يعد الولاء المعارض oppositional loyalty للعلامات التجارية بمثابة ظاهرة نفسية تجعل متبنيها يحملون آراءً سلبية ومتعارضة حول العلامات التجارية المنافسة؛ بل وإظهار سلوكيات معادية نحوها، فضلًا عن عدم التفكير في تجربة منتجات أي ماركة منافسة وإن كانت أكثر جودة، وعدم التوصية بتجربة منتجات أي ماركة منافسة وإن كانت أكثر جودة!!.
وفي هذه الظاهرة النفسية، يعتبر المستهلك نفسه جزءًا من مجتمع العلامة التجارية، ويشعر أن نجاح العلامة التجارية بمثابة نجاح شخصي له، كما يشعر بالثناء أو الإهانة عندما يتعرض لملاحظات إيجابية /سلبية حول العلامة التجارية، ويصبح شغوفًا بالتعرف علي ما يفكر فيه الآخرون حول علامته التجارية المفضلة، بل نري المستهلك أيضًا يستخدم لفظ "نحن" بدلًا من "هم عندما يتحدث عن مجتمع العلامة التجارية" .
ويرجع ذلك إلي اعتقاد العقل الباطن للمستهلك وجود روابط شخصية بينه وبين العلامة التجارية، وأنالعلامة التجارية التي يتبناها هي الأكثر ملاءمة في تعبيره عن هويته للآخرين، بل أنها تعكس ملامح شخصيته .
وفي الصين رصدت دراسة تم إجراؤها العام الماضي تبني بعض مستهلكي الهواتف الذكية لمفهوم الولاء المعارض كشكل مبالغ فيه من ولاء المستهلك الذي يتبني علامة تجارية معينة، و يتعاون مع ذويه من المعجبين بنفس الماركة، للدفاع عن سمعتها، بل وتبني مواقف عدائية وهجومية علانية نحو المنافسين، وقد يمارسون سلوكيات تصادمية أو غير أخلاقية نحو الماركات المنافسة؛ كالسخرية والاستهزاء المتعمد من متبني الماركات المنافسة؛ خاصة عبر الإنترنت.
ولنتحدث ولا حرج في خضم الرياضة ، وتحديدًا كرة القدم، وما يمارسه الكثير من مشجعي الفرق الرياضية من ولاء عكسي مبالغ فيه، يتم التعبير عنه بأساليب منفّرة تصل لأعلي درجات العدوان والعنصرية التي لا تمت للروح الرياضية بصلة؛ حين يستغرقون في توجيه شتي أنماط السب والإهانة والسخرية من لاعبي الفريق المنافس، ومن ألوان بشرتهم، بل ومن المدينة التي ينتمون إليها؛ في صورة فجة لأقصي درجات التهكم والازدراء والعنصرية.
وبالطبع يكون لمنصات الفضاء الإلكتروني نصيب الأسد من هذا الهراء؛ فتتحول لساحات متأججة من العراك المستميت الذي يتسلح بذخائر السب، والقذف، والإهانة، والسخرية والتنابذ بالألقاب، وغيرها من التصرفات الدخيلة علي مجتمعنا وقيمنا الأخلاقية الأصيلة.
-------------------------
بقلم: د.محمود فوزي