15 - 07 - 2025

صالون زين العابدين فؤاد يرسم" وش مصر" الحقيقي ويحفظ تاريخها

 صالون زين العابدين فؤاد يرسم

- أبحث عن ناشر جاد لنشر مليون صورة من ثورة يناير

- فخور بانني يساري وأناضل مند ٦٠ عاما ضد الظلم والقبح

- بدأت الصالون بنصرحامد أبو زيد للتذكير بضرورة تجديد الفكر الديني وليس الخطاب فقط

- السوشيال ميديا فيها كل تنافضات المجتمع. الرقابة و الحرية ولا بد من توظيفها لصالح التنوير

- لا نحتفي بالأشخاص في الصالون بل بالأفكار الملهمة وقدمت حلقات عن المهمشين والمرأة في تاريخنا

- نقدم حلقة شهرية عن تاريخ مصر ونركز علي التاريخ الوطني الذي يجمع بين السياسي والثقافي

- عروبتي ليست من منطلقات أيديولوجية بل من اللغة التي نبدع بها

رغم أن عمره يتقدم إلى حافة الثمانين فإن زين العابدين فؤاد يرفض مقولة زهير بن أبي سلمي .. "سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولا لا أبالك يسأم".. فشعار زين العابدين: رأيت حلما فدخلت فيه ورأيت الحلم يتحقق فآمنت بأن عمري كله قصيدة نضال.. لا يمكن للمرء أن يسأم او يضجر من الأحلام أو من النضال، فقد ولدنا لنقاوم القبح ونحلم بغد أجمل دائما.

زين العابدين فؤاد يعرفه الجميع بقصائده المدهشة التي غناها الشيخ إمام ورددها جمهور الشارع والميدان وفي تظاهرة الفن ميدان التي انطلقت كفاعلية تجمع بين الفن والثورة وتفرخ عناقيد المبدعين التي لا تنتهي.

فعندما يأتي ذكره يتبادر إلى الذهن عناوين قصائده التي تصلح مفاتيح لفهم شخصيته ومفاتيح أيضا لفهم واقعنا وتاريخنا..

عندما يقول " مين اللي يقدر ساعة يحبس مصر"، نرد فورا "ولا حد".. وعندما يقول "الحرب لسه في اول السكة"، نوسع المدى ولا نقف عند حدود المعارك، بل ندخل معارك التقدم والتنوير والعدالة، وندرك أن خطوتنا لا تزال في أول السكة. وهكذا عشنا معه ورأيناه يحمل كاميرا صغيرة يوثق بها جماهير الثورة من كل أطياف المجتمع وكل الطبقات. وعندما تعرضت صفخته على الفيس بوك للقرصنة، حمدنا الله أنه يحفط في هاردات كبيرة لديه كل صور الثورة التي تزيد علي مليون صورة.

زين الذي عاش تجربة الحبس أكثر من مرة، رفض أن تحبسه الكورونا وقبل بالتباعد الجسدي لكنه قرر التواصل الفكري ودشن صالونا ثقافيا رفيعا، يوثق فيه تاريخ وطن يحلم، ويرسم كما يقول ديوانه الشهير (وش مصر). في هذا الصالون يعالج التاريخ الوطني لمصر والمسكوت عنه في ثقافتنا عبر استضافة متخصصين يناقشون بحرية وبلا قيود كل الأفكار ويتقبلون كل النقد.

هذا حوار به من الإشارات كثير مع الإجابات، فمن يرد الزيادة عليه بزيارة صفحة الشاعر علي الفيس بوك وسيجد كل حلقات الصالون الذي بدأ في أغسطس الماضي ويكاد يكمل عامله الأول.

* لماذا فكرت في عمل صالون ثقافي علي الفيس بوك؟

- فكرة الصالون راودت الكثيرين من الأصدقاء الذين طلبوا مني أن أنظم صالونا كل شهر او كل فترة في أماكن عامة، يذكر بالفن ميدان الذي كنا ننظمه أيام الثورة. ولم أتحمس للفكرة لأني كنت أرى أننا لن نضيف الكثير للصالونات الموجودة والتي ينظمها أفراد وجمعيات، ومنها ما يقدم بالفعل ثقافة رفيعة. لأن الصالونات لم تعد تغري أحدا بالحضور حيث لا يزيد عدد الحضور علي ٣٠ شخصا. وقد عرضت على مكتبات عامة تنظيم صالون شهري .. لكني لم أتحمس كثيرا.

