنوات.

ولاشك أن مطالبة وزير الخارجية الجزائري الذي تستضيف بلاده القمة العربية، بضرورة عودة مقعد سوريا في الجامعة العربية، لقي ترحيبا من أطراف عديدة، لما يمثله من انفتاح عربي مهم على دمشق وتحريك المياه الراكدة لمناقشات سياسية متعددة، بدأت ثمارها على أرض الواقع.

وجاء إعلان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، مشاركة سوريا في القمة العربية المقرر عقدها في مارس المقبل،  وقوله إن "سوريا من المفروض أن تكون حاضرة في القمة العربية"،وتعهده بأن تكون القمة التي تحتضنها بلاده "جامعة وشاملة وبحضور جميع أعضائها"، مضيفا "سوريا في القمة العربية بالجزائر"- لتضع نقطة مهمة، وحدا لمرحلة انقطاع 10 أعوام، ولتضيف تحركا آخر في أعقاب اتصالات ولقاءات عربية مكثفة عكست جهودا حثيثة باتجاه عودة سوريا للبيت العربي، وهو ما يؤكد أن حديث الرئيس الجزائري، حتما سبقته مشاورات مع قادة عرب.

ونرى أن إعلان أطراف عربية دعم سوريا للتعافي من تداعيات حروب امتدت لأكثر من 10 سنوات، يمثل نفطة تحوّل مهمة جدا، ولدعم الشعب السوري حتى يخرج من الأزمات التي تركتها نيران الإرهاب، والتدخلات الخارجية في الشأن السوري، والذي وصل في بعض مراحله للحرب المباشرة.

وحرصت دمشق على وضع رؤية لاعادة العلاقات مع كل الأطراف، بالتأكيد على ضرورة عودة العلاقات بشكلها الكامل وألا تقتصر على جوانب دون أخرى،وهو ما يعتبر موقفا مبدئيا في الموقف السوري طيلة سنوات من المقاطعة، ولم تنكسر أمامها رغم قوة الضغوط والتي طالت كل ما يمكن القيام به.

استعادة دمشق لموقعها العربي، ستكون خطوة مهمة ورئيسية، لاستعادة قلب عربي نابض، وبلد مهم جدا في العمق العربي، ولتأكيد شراكاتها في مختلف مناقشات القرارات المصيرية لقضايا المنطقة، فقد ظلت سوريا أحد أهم الدول العربية التي راحت ضحية لمخاطر الارهاب وظلت تقاوم حتى اللحظة.

وبقى أن نكون حائط صد لحماية أوطاننا من إرهاب متعدد الأطراف، ومصنوع ضدنا، ولا ننجرف نحو مخاطر يصنعها الأخرون، ونقع فيها، أو ربما نشارك فيها، دون إدراك للمخاطر البعيدة.
--------------------
بقلم: محمود الحضري

من المشهد الأسبوعي



مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | ثقوب مميتة من حادث غاز الواحات والبنزين المغشوش