28 - 03 - 2024

الاستثمار الرياضي.. عندما تتحول "الهواية" إلى الاقتصاد

الاستثمار الرياضي.. عندما تتحول

بعد أن بدأت الرياضة كـ"هواية"، أصبحت الأن أحد أبرز الاقتصادات المنافسة لأنواع التجارة والصناعة حول العالم، حيث تجذب قطاع كبير من رجال الأعمال وأصحاب الأموال، من أجل الاستثمار فيها، وكذلك أصبحت تدر دخلًا وفيرًا للدولة بشكل عام، بل وتساهم في نمو الاقتصاد الوطني.

وتأتي خصخصة الأندية الرياضية، أحد أبرز الاستثمارات في المجال الرياضي، وهو ما تسعى إليه الدول العربية، وينادي الكثير من الخبراء، بتحويل تلك الأندية من مؤسسات حكومية، إلى شركات متخصصة يملكها مستثمرون، وذلك لإحداث نقلة نوعية في المنشآت والألعاب المختلفة، وأيضا الفائدة الأعم على كيان الدولة.

ولعل حرص وإصرار صندوق الاستثمار السعودي، على شراء نادي نيوكاسل الإنجليزي، خلال شهر أكتوبر من العام الحالي 2021، أبرز الأمثلة التي تشير لأهمية الاستثمار الرياضي، ومدى الفوائد العديدة التي يمكن أن تعود على الدول.

- الاستثمار الرياضي

ووفقًا لمجلة "فوربس" الأمريكية، يمثل دخل كرة القدم فى البرازيل 5 في المئة، من إجمالى الدخل، وبلغ حجم صناعة الرياضة فى الصين 1.9 تريليون يوان، ما يوازي 294.1 مليار دولار فى 2016.

ويعمل أكثر من 25 مليون شخص في المجال الرياضي بالصين، بعد أن اتجهت الحكومة إلى الاستثمار الرياضي، وبفضل ضخ مليارات الدولارت، تقوم الأندية الصينية، بشراء أسهم الأندية الكبرى في أوروبا، وكذلك استقدام نجوم الملاعب الأوروبية مثل "الإنجليزي، والإيطالي، والإسباني، وغيرها..".

وبلغت الضرائب المدفوعة على الاستثمارات الرياضية فى الولايات المتحدة عام 2016، نحو 217 مليار دولار، ما يكشف عن أهمية الرياضة في زيادة الدخل القومي.

وقدرت "فوربس"، حجم صناعة الرياضة فى الولايات المتحدة بـ 73.5 مليار دولار في عام 2019، لتتفوق على الكثير من الصناعات التقليدية، وهو ما يجعل اقتصاد الرياضة لدول كثيرة محركاً مهماً للاقتصاد الوطنى.

وفي دراسة أعدتها مؤسسة ديلويت العالمية، كشفت عن إنفاق إمارة دبي ما قيمته 1.7 مليار دولار، على الرياضة عام 2016، بينما بلغت مساهمة الرياضة فى الناتج المحلى بنحو 670 مليون دولار.

- "السعودية جاهزة"

في عام 2016، أعلنت السعودية، عن عهد جديد في كرة القدم السعودية، بتحويل  الأندية الرياضية، المشاركة في بطولة الدوري، إلى شركات بالتزامن مع بيعها.

 وفي 2018، كشفت وثيقة "برنامج التخصيص"، الذي أعلن عنها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية السعودي، أن خصخصة الأندية، ستحقق عوائد حكومية، وخلق فرص عمل.

وكشف رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة السعودية حينها، تركي آل الشيخ، عن وضع خطة لخصخصة 16 ناديا رياضيًا، بهدف جمع مبلغ يتراوح بين 3 إلى 5.6 مليار ريال.

وحسب آل الشيخ، تدعم شركات كبرى أندية سعودية في إتمام صفقات انتقال لاعبين عالميين إلى الدوري. كما وصف الرياضة السعودية بـ"البيئة الخصبة للخصخصة"، حيث أصبحت جاهزة لقدوم الاستثمار، بعد توفير التنظيم والمراقبة.

خطوة نحو المستقبل

وحسب وكيل الهيئة العامة للرياضة للتخطيط والتطوير ورئيس الاتحاد السعودي للرياضة المجتمعية، الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان آل سعود، يدعم الاستثمار الرياضي الناتج الإجمالي المحلي للمملكة بـ1 %، متوقعة أن يصل إلى 8 % خلال 2030.

وفي خطوة للمستقبل، أطلقت المملكة برنامجًا يؤسس لمستقبل العمل الرياضي من خلال تأهيل الشباب أكاديميًا، وتكريس دراسة التخصصات المرتبطة بالرياضة، كأحد أهم الأدوات التي تسهم في تعزيز مكانة المملكة رياضياً على مختلف الأصعدة.

وتضمن البرنامج 14 تخصصاً هي: "الإدارة الرياضية، التسويق الرياضي، الصحافة الرياضية، التدريب والتطوير الرياضي، الطب الرياضي، العلاج الطبيعي الرياضي، علم النفس الرياضي، علم الحركة، العلوم الرياضية، إدارة الأعمال الرياضية، القانون الرياضي، السياسة الرياضية، إدارة المنشآت الرياضية، والتجارة الرياضية".