ولكن عندما قررت الكورونا حبسنا في البيوت، تذكرت أيام السجن التي لم نتوقف خلالها عن عمل صحافة وتنظيم ندوات تثقيفية للمسجونين ومنها ندوة البطانية.

* ما هذه الندوة الغريبة؟

- كنا نخرج من الزنزانة في المساء وكل واحد معه بطانية ونفرشها على الأرض في فناء السجن وننظم ندوة ثقافية في الشعر والتاريخ والسياسة وفي كل شيء. وكان يحضرها طبعا المسجونون السياسيون وآخرون. وتذكرت أيضا عملنا في الثورة واختراع تظاهرة (الفن ميدان) الذي قدم للناس الثورة والتاريخ والغناء والمسرح والفن التشكيلي. ثم تأتي الكورونا وتقفل علينا الشوارع وكل شيء، من هنا فكرت في تنظيم الصالون وكنت أفكر في البداية أن يكون شعريا يستضيف الشعراء وأقدم للناس شعراء جددا من العامية والفصحى لكن البداية جاءت مختلفة .

* لماذا بدأت بالمفكر الراحل نصر حامد أبو زيد ؟

- البداية بنصر مهمة لأسباب كثيرة. أولا ترد الاعتبار لهذا المفكر الفذ الذي قدم قراءة عصرية وعقلانية للنص الديني نحتاجها بشدة هذه الأيام ونحتاج النقاش حولها، في ظل انتشار الفكر المتطرف والإرهاب الذي يتسلح بتصورات غبية عن الدين والمجتمع. ولذلك كانت نقطة البداية في الصالون عن مشروع نصر الفكري لنقول أننا صالون للتنوير والعقلانية الفكرية في الدين كما في السياسة.

لم نتكلم عن أعماله. كانت احتفالية نتكلم فيها عن مفكر مصري في وقت ما هو بينضج كان فيه نمو رهيب لفكر آخر. وهذا قدمناه كنموذج للمفكر المستقل الذي يقدم رؤية عقلانية وماذا حدث له، لتكتمل الصورة الصحيحة عنه.

* لماذا حدث لنصر ما حدث برأيك؟ هل هو نمو للتصورات ضيقة الأفق للدين التي أصبح عندها سلطة أن تمنع مفكرا أو تغتاله كما حاولت مع نجيب محفوظ؟ وكيف يمكن وقف هذه السلطة عن الضغط على التفكير الحر؟

- في الماضي القريب كان محمود سعيد يرسم صورا جسدانية بها عري، ولم يعترض أحد. وكان صلاح عبد الصبور يكتب شعرا ثائرا متمردا وبه خروجات مجازيه كبيرة ولم يعترض أحد. وكانت الأغنيات الشعبية تتجاوز قليلا في مازورة المحافظة وتتحدث عن السيجارة والكاس، ولم يعترض أحد. لأن المجتمع وإن كان محافظا ومتدينا فقد كان مجتمعا منفحتا على الدنيا ويعرف الفارق بين الحقيقة والخيال الشعري والفني، ويقدر الفرح بالحياة. كان هذا في الماضي فماذا حدث منذ السبعينات حتي الآن؟ لقد انغلقت النوافذ وصار المجتمع اكثر تشددا فلا يستطيع شاعر في مصر أن يكتب مثلما كتب صلاح عبد الصبور في بداياته المتمردة، ولا ان يرسم فنان كما كان يفعل محمود سعيد. لقد تراجعت مساحات الحرية بسبب ضغط المتشددين دينيا على المجتمع.

ولهذا فإن البداية بنصر أبو زيد وتذكير الناس بما فعله من قراءة الدين بعقلانية والتذكير بالفاتورة القاسية التي دفعها، والتي اضطرته للهجرة القسرية إلى هولندا، مهم للغاية لنحرر أنفسنا من سطوة هؤلاء ونحرر الدين أيضا من التصورات الجامدة، ونعيد العلاقة الجميلة بين المصريين والحياة.

