27 - 04 - 2024

مدينتي الفاضلة| رايحين المدرسة بالروبوت مع د. طارق شوقي

مدينتي الفاضلة| رايحين المدرسة بالروبوت مع د. طارق شوقي

40 سنة ننادي ونهاتي بالتعليم والصحة أولا، وزير يبكي ووزير يشكو وحشود خريجين أغبى من دابة، ومعلمون إنتماؤهم للتربح!!. 

اليوم أشرق الأمل بتصريح وزير التعليم د. طارق شوقي توقيع إتفاقية تعاون مع ناشيونال جيوجرافيك للتعليم، لوضع مناهج نهاية المرحلة الابتدائية.. إذا تم ذلك يكون هو قائد حرب عبور العلم، وتدمير الدروس الخصوصية، وإنقاذ ميزانية التعليم وتلاميذ مدارس الحكومة.. وإعادة تسليح جيش الطلبة بمناهج تذيب صدأ عقود عن العقل المُفكٍر، وتمنح  قبلة الحياة للخيال الإبداعي صانع الحضارة.. ولنؤجل العتاب لآخر المقال.

أحكي لكم.. سألت حفيدتي (تالتة ابتدائي): تروحي المدرسة بالأتوبيس واللا بالعجلة، ولا مع روبوت (بر/ سمائي) طيران من البيت للحوش في دقائق؟ وتأهبت لمنافسة جموح خيالنا.. لكنها ألقتني أرضا!! خيالي أنا صور فيلما تسجيليا لحفيدتي، عصفورة غافية على الأغصان المتشابكة لشجرة الحياة، يلمسها نور شعاع العلم والمعرفة ويسحبها الخيال للسماء، ترسم أحلى صور مستقبلها.. رأيتها بصحبة روبوت لهلوبة، ذكي متفوق في شتى العلوم والفنون، أمين سر، عبد مطيع، سهل التشغيل والتنويم، وحافظ فوازير- بلاش نكت-، في ندي الصباح تنشر أغانيها وأحلامها لتصل مدرستها بأسئلة جدلية.. يعودها الروبوت بالطعام طازجا في الفسحة، وتختار صحبة أوتوبيس المدرسة في المرواح.. معاركها في البيت للمطالبة بحق برمجة روبوتها بنفسها، لو زهقت تملًيه حل الواجب، وممكن تصحيحه، وإنجاز الأعمال المدرسية والمنزلية السخيفة، من بري الأقلام، تغيير جلاد مقطوع، تدبيس جلدة الكتاب وفرد حروف أوراقه، تنظيف وترتيب الحقيبة والزي للغد.. وبرنامج لإعداد الوجبة المدرسية على مزاجها هي، يعنى حلويات وفاكهة، ومعلقة للرُمًان، وبطاطس محمرة طبيعية ومقرمشة.. وتعطيل دخول ماما الحجرة قبل تغطية الألوان وإزالة كل البُقع.. ورأيتها تطير معه ببالونات عيد ميلادها للمدرسة، ثم رأيتها بالمريلة تتسلم جائزة تصميم أفضل روبوت مدرسي حجما وجمالا واستخداما.

هذه تصوراتي التقليدية كجدة، خيالها هو نتاج المناخ الثقافي للستينيات، حيث تمتعت بملعب مدرستي الابتدائية، جرسها العملاق المهيب، حدائقها، صالة الرسم، وذكاء معلمة تحتفظ بأجمل لوحاتنا على الحوائط للعام التالي، مسرح، غرفة موسيقى مجهزة، وحفلات في جميع المناسبات بالاستعانة بمدربين متخصصين!!

لكن إجابة أمها:- أحب أشوفها رايحة بالعجلة فراشة حرة في الصباح المنعش.. انطلاقه كان نفسي أنا أجرًبها.. لكني أختار الأوتوبيس، أخاف عليها من الطريق، ومن ذكاء سيطرتها على الروبوت.

أما حفيدتي، فاختارت الأوتوبيس بحسم مٌحرَج من جموح خيالي!! أجابتني بأشهر أعذارنا لتحجيمها، "ماذا لو تعطل الروبوت بنا في الهواء"!! وَجَمت.. وتواترت مشاهد من واقعها أظلمت خيالها الإبداعي.. رفض مديرة حسابات مدرستها استخدام الآلة الحاسبة ولو أيام دفع المصاريف!! ورفض تكييف الفصول، وصرامة حفظ  كيان وروح وتقاليد مدرسة عريقة، تصميمها من مئة عام يحقق واجب التربية والرعاية النفسية كأفضل مناخ لتلقي العلم، لكنه تعليم حكومي، ينتهي بمعارك البيوت لحفظ وكتابة الواجبات!!

نحن وأولادنا في مأزق توحش الآلة!! العلم خلق ديناصورات بحجم الكف تراقبنا وتبرمج حياتنا وإرادتنا وتمحو مشاعرنا وإنسانيتنا!! اليوم، الآلة أذكي، أسرع تقديرا للموقف، وطرحا للحلول، واختيارا للقرار ودقة تنفيذه!! تمادينا في تكليفها بإدارة حياتنا وصولا للعمليات الجراحية، والحربية!! اخترعنا الروبوت "عبدا"، طور نفسه وأصبح "سيدا"!! معدل سرعة آدائه عشرة آلاف ضعف عن الانسان! كفاح التعليم والتدريب سنوات، ينجزه الروبوت في يوم بالكتير!! حدائق الشيطان تزدهر وسلاح مواجهته هو التعليم!

نعود لوزيرنا المقاتل د. طارق شوقي.. ألف تحية لتوقيع اتفاقية تطوير مناهج ابتدائي لإنقاذ الطالب والوطن، ولكن!!

أزعجني جدا ياسيدى ختام خبرك المُبشر بمستقبل مٌستحق لوطنى، بقرار منع التصوير داخل كل ما يقع تحت مسمى منشآت تعليمية!! وحظر التصريحات الصحفية إلا من مدير، ودون تجاوز اختصاصاته!! تعمية العيون وسد الأفواه تضاعف الجرائم وتدعمها ياسيدى..لا نحتاج صورة للتدليل على كثافة فصول المدارس الحكومية في المحافظات - 73 تلميذ تقاتلوا على أول تختة فسقط واحد قتيلا في كفر الشيخ -.. ولا منع فيديو سوء سلوك تلميذي القليوبية ضد معلمهم، سوف يخفي تكراره، لا نشر بيان المحافظة ولا قرار فصلهما ولا تشكيل لجنة تحقيق إلا إهدارا سئمناه.. ولا حجب أخبار اعتداءات أولياء الأمور على المعلمين هو تامين لهيبة واحترام هيئة التعليم.. العلاج هو أمر للمحافظات ببناء مدارس حكومية، مجهزة بملاعب وأنشطة فنية، وأمر للشباب والرياضة بفتح مراكزها مجانا لطلبة الحكومة.

أطالب وزيرنا المقاتل الواعي العنيد، بفرض مختلف الأنشطة الرياضية والفنية إجباريا بالمدارس - وفقا للميول- وبدعمها ماديا ورقابيا.. الرياضة والثقافة من أعمدة الانتماء واحترام القانون.. قمع الخيال هو وأد لنعمة الحدس التي تميز الانسان، وترسم مستقبله.. كل الخوف أن يشب أطفالنا نسخا – غير مُعدًلة - منا، عبيدا لآلة تتوحش ذاتيا وتستعبدهم.
-------------------------
بقلم: منى ثابت
 

مقالات اخرى للكاتب

مدينتي الفاضلة | يا نيابة.. عندك نور !!





اعلان