24 - 04 - 2024

الدكتور سمير الملا... الفنان والإنسان

الدكتور سمير الملا... الفنان والإنسان

فجعت يوم 6 سبتمبر 2021 بوفاة صديقي العزيز الدكتور سمير الملا أستاذ المخ والأعصاب المشهور، الذي تقابل مع الفنان سيف وصديقي العزيز المرحوم حمدي كيرة في المدرسة الخديوية الثانوية، وصارت صداقة بيننا إلى أن توفي. والدكتور سمير حصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة عين شمس سنة 1964 وعلى دبلوم الجراحة العامة سنة 1967 وعلى زمالة الكلية الملكية بأدنبرا ثم لندن وعمل أستاذاً لجراحة المخ والأعصاب بجامعة عين شمس، كما تولى رئاسة نفس القسم في مستشفى الجامعة التخصصي. 

تعرفت عليه في جلسة مع أصدقاء من كلية الآداب دفعة 64، وكان هو الطبيب الوحيد الذي لم يكن من دفعتنا، ولكن كان صديقاً لسيف عبدالرحمن والمرحوم حمدي كيرة. واتفق العزيز شوقي عبدالقوي أن يجمعنا كل شهر في جلسة حميمية يعقبها عشاء فاخر. ولقد حرمنا من هذا اللقاء بعد وباء كورونا.

هذه الجلسة كان يحضرها كل شهر الفنان فاروق الرشيدي والكاتب المشهور محمد السيد عيد والدكتور العزيز جابر عصفور والمرحوم محسن بركات والدكتور فيصل يونس والدكتور قاسم عبده قاسم رحمه الله، وصديق العمر محمود سلطان ورئيس قسم الإجتماع، الأستاذ المجدد الدكتور أحمد زايد، وصديقنا الدكتور حسن عبد ربه الذي لاقى ربه وكان يقيم في إنجلترا وعند حضوره إلى مصر كان يحضر هذا اللقاء، والدكتور جاب الله رئيس قسم الآثار، والدكتور هليل عالم الآثار، والدكتور العزيز أحمد مرسي، والفنان سيف عبدالرحمن. كل هؤلاء القمم كانوا يجتمعون في هذا اللقاء الشهري وكان سمير الملا بروحه وحضوره المميز ينشر البهجة على الجلسة بطريقته الخاصة، ثم يقابل مرضاه بتحية ورحابة وإنسانية غير مسبوقة، وإذا احتاج أحدهم من الفقراء أدوية أو خلافه يقوم بصرفها ويحول ممن لا يقدر على عمل جراحة من نقوده إلى مستشفي حكومي.

للدكتور الملا في مجال الطب شهرة واسعة، حيث قام بعمليات جراحية في مصر تدرس بجامعات العالم، وإلى جانب ذلك كان فناناً اشترك في 35 مسلسلا من أهمها "دموع في عيون وقحة" و"حساب السنين" سنة 1989 و"رأفت الهجان الجزء الثانى" سنة 1990، "صاحب السعادة" سنة 2014. واشترك في عشرة أفلام أهمها "لاتبك يا حبيب العمر" سنة 1979، "عندما يأتي المساء" سنة 1985، "الرقص مع الشيطان" سنة 1993. 

وفي أواخر أيامه تعرض لمحنة مرضية إلى أن توفاه الله في 6 سبتمبر 2021.. وأعلن وفاته ابنه الدكتور محمد سمير الملا استشاري جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري. 

ومن نصائح الدكتور سمير الملا أن لا يمارس الإنسان 5 سلوكيات خاطئة تؤثر على عمل دماغه وتقلل من كفاءة المخ، وهذه السلوكيات الخاطئة تمت عن دراسة واعية وعلمية، فحذّر الدكتور سمير من انعكاس فترات النوم والإستيقاظ، فكثير من الشباب يسهر طول فترة الليل وينام فترة النهار وهذا عكس طبيعة عمل الدماغ، ففي أثناء الليل يفرز هرمون الميلاتونين الذي يساعد على النوم والاسترخاء وبالتالي يحدث تأثير سلبي على المخ ليلاً ونهاراً. وكذلك عدم تغطية الرأس أثناء النوم والتي تتسبب في زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون التي يتم استنشاقها وبالتالي تقل كفاءة عمل دماغه.