* تتحدث عن سطوة الفكر السلفي المتشدد، ما رأيك في تحول السوشيال ميديا إلى رقيب ديني وأخلاقي وسياسي أيضا على الأفكار؟

- ما تقوله صحيح لكن أيضا السوشيال ميديا فيها مساحات للحرية وتستطيع أن توظفها لصالحك. وقد تعرضت صفحتي لهجوم عندما قدمت قضية سارة حجازي، وفوجئت بذئاب إلكترونية يدخلون صفحتي لا أعرفهم ولم أتعامل معهم. ولكن أيضا يوجد على السوشيال ميديا من يحتفي بالجمال ويقدم نماذج مختلفة في الفكر والإبداع. والسوشيال ميديا على سوءاته أفضل من إعلامنا ولذلك أنا حريص على استخدامها.

* ولكن البداية جعلت الكثيرين يظنون أنكم ستكونون صالونا يساريا يهاجم الدين؟

- أولا لسنا صالونا يساريا، واليسار ليس تهمة بل شرف. كما أن تصور الربط الميكانيكي بين اليسار ومهاجمة الدين دعاية مغرضة لا نقبلها. نحن ضد توظيف الدين لخداع الناس وهذه هي رسالة نصر ورسالتنا. وإذا راجعت ندوات الصالون ستجد أننا احتفينا بيساريين وليبراليين عظام. كما قدمنا احتفالا بمئوية إنشاء تمثال نهضة مصر.

* لماذا؟

هذا التمثال إلى جانب عظمة مختار في اختيار الرمز، فإنه التمثال الذي تضافرت فيه جهود الدولة الشعب في الاحتفاء بثورة ١٩ وقدرتها علي التعبير عن الروح الوطنية المصرية. وتعرف بالطبع قصة التبرعات الشعبية لبناء التمثال. وأنا فخور بتقديم ٣ حلقات من الصالون عن نجيب محفوظ الروائي الفذ وهو بالتأكيد ليس يساريا.

* ولماذا يحتفي اليساريون بنجيب محفوظ ؟

- لأنه كما قال الناقد اليساري الكبير إبراهيم فتحي هو الروائي الذي عبر من خلال رواياته عن الروح المصرية. ولذلك كنت حريصا علي تقديم رؤى جديدة عن نجيب محفوظ. وأتمني من القراء العردة إلى لينك الصالون ومتابعة هذه الحلقات حيث استضقنا وجوها غير تقليدية وغير التي احترقت من كثرة كلامها عن نجيب محفوظ في كل مناسبة. وهذه ليست المناسبة الأولى التي احتفي بها بمحفوظ، فقد نظمت عملا ثقافيا للكتابة عنه من قبل الشعراء والروائيين والنقاد وصدر في ٣ أجزء كاملة في احتفال.

* وماذ قدمتم غير المئويات؟

- بالإضافة إلى الاحتفال بمثقفين كبار مثل ابراهيم فتحي وسعيد الكفراوي الذي كان يعتبر الصالون ابنه، فأنا سعيد للغاية بتقديم نماذج شابة من الإبداع الشعري. وفخور إني قدمت نماذج للجمهور، شباب 20 سنة، يتهجون طريقهم نحو القصيدة. فالصالون ليس منتدى للكبار بل هو ساحة للنضال ضد القبح وضد تكلس الرؤى والزمن.

وكان الصالون الثاني بعد نصر عن الناقد الكبير سيد إمام الذي لم يأخذ حقه في المشهد الثقافي المصري على الرغم مما قدمه من كتب نظرية وتطبيقية وترجمات مدهشة للمكتبة العربية. وجمعت معه ابنه الروائي المبدع طارق إمام صاحب "هدوء القتلة" و"مدينة الحوائط اللانهائية" و"طعم النوم" وكان عنوان الحلقة: الإبداع والنقد تحت سقف واحد، والحمد لله كانت حلقة جيده وحظيت بإعجاب كبير.

ومع الشعر والإبداع قدمت الغناء أيضا في الصالون حيث قدمت قدمت غناء فلسطينيا وتونسيا. وقد قدمت في حلقة غناء من نادي أحباء الشيخ إمام، حيث غنى التوانسة أغنيات الشيخ وعرضناها لنثبت أن النضال المصري بالفن لم يضع هباء، وأن مصر عروبية من دون أن نسقط في الأيديولوجيا.. عروبتنا فن وفننا عربي. ولكي تصل الأمسية قدمنا وقت الصالون ساعة لكي نراعي فروق التوقيت بين القاهرة وتونس.