رابطة الدوري السعودي للمحترفين، نظمت دورات متقدمة في الاستثمار الرياضي بالتعاون مع معهد الأعمال الرياضية SBI، لتطوير الجانب الاستثماري في الأندية، وزيادة مداخيلها، وتنويع واكتشاف مصادر الدخل، وفهم كيفية وآلية تحقيق أعلى إيرادات ممكن لأندية دوري المحترفين.

شركات الأندية

وفي نوفمبر 2019، أعلن عن تأسيس شركة "نادي الهلال الاستثمارية"، ولاحقه شركة "نادي الرياض الاستثمارية"، وستكون أبرز مهامها: إدارة واستثمار وتشغيل وتسويق والانتفاع بجميع علامات النادي التجارية، وكذلك إدارة وتشغيل جميع عقود الرعاية والاستثمار والترخيص والإعلان والتأجير والاستئجار، والحصول على الخدمات أو تقديمها.

اقتصاد دول

"تعد من أهم عناصر اقتصاديات الدول".. وفقًا للمتخصص في الإدارة والاقتصاد الرياضي، الدكتور محمد الجويعد، الذي وصف الخطوات السعودية، الذي يرى أن خصخصة الأندية الرياضية لها أبعاد اقتصادية، حيث تعتمد على زيادة الأمان الاقتصادي، كما تعد الأندية المحترفة مصادر اقتصادية، يمكن أن يكون لها كفاءة أكبر من القطاع الخاص.

يرى مستشار الاستثمار والتسويق الرياضي، خالد الربيعان، أن السبب وراء خسارة الأندية السعودية لمليارات الريالات، كان لغياب منظومة الخصخصة، وهو ما ساهم في خسارة مستحقات النقل التليفزيوني للمباريات، ونسب الإعلانات، وعدم استغلال شعارات الأندية تجاريًا. وكذلك عدم تحقيق الربح من وراء لاعبيها في الدعاية والإعلان، ولا ملابس الفريق، وغيرها.

- خطوات مصرية.. ولكن

"المخصصات المالية التى تتيحها الحكومة للأندية، ومراكز الشباب، لا تتعدى الـ700 مليون جنيه سنويًا، وهى مبالغ لا يمكن أن تحقق التنمية".. بحسب وزير الشباب والرياضة السابق، المهندس خالد عبدالعزيز، الذي أشار إلى إن وجود بنية أساسية قوية للقطاع الرياضي المصري، لن يحدث سوى باستثمار قوي من القطاع الخاص.

ويرى الخبير الاقتصادي الرياضي، سعيد شلبي، أن الاستثمار الرياضي، يزيد من إيرادات المؤسسات الرياضية، وهو ما يخفف العبء عن موازنة الدولة، حيث يخلق فرص توظيف لمئات وقد يصل إلى آلاف الباحثين عن عمل.

مكاسب عديدة

وتعد أوقات انتظار الجماهير في فترة ما قبل نزول اللاعبين لأرض الملعب، أحد المكاسب التي سيكون المستثمر حريصًا على استغلالها لخلق صناعة ترفيهية فى الملاعب ترفع من قيمة منتجه، وتحقق الأرباح.

وحسب شلبي، المستثمر الرياضي، بكل تأكيد سيقوم بتخصيص قاعات لاستضافة الحفلات والمؤتمرات، لزيادة العوائد، كما يمكن استغلال الاستثمار الرياضي، في بيع حقوق البث. وكذلك الحقوق التجارية، وبيع تذاكر المباريات، جميعها أمور تحتاج إلى استثمار إداري ناجح.

ووفقًا لقانون الرياضة المصري، فأنه فتح الباب أمام الاستثمار الرياضي من خلال 9 مواد، لكنه ورقيًا فقط حتى الأن. ويشير إلى حماية الملكية الفكرية والعلامات التجارية، وحقوق البث، وإدراج الأندية فى البورصة، وإنشاء شركات للخدمات الرياضية.

وذكر وزير الشباب والرياضة المصرية، أشرف صبحي، أن الكثير من الشركات تقدمت بطلبات للوزارة منذ فتح المجال أمام القطاع الخاص من أجل الاستثمار الرياضي، وهو ما حقق أرباحًا تقدر بأكثر من 700 مليون جنيه. 

"بيراميدز.. آل الشيخ"

وفي موسم 2018/2019، سعى تركي آل الشيخ، إلى نقل التجربة السعودية إلى مصر، بعد استثماره في نادي بيراميدز المصري، ولكن لم تستمر لأكثر من عام واحد فقط، لكنها كانت كافية، لتثبت "كيف يمكن للاستثمار الرياضي أن يساعد على تطور اللعبة". 

واستطاع جذب الأنظار سواء الإعلامية أو الجماهيرية، حيث احتل الفريق المركز الثالث في الدوري، والمشاركة في البطولات الأفريقية، بخلاف خلق أجواء تنافسية للمسابقة بعد أن كانت مقتصرة على قطبي الكرة المصرية.

ولتكرار التجربة، في مصر والتوسع في مجال الاستثمار الرياضي، رأى الإعلامي السعودي، أحمد الفهيد، أن تأسيس قوانين استثمار عادلة، تحمي حقوق المستثمرين، وتلتزم ببنود العقود، سيكون خطوة للأمام، لجذب المستثمر.






اعلان