ومن السلوكيات الخاطئة التي نبه إليها الدكتور سمير تعاطي بعض الأدوية دون دواع طبية ودون استشارة الطبيب المختص، خاصة الأدوية المنومة والمهدئة للأعصاب، وبعض أدوية الطاقة والإسترخاء.. فتناول أي أدوية دون داع يقلل من نشاط وعمل الجسم. وكذلك ممارسة الرياضة العنيفة وممارسة بعض التمارين بشكل خاطئ والقيادة المتسرعة التي تتسبب في حدوث ارتجاج المخ. وكذلك الإفراط في تناول الطعام على العشاء وتناول وجبات دسمة في وقت متأخر مما يسبب زيادة كبيرة في كمية الدم المتجهة للمخ مما يؤثر سلباً على الدماغ ويسبب الوخم والأحلام المزعجة. إضافة إلى إهمال الكثيرين لوجبة الإفطار التي تعد أهم وجبه يحتاجها الجسم لإمداده بالطاقة والسعرات اللازمة للحركة والنشاط وإنعاش المخ صباحاً.

و حذّر الدكتور سمير من الإفراط في تناول المنبهات مثل الشاي والقهوة والمياه الغازية الممتلئة بالكافيين، والتي تعمل على تنبيه المخ في أوقات يحتاج فيها الإنسان للراحة والاسترخاء. وكذلك من تدخين السجائر والشيشة والتدخين السلبي مما يزيد من نسبة النيكوتين في الدم والتي تؤثر سلباً على الدورة الدموية المخية. وكذلك إستنشاق الهواء الملوث حيث يؤثر على عمل الدماغ بسبب نقص كمية الأكسجين الناقل وزيادة الكربون.

وفي آخر مداخلة هاتفية أجراها في البرامج التليفزيونية كانت بتاريخ الأول من سبتمبر 2020 عبر برنامج "صباح الخير يا مصر" المذاع على التليفزيون المصري, وأجاب خلالها عن التساؤلات والمخاوف بشأن شريحة (اليون ماسك) ومدى تحكمها في الإنسان. 

هذه نبذه صغيرة عن أهم أعمال الدكتور سمير الملا الذي ساهم بشكل عظيم في إنقاذ آلاف البشر عن طريق علمه وكفاءته، وكانت صداقته مكسبا كبيرا، وكنا نتعلم منه الحكمة والمرح الجميل والعلاقات الإنسانية المتميزة وحبه للبشر وحبه للإنسانية, وطريقة تعامله مع البسطاء. وقد زرته في عيادته الخاصة عدة مرات ورأيت الطبيب الحقيقي الذي يقابل مرضاه ويستمع لكل شكاواهم بتمعن شديد، وكان حريصاً دائماً على أن يخرجوا من عنده وهم مطمئنين على صحتهم إلى حد كبير.

نرجو أن تكرمه الدولة، مثلما تكرم الباقين، لأنه أثّر كثيراً في حياة الكثير من الناس.

أين نقابة الأطباء من تكريم أطبائها العظام؟ هل تتبنى الدولة عمل حفل تكريم كبير لهذا الطبيب العظيم؟ نتمني أن نسمع أخباراً جديدة عن تكريم من لا يتكرر أمثاله في هذه الأيام إلا بصعوبة شديدة. رحم الله الدكتور سمير وتعزية قلبية لابنه الدكتور محمد ولأسرته العزيزة.
----------------------
بقلم: جورج إسحق


مقالات اخرى للكاتب

إستراتيجية حقوق الإنسان وتفعيلها على أرض الواقع





اعلان