* من يحدد موضوع الحلقة وهل لديك مجلس أمناء او مستشارين تناقشهم؟

- أنا الذي يحدد موضوع الحلقة وذلك بعد نقاش مع أصدقاء مقربين، فأنت تعرف أنني ديموقرطي. لكن اتخاذ القرار لابد أن يكون فرديا لترتيب العمل، حيث أتولى الإعلان عن الحلقة والاتفاق مسبقا مع الضيوف. فلم يشارك ضيف لم أتواصل معه واتفق معه قبل البث بشهر كامل على الأقل.

* هل تسعى إلى رسم ما يمكن تشبيهه بوصف لمصر عصري وحديث.. "وش مصر"؟

- بالظبط هذه هي رسالة الصالون رسم الوجه الثقافي الحقيقي لمصر

* وكيف تحققها عمليا؟

- السعي لدينا هو توثيق التاريخ المصري الذي نعرفه شهرا بشهر. ففي يناير الماضي قدمنا قراءة عن يناير في تاريخنا المعاصر ودور يناير في ثوراتنا وركزنا على الأحداث الشهيرة في العام ٧٧ والتي اشتهرت بالكعكة الحجرية، ويناير ٢٠١١ التي أعادت مصر إلى تاريخها الثوري، الذي انطلق منذ أكثر من ١٠٠ عام وبالطبع نركز في الصالون على التاريخ الحديث فقط. فلم تعرض لثورات المصريين في العصور القديمة والوسيطة. وفي فبراير كذلك قرأنا أهم تواريخ هذا الشهر وفي مارس وابريل… بحيث يكون لدينا في نهاية العام ١٢ شهرا بتاريخ مصر كله او بتعبير سؤالك (وش مصر) كما يقول ديواني.

الخطوة الثانية اني اخترت بشكل أساسي في الصالون اثنين من المؤرخين المحترمين أولهما الدكتور عماد ابو غازي وزير الثقافة الأسبق والثاني هو الدكتور محمد عفيفي أستاذ التاريخ المعروف والأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، والحائز هذا العام علي جائزة الدولة التقديرية. وهما من جيل بعدي لكي لا يتهمني أحد بأني أنحاز لجيل القدامى.. والاثنان ليسا من اليسار.

* أي نوع من التاريخ ذلك الذي يقدمه الصالون، السياسي أم الثقافي؟

- أنا أفضل تسميته بالتاريخ الوطني بقراءة جديدة. يعني أننا تكلمنا عن ثورة عرابي وأثرها وأخطائها وتكلمنا في حلقتين عن ثورة ١٩ الثورة التي غيرت "وش مصر " للأفضل

عندنا أمران أساسيان في الصالون: الأولى إنه يقدم في حلقة كل خميس مبدعين ويطرح أفكار تنويرية، ويحكي عن سيرة مبدعين. والصالون الخاص أو الصالون داخل الصالون يقدم محاولة توثيق تاريخية للأحداث التي حصلت في مصر وهذا في حلقة شهرية، الخميس الأخير كل شهر

الجزء الثاني اننا نحتفل بناس وإبداعهم "اتعملت حلقة خاصة عن سيد حجاب، واتعملت حلقة خاصة عن سعيد الكفراوي" وهكذا. الآن صار عندي إمكانية أن أعرض صورا فأقدم فنا تشكيليا، فعملت حلقة خاصة عن رسوم الزنزانة، عبر عرض كتاب الفنان التشكيلي والناقد المهم عز الدين نجيب "رسوم الزنزانة ". تكلمنا عن عز وعن تاريخه الفني والنضالي ومن كانوا معه في السجن. وقدمت لوحات من هذ الكتاب يمكن للقاريء الكريم العودة إليها والاستزادة عبر اللينك الخاص بالصالون. هذا إلى جانب تجربة عز الدين نجيب الثرية. وقدمت تجربة فنانة عراقية مقيمة في هولندا هي عفيفة لعيبي، وهى من المبدعات اللاتي فررن من جحيم نظام صدام. وبعد أن درست الفن في موسكو ذهبت إلى إيطاليا ثم هولندا. وهى مبدعة حقيقية، قدمت 80 لوحة من لوحاتها في الصالون. باختصار كما قلت لك قلت الصالون يهدف إلى تقديم صورة للثقافة الحقيقية بكل تنوعها.

* "وش مصر" هل به مساحة للعرب؟

- إيماني الأساسي.. أن مصر عربية وأن العرب ومصر فكرة واحدة. وهذا موقفي مقابل الخطاب الانعزالي الذي عاد مرة أخرى ليطل علينا بعد عصر السادات الذي روج لمقولة أننا فراعنة ولا علاقة لنا بالعرب.

وفي الصالون نؤكد علي مصريتنا وتاريخنا الذي نفخر به لكن بيد ممدودة بالمحبة للعرب، ومنفتحون تماما على العرب باعتبارهم معنا في المركب ذاته. وأنا ضد أي شوفينية.. ولا أنطلق في الفكرة العربية من منطلق القومية العربية، ولكن بمنطق ثقافي هو هذه اللغة التي نتكلمها جميعا و نبدع بها جميعا. ولذلك قدمت شعراء من فلسطين وتونس والعراق وقدمنا غناء فلسطينيا وتونسيا.

* فلسطين بالنسبة لك قصة حياة. هل ما زالت فلسطين هي قلب الفكرة العربية وهى المعيار الحقيقي للنضال وفي المناخ العام في مصر هل ما لا تزال القضية الفلسطينية مطروحة؟

- طبعا هناك حالة من الإبعاد للقضية لأن المناخ العام يتشكل في جزء أساسي منه من الإعلام. عندما يروج الإعلام كذبا أن الفلسطينيين هم الخونة وأنهم باعوا أرضهم لليهود وأنه يتجاهل القضية تماما ويبتعد عن تغطية أحداثها ، فإن ذلك قد يبعد المواطن العربي عن القضية الفلسطينية.

وقد تابعت في الأحداث الأخيرة التي قدم فيها الفلسطينيون جميعا درسا في الصمود، فلم أجد في الفضائيات العربية سوى عدد قليل يتابع الموضوع بجدية واهتمام. هناك تجاهل عمدي لما يحدث في فلسطين وللقضية الفلسطينية في الإعلام العربي.

* ولكن الشعوب لا تزال مهتمة؟

- بالطبع. فقد تابعت تظاهرات في فلسطين ورأيتها ترفع الشعارات التي رفعناها في مصر منذ الستينات لكسر جاجز الخوف، وأظن ان شعارا مثل "علي وعلي الصوت اللي هيهتف مش هيموت،" الذي أطلقناه في العام ١٩٦٨ عندما تراه في تظاهرة فلسطينية بالقدس وغيره من شعاراتنا في التظاهرات المصرية، وعندما ترى الشيخ إمام حاضرا بقوة في تظاهرات شبابنا في فلسطين تعرف أننا نخوض حربا واحدة وقضيتنا واحدة مهما تجاهل الإعلام الأمر.

* يربط الناس بين النضال واليسار هل ما زال هناك تيار يساري في مصر؟

- هل هناك يسار في مصر؟ هل تسألني أنت بالذات هذا السؤال؟! طبعا هناك يسار في مصر.. وهناك يمين في مصر. بمعنى الناس لما كسرت حاجز الخوف كسرت "تابو" الكلام في السياسة الذي كان سائدا منذ ١٩٥٤، عندما ترك الشارع السياسة للأجهزة الرسمية والاتحاد الاشتراكي والحزب الوطني من بعده.

اليوم الناس تقول رأيها.. ومن مجمل الآراء التي تسمعها في الشارع ستجد اليسار موجودا. وأنا لا أتحدث عن تنظيمات إنما أتحدث عن فكر موجود عند الناس. وحلم مشروه بدأ يعود للشارع، وتسألني ألا زلت يساريا.. نعم لا زلت يساريا وفخور بذلك. أنا في صف اليسار الذي يقاوم القبح.

اليسار موجود طالما الفقر موجود، وطالما الظلم موجود، وما دمنا بحاجة إلى تغيير القبح في العالم ، سيبقي اليسار حقيقة واضحة وحلما في الوقت ذاته. اليسار يقاوم بكشف القبح وفضحه في كل المجالات...

الكلام عن العمارة والتشويه المعماري للقاهرة مقاومة و من الممكن أن يأتي مفكر إسلامي مستنير ويقول كلاما في التجديد الديني ويصبح كلامه يساريا بامتياز.. والمشكلة ليست في اليسار بل في التناقضات الصارخة التي صارت موجودة.

* هل يجب أن يبقى المثقف على يسار السلطة؟

- علاقة المثقف بالسلطة علاقة إشكالية. وأنا لا أدعو إلى تكفير سياسي لكل من يقترب من السلطة ولكني أدعو إلى التفكير العقلاني وممارسة النضال ضد القبح. واذا جاءت مقاومة القبح مع اقترابك من السلطة وتوظيف هذا الاقتراب منها سأرحب به ولكني لا اتقرب من السلطة فقد كنت دائما على يسارها ،وشعري كله ليس على يمين السلطة لكن التجربة علمتني ألا أكون سلفيا يساريا، يقضي بنبذ المثقفين الذين يقتربون من السلطة. وعلينا أن نتفحص اقترابهم إن كان للمصلحة العامة ام للاستفادة الشخصية والأخيرة مرفوضة تماما.

* في الشهور التي قدمتم فيها الصالون ارتبط الكلام عن الثورة بالمرأة، لماذا؟ ولماذا ركزتم على دور الرائدة درية شفيق؟

- كانت الاحتفالات إشارات فقط للدور الرئيسي للمرأة في الثورة، والتي مارسته منذ زمن طويل. وقد ظهرت في الحركة النضالية المصرية أسماء رائدات كبيرات مثل لطيفة الزيات وإنجي افلاطون ونوال السعداوي ودرية شفيق. وقد أفردنا لدور المرأة حلقة كاملة في شهر يوليو الجاري. وأعترف بان حلقة واحدة لا تكفي . ولماذا درية شفيق تحديدا من بين الرائدات، ذلك لدورها الريادي الذي لعبته في الخمسينات في حقوق المرأة

لم نتكلم عن شخص درية شفيق، بل عن النموذج الذي قدمته في معارضة السلطة والدفاع عما تؤمن به من حقوق المرأة والسياق التاريخي الذي ظهرت فيه. لأننا لسنا صالونا عن شخصيات، فكل من قدمناهم قدمناهم في سياق التاريخ، وتاريخ الأفكار التي آمنوا بها.

فلما قدمنا مختار مثلا قدمنا كل هذا العصر، وتكلمنا عن وجوده في باريس و عن ثورة 19 و عن علاقته بسعد زغلول، وتمثال النهضة وتمويله. وقدمنا وثيقة قدمها عماد أبو غازى رسالة لمواطن دفع كام مليم ومراته دفعت كام مليم.. ثم نكتشف أن الرجل كان عضوا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي المصري الذي نشأ عام 1924 .

وقد قدمنا حلقة كاملة عن نصال المرأة المصرية في التاريخ الحديث وسنقدم حلقات أخري ولا اريد هنا التوسع في ذكر ما قاله ضيوف الصالون لان ذلك يمكن الرجوع اليه في لينك صفحتي علي الفيس بوك

* في حلقة مارس ركزتم علي على ثورة ١٩ ولكنكم أيضا تناولتم أزمة مارس ٥٤ ؟

- ثورة ١٩ كانت ثورة شعبية عظيمة طلعت من الشارع.. ولكن أزمة مارس ٥٤ أغلقت هذا الشارع، وأغلقت الفضاء العام.

وفي هذه الحلقة من المرات القليلة التي تكلمت كثيرا لأني عاصرت هذا التاريخ ورأيت كيف تمت تصفية الحياة السياسية تماما. ولا زلنا ندفع فاتورة هذه التصفية للآن، رغم انه تم كسر حصارها في تظاهرات ١٩٦٨ بعد النكسة. وقلت إن حل كل النقابات والاتحادات النقابات المهنية والعمالية وتعيين أعضائها كان خطأ كبيرا وأدى إلى عزوف الناس عن السياسة وقدمت إحصائيتين عن نسبة مشاركة طلاب جامعة القاهرة في انتخابات اتحاد الطلاب في سنة 54 قبل القرارات.. كانت 93 % من الطلاب بينما تراجعت نسبة الطلاب الذين شاركوا في أول انتخابات طلابية بالانتخاب عام ٦٤ إلى 7% فقط. وكانت هذه إشارة قوية على بداية إغلاق المجال العام. وبعد تدخل السلطة بكل أشكالها في العمل العام كان هناك مكتب تعرض عليه أسماء المرشحين فيشطب منهم المعارضين. وأذكر أن المكتب رفض ٢٣ مرشحا في تجارة القاهرة فقط في انتخابات ٦٩ .

* هل أنت مع المقولة التي ترى أن ثورة يناير فيها من ثورة ١٩ الكثير ؟

- بالتأكيد.

* ما المشترك بينهما؟

- النقطة الأولى دور المثقفين والفن في الثورتين واضح جدا، ولذلك قلت أن أول من نزل ميدان التحرير كان الشيخ إمام وكل التنويريين الذي لعبوا أدوارا مهمة في حياتنا كانت هناك حاضنة ثقافية كبيرة واسعة موجودة في الشوارع والميادين وثورة ١٩ أبرزت دور العبقري سيد درويش وثورة يناير أبرزت ظاهرة الفن ميدان الذي قدم الغناء والثورة والنضال في تظاهرة لافتة.

هذا على مستوى الفن، لكن النقطة الثانية هي حضور فكرة الوحدة الوطنية، فهناك مشترك مهم بين الثورتين وفكرة العلاقة بين المسلم والمسيحى التى تجلت بشكل كبير عندنا في رمزية الشيخ عماد عفت رحمة الله عليه في مقابل مينا دانيال.

النقطة الثالثة في الثورتين هناك نضج ووعي شعبي في لحظة معينة والثورتان انطلقتا من الشارع، وفي يناير كانت الجماهير تستعيد الصورة البهية الجميله للثورة الأولى التي لم تعشها لكنها عرفتها ودرست سياقها.

والنقطة الرابعة دور المرأة العظيم في الثورتين. فقد عرفت المرأة التحرر مع ثورة وخلعت النساء البرقع العثماني في ثورة ١٩ وفي يناير قادت المرأة الحراك في كثير من تفاصيله في الشارع.

* التجلي الخاص بالفن ميدان اليذ افردت له حلقة في الصالون لماذا لم يتحول إلى عمل مؤسسي؟

- كانت هناك محاولة جادة لتأسيس الفن ميدان. حيث حاولنا عمليا ذلك وذهبنا لتسجيل الفكرة كجمعية غير ربحية، وانتخبنا مجلس إدارة الجمعية ومجلس الإدارة انتخب أعضاء وباقتراح من أحد الزملاء تم اختياري رئيسا لمجلس الإدارة في عام 2012 . وقد أجرنا باسم الجمعية شقة في عابدين لكي يكون لدينا مقر. وكنا نجمع الايجار من تبرعاتنا لشخصية وظل الأمر كذلك لمدة ٦ شهور إلى ان تم رفض طلبنا لتحويل الفن ميدان إلى جمعية أهلية فتوقفنا. كان التوقف او الرفض قرارا أمنيا.

* هل وثقتم كل الحفلات وهل يمكن أن تصدروا فيلما عن هذه التظاهرة المهمة؟

- في أول ابريل اي في عيد ميلاد الفن ميدان احتفلنا به في الصالون وسنقدم حلقات أخرى عن الفن ميدان وعن الفنانين الذي أطلقهم والفرق الفنية في الغناء والمسرح وفرق الاطفال. إنما حكاية الفيلم الوثائقي او الكتاب فهذا جهد فوق طاقتي ولا نملك تمويلا لإصدار كتاب او فيلم. وسنقدم ما لدينا من فيديوهات الفن ميدان في حلقات الصالون ليعرف الشباب ان ثورة يناير افرزت جيلا جديدا في الفن مثلما فعلت ثورة١٩.

* ومتي تفرج عن الصور التي التقطتها لتفاصيل الثورة او تصدرها في كتاب ؟

- أنا مستعد أجمعها في كتاب من بكرة لو أن هناك ناشرا مهتما وجادا بتوثيق ما جرى يقبل نشر مثل هذا الكتاب

* كم صورة لديك للميدان ؟

- لا أعرف على وجه التحديد.. انا عندي 6 هاردات كبيرة حجم كل واحد فيها 2 تيرا أو 4 تيرا مليئة بصور من ميدان التحرير ومن الشوارع والميادين الأخرى في المدن المصرية التي عاشت تفاصيل ثورة يناير وريما يصل عدد الصور إلى مليون صورة للثورة.
--------------------------
حوار محمد حربي

لينك الصالون علي فيس بوك

حلقة المرأة

حلقة نصر حامد أبو زيد

حلقة مايو في حياتنا 

حلقة نجيب محفوظ

تونس تغني للشيخ إمام

حلقة يوليو